الفصل الرابع
أجلس على الكرسي بجواري ندا التي لم تدع أمراً إلا وتحدثت بشأنه، إنها رقيقه حقاً، تماماً مثلما وصفها لي إيهاب ، تمتلك من الحنان والطيبه ما يجعل كل من يقابلها يذب بها عشقاً ، ارتسمت ابتسامة تلقائيه على شفتاي وأنا أذكر كيف كان يصفها لي ،،
كنا نجلس سوياً في منزلنا أمام شاشة التلفاز في ساعة متأخرة من الليل ، حينها كان والدي خلد للنوم بعد محاولات فاشلة للسهر ، كنت مأخوذة بالفيلم المعروض أتناول حبات الفشار بنهم شديد ، وقال ايهاب بغته وهو ينظر إلي بابتسامته التي يبتسم لها قلبي : تأكلين الفشار تماماً مثلما تتناوله أختي.
قلت مداعبة : حقاً ، وهل لأكل الفشار طقوساً خاصة ؟!
أعتدل في جلسته ، وقال كمن يشرح أمراً هاماً : بالطبع ، فأنت تفعلين تماما مثلماً تفعل ندا ، تتناول في يدها الكثير من حبات الفشار ، وأنا حقاً إلى الآن لا أدري ما الحكمه في ذلك ، طالما الطبق ممتلئ أمامكما ، ثم تضع في فمها ثلاث حبات معاً ، وقبل أن يتم بلعهما يكونا بصحبة الثلاثه الآخرون ، كما لو أنها في تسابق مع الزمن ، تماماً مثلما تفعلين أنتِ الآن ولا تتركين لي مجالاً لأن أتناول ولو القليل .
وكزته بخفة في كتفه ، قائلة باستنكار : هل تقصد بأني بلا ذوق وأتناول الكثير من الطعام ؟
هز رأسه بشدة مؤيداً : أي نعم .
ضربت رأسه بأقرب وسادة التقتتها يداي ، بينما كان يحاول التقاط انفاسه من الضحك ، وأخذ منى الوسادة بقوه وقال : لا تغضبي لم أقصد أن أقول هذا بالطبع .
قلت مصطنعه الغضب : تقصد ماذا إذا ؟
قال وابتسامته الواسعه تزين وجهه : أنا فقط شبهتك بأختى ، ولا أقصد أنك تشبهينها في حب الطعام فقط ، بل أني دائماً ما أشعر بأنك تحملين من الحنان والطيبه ما يجعلنى أتذكرها لدي رؤيتك .
علقت بشئ من الزهو : وهل هناك من يمتلك حناناً مثلي ؟!
ضحك ملئ شدقيه على طريقتى المسرحية في طرح السؤال ، ثم أجاب بعينين لامعتين : نعم ، انها مثلك تماماً
تمتلك من الحنان والطيبه ما يجعل كل من يقابلها يذب بها عشقاً ، تماما مثلما ذبت أنا في عشقك..
اشتعلت وجنتاي بنار الخجل ، وابعدت عينى سريعاً ، وأنا أسمع دقات قلبي المتراقصه في أذني ، ليكمل قائلاً : بكل تأكيد ستلتقيا عما قريب ، وسأكون سعيداً جداً في هذا اليوم ، حين أرى أختى وزوجتى أجمل امرأتان في عالمى معاً ..
كان يقولها بثقه ، والتقتها منه بثقة مماثلة ، لم أكن أدرى حينها بأننا سنكون معاً ،ولكن ليس مثلما قال ، أنا الآن معها يا ايهاب ولكن لست زوجتك ، أنا مجرد طائر جريح العشق ، ينزف جرحه دون أين يجد من يداويه ،،
*********************
كانت ندا تحاول جاهدة أن تثيرنى بأي طريقه ، لينطق لساني ولو بكلمه واحدة ، فكانت تسألنى تارة عن وفاة والدتي في صغرى ، وتتحدث عن نفسها تارة ثم تأخذ رأيي فيما فعلته يوماً ما ، لم أكن أريد أن أكون فظة معهاً ، وبخاصة وهى لا تستحق من المعامله سوى أجملها ، ولكننى لم أقدر حتى على ابعاد شفتاي عن بعضهما ، فقد تيبس جسدي بأكمله وتسمر مكانه ، وبينما كانت تحاول ندا فتح أى محال للحوار بيننا ، دلفت الخادمة وبيدها صينيه الطعام
لتضعه على المنضدة أمامى ، وأنا أتابعها بعيناى ،
وبداخلى يضحك ساخراً ، هل حقاً ما ينقصنى هو الطعام !
