تحتضن اناملها كوبا ابيضا كبير تزينه رسمة قلب بسيطة ، تثني قدميها للأعلى اسفل الغطاء ساندة ظهرها على الوسادة خلفها . تتحرك الستارة القريبة وتتمايل مع كل نسمة تعبر النافذة المفتوحة ، بفمها الصغير ارتشفت ندى القهوة من كوبها ثم نظرت حولها تتأمل الغرفة الممتلئة بالاجهزة الطبية ، اخذت نفسا عميقا ثم مسحت بيدها وردة حمراء ضمن باقة زهور موضوعة بجانب سريرها ، اطبقت على شفتها بانزعاج فجأه ، واخفضت رأسها للأسفل حتى سقطت خصلات شعرها الامامية واخفت ملامح وجهها !، كان يتدلى للأسفل بتموج يشبه بحر تقتلع العواصف امواجه !، تذكرت تلك الثواني .. هذا ما جعلها تنقبض وتغرق في في شعور خانق يحبس أنفاسها ، مازالت ذكرى الحادث تطاردها .
ضياء
يقطر العرق من ذقنه وهو يجلس على الكرسي مصغيا لتعليمات مدربه ، يريد استنشاق الهواء واخذ قسط من الراحة ولكن ... لا وقت لأمور ثانوية كهذه ، كاحله متورم بشدة وكحل أخير قد لف على كاحله كيسا من الثلج لعل الألم يذهب حتى لا يعيقه لاحقا ، لا يدري ان كان يجب على التركيز على ألمه المبرح ام على تعليمات مدربه وصراخه وحماسه الظاهر في حركات يديه المفرطة !، أعلنت الصفارة نهاية الاستراحة ، لف ضياء حزام التايكوندو البني على خصرة تحت هتافات الطلاب وتشجعيهم فما يقابلة منافسة من المدرسة الأخرى ، انها بطولة المدارس للتايكوندو والمبارة تقام في مدرسته وبالتحديد في الصالة الرياضية ، الأجواء حماسية والجميع متحمس ويهتف لضياء الذي يدافع عن لقبه للمرة الثالثة على التوالي ...
شروق
تقف عند باب غرفة المدير شابكة يداها بانزعاج منتظرة السماح لها بالدخول ، يبدوا عليها الاستياء الشديد ، طلب المدير منها الدخول ، حيت المدير ثم جلست وقالت بحزم :
_ اريد ان اعرف سبب رفضك للرحلة الميدانية التي اقترحتها يا سيدي ؟!.
ازاح المدير بنظره عن شروق وكأنه يتهرب منها ، نزع نظارته ثم وضعها على مكتبه وهو يتأفف :
_ يا شروق !، مرة أخرى !... الم نتحدث في هذا الموضع سابقا ... ما الذي لم تفهميه عندما قلت لك كلا ، لن اسمح بهذه الرحلة ؟!!. لا استطيع اخراج طلابي من المدرسة لزيارة طالبة من مدرسة أخرى تعرضت لحادث !!.
_ لست افهم ، لا يعني وجودها في مدرسة أخرى ان يكون سببا في تخلينا عن مسؤوليتنا ، من يريد المساعدة يجب ان نقدم له المساعدة كائنا من كان وايا ما كان ، هذا هو التصرف السليم برأيي .
_ اتفق معك يا ابنتي ، ولكن ... متأكد ان مدرستها تكفلت بكل وسائل مساعدتها وأيضا متأكد انهم نظموا رحلات دورية لزيارتها والتطمن عليها ، يجب ان لا نتدخل في أمور الآخرين ، كما ان ميزانية المدرسة لا تسمح بتسير رحلة كهذه .. رحلة الربيع على الأبواب وسوف تستنزف ميزانية المدرسة . انا متأسف ، مازال جوابي كما هو ..
تغيرت ملامح وجه شروق ، نهضت غاضبة ثم قالت :
_ لا بأس ، ان لم تساعدوني فسوف أقوم بالرحلة لوحدي ...
ادم
دق جرس نهاية الحصة ، سمعته إلا انني لم اسمعه !!، نعم كما أقول لكم تماما !، في كل مرة انظر إليها واطيل النظر اقع تحت تأثير تعويذة جميلة خلابة !، كل شيء فيها جميل !، واجمل مافيها عندما تتصرف بعفوية تامة غير مدركة اني اتابع من مكاني السري ( طاولتي العزيزة ) كل تحركاتها بدقة ولا اغفل عن شيء ، ضحكتها ، ابتسامة التوتر عندما تتعرض للإحراج ، تعابيرها الناعمة عندما تكون مركزة على امر ما ، وزمها لشفتيها الورديتان عندما تبحث في حقيبتها عن اغر...
_ ابعد عيناك المقرفتان عنها !!.
_ ها !! ماذا تقولين يا شروق ؟!
_ أقول ، ابعد عيناك المريضتان عن صديقتي ساره .
_ لست انظر اليها !!، كل ما في الامر اني كنت افكر .. وصادف اني كنت انظر بإتجاهها !!.
_ نعم !، صدقتك . انت حقا شخص منحرف !!.
_ بحق الرامن يا شروق !!، لا تنعتيني بالمنحرف مرة أخرى !!.