طلبت منها ندا الذهاب والعودة بعد دقائق أكون حينها أنهيت حاجتى من الطعام ، ما لم تكن تستوعبه ندا حقاً هو كون لست بحاجة إلي أية غذاء لبدني ، ما أحتاجه حقاً هو غذاء وعلاج لروحى السقيمة ،، دفعت بالطعام نحوى وهى تطلب منى أن أشرع في تناوله ، نظرت إليها بعيناي وحركت رأسي علامة الرفض ، قالت بشئ من الاصرار : لا يجب أن تتناولى أي شئ ، انظرى الي وجهك لقد أصبح ذابلاً .
انهت جملتها وهى تضع بفمى بعض القيمات ، تماماً مثلما تفعل الأم مع ابنها العنيد ، ولكن ما إن وضعت الطعام بفمى ، حتى شعرت به ثقلاً أثقل لسانى ،وأعجز أسنانى عن الحركة ، تطلب منى الأمر كثيراً من القوة لأمضغ تلك اللقيمه ، وبعد معانه تم مضغها ، وها هى تبدأ رحلة القذف بها الي المرئ ، شعرت بها كالغصه وقفت في حلقى تأبي الانزلاق ، مددت يدي المرتجفه نحو كوب الماء تحت أنظار ندا القلقه ، وارتشفت قليلاً من الماء ليزيحها وتنزلق بألم ، فكانت مثل الأشواك التي تترك إثرها جروحاً مؤلمة ، نظرت بعينى التي لا أذكر متى كانت خالية من الدموع نحو ندا فكانت تنظر إلى فى توجس ، وأردت أن أطمئنها واخبرها بأنني لن أستطيع تناول المزيد ، فتحت شفتاى استعداداً للحديث ولكن ،، شعرت بصوتى يتحشرج في حنجرتى ، حاولت ثانيه
واذا به يأبي الخروج ، نظرت إليها مصدومة ، وجدتها تمحلق في وفى عينيها نظرة محفزة تشجعنى على الكلام ،، حاولت محدداً ولكن هيهات ،،
*****************
" صدمة عصبية جعلتها غير قادرة على الكلام مؤقتاً "
كانت تلك الجملة التي شخص بها الطبيب حالتى ، قبل أن يغادر بلا أدني اهتمام أو تأثر كما لو كان يري الكثير ممن يعانون مثلي ، لكنه بلا شك لا يدرك ما يموج في صدورنا من آهات ، كنت ملقاة على فراشي بلا حركة وكأنني جثة هامدة بلا روح أو حياة ، تجلس ندا بجوارى باكية على حالى، وإلي جوارها نجوى التي كانت تحمل بعينيها حنان أم لابنتها ، دخل عمى الغرفة بعدما قام بتوصيل الطبيب الي الخارج ، توجه إليّ بالحديث وهو يجلس بجوارى : لا تقلقى عزيزتى ، ستصبحين بخير وتعاودين الحديث مرة أخرى ..
تلقيت مواساته بصمت دون أن يرمش لي جفن ، بينما شهقت ندا وهى تسأله : ألا يوجد شئ يا أبي لنفعله ؟! لا يجب أن نظل صامتين هكذا ..
ربتت نجوى على كتفها ، وبصوت منكسر قالت : كل مابسوعنا فعله هو وقوفنا بجوارها ، والعمل على إخراجها مما هى فيه .
لتنظر إلي ندا بعيونها التي تحول بياضها الي الحمرة ، ومسحت برقة على شعرى وقالت بحنان : يجب أن تكونى أقوى يا ملك ، فإن لم يكن لأجلك فلأجلى إذا .
يالتلك الفتاة الرائعه ! كيف لها ان تكون بكل هذا الحنان ! وتلك الكمية الهائلة من الطيبة !
أتدري يا ندا ، لم يبالغ إيهاب أبداً في وصفك ، بل إنه حتى لم يعطيكِ ما تستحقى ، يؤلمنى نقائك الذي يجعلك تتألمين لأجلي ، ويعذبني صفاء روحك التي تجعلك تعانين بسببي ، كيف لكِ أن تكونى بكل هذا الجمال ! صدقيني جميلة مثلك لا يجب لها أن تتعذب لأحد ،، ما يؤسف حقاً هو كونكِ تعانين فقط لجمالك الداخلى ليس إلا ..
رحل عمى ليدبر شئون عمله في المزرعه بعدما إطمأن عليّ وتركنى في صحبة نجوى وندا ، ظلا بجوارى يفتعلان من الأحاديث أصغرها في محاوله لكسر تعابير وجههى الجامدة ، وبالرغم من ثرثرتهما في كافة الأمور إلا أننى لاحظت ابتعادهما في أحاديثهما عن ايهاب كل البعد ، لابد وأنهما يظنان بأنى لا أريد سماع أي شئ عنه ، ما لا يعرفانه حقاً هو كونى أتوق لمعرفة كل شئ حدث معه بدونى ، أريد سماع كيفيه خطبته لتلك الحمقاء التي تدعي سارة ، أريد أن أعرف هل هو من طلب الزواج منها ؟ أم أنهم من أجبروه على هذا ؟
مابالكِ ياندا ؟! أتسخرين من نفسكِ أم ماذا ؟! تعلمين جيداً أن ما من أحد يمكن له بأن يجبر إيهاب على أيما شئ
حتى أنتِ لم تستطيعى في أي وقت مضى ردعه عن شئ يريده ، أو إجباره علي فعل مالايرده ،، هو عنيد وأنت أكثر من يعلم هذا ، فلمَ إذاً تتسائلين إن كان قد أجبره أحد على الزواج بها ، رغم كونكِ توقنين بالإجابة ؟
أم أنك تريدين أن تبحثى عن عذر له ، تردين أن تثبتي لنفسك أنه كان ومازال يحبك ؟
انتشلتنى من شرودى وخزة خفيفة في ذراعى ادركت أنها إبرة ذلك المحلول الذي وضعه لي الطبيب ،يحمل إلي جسدي من الغذاء ما يجعلنى أبقى على قيد الحياة ، كانت نجوى تنتزعها بعدما أفرغ ما فيه داخل جسدي ، نظرت إليها بامتنان ، فابتسمت لي بود وكأنها فهمت أنى أود شكرها على ماتقدمه لي من حنان ، اقتربت منى ثم وضعت قبلة على رأسي اقشعر لها بدني دون سبب واضح ، ثم قالت : سأترككِ قليلاً مع ندا ، واذهب لألقى نظرة على شئون المزرعه ، وسأعود اليك مجدداً ياعزيزتي .
هززت رأسي ، وحاولت أن ابتسم لها بعيناى فغادرت وهى تلقي لندا بعضاً من التوجيهات ، وتحذرها من أن تنسي دوائي .
غادرت وتركتنى بصحبة ندا ، التي لم تتوان عن فعل ما بوسعها لتسليتى وحسب ، كانت تقص لي كل شئ عن عالمها ، ودراستها الجامعيه ،وصديقاتها ، ونشاطاتها ، وموهبتها في الرسم ، ووعدتني بأن ترسمنى في يومِ من الأيام قائلة : لا بد وأن أرسم وجهك الرائع هذا ، ولكن يجب أن أرى البسمة تزينه أولاً قبل أن أبدأ في رسمه ، أما غير هذا فلا ..
قالت جملتها بطريقه طفوليه ، فتسللت ابتسامة خفيفة إلي ثغرى وأنا أراقبها وهى تتحدث إلي بحب ، وكأنها كانت تعرفنى منذ زمن أزلي ، أنت حقاً محظوظ يا إيهاب على امتلاكك أخت مثل ندا في صفاتها الملائكيه تلك .
شعرت بانهاك شديد ، وتعب ينتشي باوصالي ، فأغمض عينى جلباً لبعض من الراحة المزيفه لجسدي ، كانت كل ذرة بجسدي تتألم في صمت ، وذلك الألم في رأسي يتزايد شيئاً فشيئاً ، وكأنه أقسم على تمزيق شرايين رأسي إرباً إرباً ، لم أشعر بشئ ، فقط بالألم ، وكأن حواسي توقفت عن عملها إلا من استقبال الألم كضيف ثقيل لا أدري متى يرحل ؟
ولم أشعر حتى بندا ، لم أكن أدرى ان كانت ماتزال جالسة بعد أم رحلت ؟
كل ما أفعله هو إغلاق جفنىّ ، والاستسلام للألم الذي يتفشى بجسدي بلا توقف ،، تنبهت حواسي فجأة
وأنا أسمع ذلك الصوت الباكى الذي لم يفارق سمعى حين كنت بغيبوبتى ، ونفس النبرة الحزينه المصحوبة بكلمات حزن لم أستطع تميزها ، انتفض جسدي حين شعرت بدموع ساخنه تنساب على وجنتاي في مرارة ، لأفتح عينى واتنفض حين أجد وجهه على بعد سنتيمترات من وجههى ، ويدي يتم اعتصارها بين كفيه ، اعتدلت في فراشي وأنا أنظر إليه مشدوهة ، وأكاد أجزم أن فكى السفلى كاد ينخلع من مكانه ، هل أحلم أم أن ايهاب بالفعل يجلس الآن أمامى ويبكي بشدة كما لم أره يبكى من قبل ؟!