_ منحرف ، منحرف ، منحرف .
اخذت شروق ساره بعيدا عني ثم بدأت بالتحدث معها ، يبدو انها مستاءة !، شروق ، انها فتاة غريبة الاطوار حقا .. بالطبع لست منحرفا ، انا فقط ، حسنا ، كل مافي الامر اني اقدر الجمال واحب النظر إليه ، هذا ليس انحراف !، انه اشبه بالنظر إلى لوحة فنية بإعجاب ، لم اسمع احد ينعت محبين الفن بالانحراف ؟!!. تبدلت ملامح شروق إلى الفرح فجأة وتهللت اسراريرها اثناء حديثها السري مع ساره !، امسكا بيد بعضهما واخذا يقفزا ببهجة ثم احتضنى بعضهما ؟!!، ما الذي يحدث بينهما يا ترى ؟!!.
انتهى اليوم الدراسي ، ساحة المدرسة مكتظة بالطلاب !، يبدوا ان ضياء قد فاز بالبطولة مرة أخرى !، سحقا لذلك الآلي !، ربما هو يتمرن اثناء نومه أيضا !!، يجب ان أقوم ببعض التمارين ، همم !، لقد أصبحت كمسن هرم ، مجرد سيري للمنزل يصيبني بالاجهاد ، انا اصل المنزل ولساني قد لامس الأرض من التعب !!، اللعنة يجب ان اتخلص من الكسل .
لمحت ساره في الساحة ، اود مرافقتها إلى منزلها ولكنني خائف من الاقتراب منها ، ستظهر المشعوذة من العدم ان اقتربت لساره وتنعتني بالمنحرف امام ساره ...
تقابلت اعيننا ، لوحت لي بيدها من بعيد ثم اقبلت علي مسرعة :
_ ادم .
_ ساره !.
_ اريد ان اطلبك شيئا ؟.
_ تفضلي !.
_ اود منك مرافقتي انا وشروق للمستشفى لزيارة صديقة .
_ كلا !، كلا .. كلا ، لا استطيع مرافقكتم !، انها تكرهني وتنعتني بالمنحرف كل ما رأتني ، انت اكثر من يعلم هذا !!.
_ اعلم ، ولكن ارجوك يا ادم ، المستشفى بعيد وانا خائفة بصراحة ، ساشعر بالأمان ان رافقتني .. ممم ، كما اني قلت لوالدتي انك ستأتي معي لهذا وافقت على ذهابي . ان رفضت الذهاب فلن استطيع مرافقة شروق .
_ قلت لوالدتك اني ذاهب !!!.
_ ظننتك ستوافق ، آسفة .. هيا يا آدم لا تفسد علي الامر !، انا حقا اريد الذهاب مع شروق ، ستكون رحلة ممتعة .
انطلقنا ثلاثتنا متجاوزين بوابة المدرسة وشروق ترمقني بنظرات حقد وكره وانزعاج لم أرى لهن مثيل ، كانت عابسة الوجه تنظر أمامها فقط دون ان تلتفت وكأنها جندي مشاة !!. صادفت ضياء الذي حاول ان يتفادنا فناديته بصوت عال حتى انتبهت له كل من ساره وشروق ، احمر وجه ضياء وبدأ بفرك رأسه بأبتسامة مصطنعة تخفي حرجه الشديد ، هذه اول مرة يلتقي شروق منذ حادثة المقهى ... وبصراحة كنت استمتع بمنظر ضياء وهو يذوب كبوظة من الحرج امامنا . قلت :
_ ضياء يجب ان ترافقنا ؟!
_ كلا !، ف.. في الحقيقة انا مشغول كثيرا كما ترون .
_ كلا ، لست مشغول ، هيا ان لم تذهب فلن اذهب .. في كل مرة تضغط علي للموافقة على طلباتك .. اليوم دوري .
ساره :
_ نعم ، يجب ان تأتي معنا ، ارجوك لا ترفض .
_ ولكن إلى اين انتم ذاهبون .
_ سنذهب لزيارة صديقة لشروق في المستشفى .
حافظت شروق على الصمت التام وتفادت النظر لضياء !.
توقف اربعتنا امام باب غرفة صديقة شروق في المستشفى ، فتحت شروق الباب واذا بندى تجلس على السرير وعيناها تتبعان اشعة الشمس من النافذة وهناك ابتسامة اقسم اني لم أرى اجمل منها على وجهها !!، نادت شروق ندى بلطف ، وعندما رأتنا ندى اتسعت عيناها واحمر وجهها حتى اصبح كحبة طماطم ، وبحركة مضحكة ... رفعت ندى الغطاء وخبأت وجهها خلفه وتكورت على نفسها اسفل الغطاء ونحن ننظر إليها متعجبين !!!.
أنت تقرأ
مراهقة بطعم الحب الأسود !..
Romanceأنا آدم ... طالب في الثانويه وأكره البشر !!. ولولا خوفي من عقاب والدي المخيف لتركت المدرسة فورا وأغلقت باب غرفتي علي ولم اخرج منها أبدا إلا على قبري !!، لست مأساويا ولا انتحاريُّ حزين !!... كلا !... و على العكس تماما !، انا اعشق نفسي