***************************
تطلب الأمر منى دقائق لاستوعب بأنه يجلس أمامى بالفعل ، وآثار البكاء على وجهه ، امسك بكفى بين راحتيه وقربها بحنان نحو ثغره وطبع عليه قبلة حانية حملت من المشاعر ما جعلت أطرافي ترتعد ، وانفاسي تضطرب ، وقلبي يدق بجنون حتى كاد ينخلع من بين أضلعي ، قال بصوت باكى جعل قلبي يبكى معه : أرجوكِ كونى أقوى من هذا ، عودي ملك المرحة المنطلقه ، لا تزيدينى عذاباً وأنا أراك هذا .
دق قلبي بعنف ، وتدافعت أدمعى بجنون ، وتسارعت انفسي مما جعل صدري يعلو ويهبط بشدة ، وقلت بصوت غير صوتى : هل أنت من كنت تجلس بحوارى في المشفى ، حين كنت بالغيبوبة ؟!
نظر إليّ بعيون منكسرة ، وأجاب بصوت يشوبه البكاء : لم أترككِ لحظة واحدة ، رحلت فقط حين ظهر عليكِ بوادر الشفاء ، حينها خشيت مواجهتك ، فرحلت .
سألته بصوت مرتعد ، وأنا أنظر إليه بترقب وخوف : هل مازلت تحبنى ؟؟
أمسك وجهى بين كفيه ، ومسح دموعى بسرعه ، وقال بلهفة من يخشي ضياع شئ مهم منه : لم أتوقف عن حبك يوماً لتطرحى لي هذا السؤال ، أنا أحبك بكل جروحى وحواسي
أنتِ ملاكى يا ملك ، أنتِ من أحيا بعشقها ، صدقينى لا تكفى كلمات العالم أجمع لكى أصف لكِ مدى حبي وولعي بكِ .
أجهشت بالبكاء ، وعلا صوت نحيبي ، اهتزت كل ذره بجسدي وأنا أجد نفسي مطوقه بذراعيك القويتين ، ازدت تكوراً بين أضلعك ، تمنيت لو أشق صدرك وأختبئ داخله ، أو أظل هكذا بين ذراعيك مدى الحياة ، لا أحتاج لشئ آخر
هذا كل ما اتمنى ، أن أظل تحت عرش مملكتك .
لا أدري كم مر من الوقت على حالتنا تلك ، وأنا أبكى بين ذراعيك ، ربما دقائق أو ساعات ، أم إنها أياماً
أو سنيناً أو حتى دهوراً ،، حقاً لا أعلم .
ظللنا هكذا مدة لست قادرة على تحديدها ، ما أقدر حقاً على تحديده هو أننى كنت كالقطه المشردة التي ما إن وجدت ملجأ لها ، تشبثت به بكل ما أوتيت من قوة ، فكنت أنت يا إيهاب ملجأي ووطنى ، وملاذي الوحيد الذي أشعر فيه بالأمان .
توقفت عن البكاء، وساد الصمت إلا من صوت دقات قلبك المتسارعه ، وأصوات أنفاثك اللاهثه ، لم أرد ان أتحرك من فوق صدرك الآمن إلا لكى أنظر لعينيك وأنهل من بحورهما مزيداً من الأمان ، وبعد لحظة صمت قطعتها أنا متسائلة : وماذا عن سارة ؟!
لمحت بعيناك دهشة مفاجئة ، وقلت وأنت تحاول إخفاء توترك : لا افهم ماذا تعنين ؟
حاولت تمالك نفسي ، وأنا أجيب : ألم تقل بأنك تحبني قيل قليل ؟!
أجاب على الفور : طبعاً .
- إذا وماذا عن سارة ؟ أم أنك تحبها أيضاً ؟
توجع قلبي وأنت تغمض عيناك ، وتشحذ نفساً من صدرك ، أدركت حينها بأنك لست على استعداد بالتخلي عنها ، فأنا أعرفك يا إيهاب حق المعرفه ، فلو كنت تريد البقاء معى مقابل التخلي عنها لأجبت دون تردد ، لكنك فكرت قبل أن تقول : لا ياملك ، أنا لا أحب غيرك ، وأنا على يقين بأنك تعلمين هذا
ولكن حبى لكِ لا يعطينى الحق في جرح قلب فتاة غيرك ، وخصوصاً إذا كانت تحبني بإخلاص مثل سارة .
صرخت بصوت متقطع من البكاء : أنت محق فعلاً ، فحبك لي يعطيك الحق في أن تجرحنى أنا ، وتمزق قلبي تحت قدميك ، فلا يهم ما يهم حقاً هو أن تحافظ على مشاعرها هى ، حبك لي يعطيك الحق في كسري دون حتى أن تلتفت لتطمئن علىّ ...
وضعت يدك علي فمى لتمنعنى من مواصله الحديث وقلت : لا ، أنا لم أقل هذا ، وعليكِ أن تفهمى وتدركى جيداً بأننى أيضاً أتألم لبعدي عنكِ ..
- حسناً إذن ، إذا كان كلانا يتألم في بعده عن الآخر ، لمَ لا نكون سوياً فحسب ؟!
انتفض جسدي وأنا أراك تقف من أمامى بعصبيه شديده ، وتولينى ظهرك ، وتصرخ قائلاً : هل تظنين حقاً أن الأمر بتلك السهوله التي تتحدثين بها ؟! أنت تتحدثين عن قلب ثالث سيحطم دون أدني ذنب ، سوى كونه من أخترته في لحظة غضب وحزن منى ليكن بجانبي - التفت الي بحدة وأكملت والدموع تتراقص بين مقلتيك - لا يمكننى أبداً أن اتخلى عنها ، وأحملها ذنب خطأ أقترفته أنا .
انهيت حديثك وانت تنظر لي نظرة رجاء لا أفهم ماذا كنت تعنى بها ، هل حقاً ترجو منى أن أوافق على وجودك مع غيرى ؟ ما هذا الهراء ؟ أتعلم أمراً أنى أقبل بكونك تصبح رماداً ولكن لا أقبل بإمرأة غيري معك .
وقف كلانا ينظر للآخر دون كلمه واحدة ، نظرت إليك بألم
وقد أدركت أنه مهما حدث ، وبرغم حبك لي ، فلن تتركها وتكون معى ، أدركت حينها أن الكلمات في هذا الموقف لن تجدي بشئ ، بل ستحطم ماتبقى من كبريئاي ، وتترك مزيداً من الجروح والكدمات بروحى السقيمه ، ظللنا علي حالتنا تلك من الصمت الا أن قطع صوتنا طرقات على الباب ، تبعها ظهور تلك الحمقاء من خلفه ، ألهب ظهورها في قلبي نيران الحقد والغضب ، تمنيت لو كنت على مايرام لأمسك بشعرها الأشقر هذا ورميتها من النافذة لأتخلص منها إلي الأبد .
ألقت علينا التحيه ، وقالت لي بابتسامة كريهة : ألف لابأس عليكِ ، جئت للإطمئنان على حالتك .
بالرغم من عودة صوتى إلي ، إلا أننى تظاهرت بعدم القدرة على الحديث ، وكان هذا أفضل ما قمت به ، فلو أننى أجبت عليها لكنت ألقيت عليها وابل من الشتيمه واللعنات اللتي أعرفها وغيرها مما لا أعرفه ،، وبعدما لم تجد منى رد توجهت ببصرها إلي إيهاب الواقف أمام فراشي ، ينظر إلي بعينين جامدتين ، وقالت : إيهاب كنت أريدك في أمر ما .
أنت تقرأ
الوهم.... للكاتبة أميرة زقزوق
Romantizmجميع الحقوق محفوظة للكاتبة ممنوع النقل والاقتباس ******** تحرك برأسه مرة أخرى نحو السماء، ثم أردف وصفه لها : إنى أراها صافية تماماً مثلك . ثم نظر إلي بغته ، لأجد يقلبي يقع بين قدمى ، ووجنتاي تشتعلان خجلاً ، في حين تظاهرت بالتماسك لأترك له المجال...