١٢

189 24 0
                                    


(حِكْمَة وَتَدبِيرُ إلهي)
التقت ليال بفاطمة في بداية اليوم ولاحظت الأخيرة بأن ليال
ليست على ما يرام فسألتها :
ماذا بكِ عزيزتي ليال ؛ وجهكِ شاحب وشكلك حزين ؛ ما
الأمر ؟
خجلت ليال من اخبار فآطمة عن حديثها مع والديها يوم أمس
فكتمت الأمر ولم تقل شيئاً .
نظرت فآطمة لها وكانت تريد اضحاكها قليلاً فقالت : ارفعي
رأسك أريد أن أرى مطر عيونك الزرقاء ؛ إن السماء فيهما.
لكن بلا جدوى ؛ بقيت ليال جالسة ومطرقة الرأس ؛ تقربت
منها فآطمة وجثت على ركبتيها ؛ ارفعي رأسك لأرى ؛ ماذا
بكِ عزيزتي لقد قلقت عليكِ حقاً ...
ثم بكت ليال بكاءً شديداً كأنها تعاني من هم تقيل ؛ تقيل
جدا...
استغربت فآطمة ؛ ما كل هذا الحزن ليال !! وضعت يدها
فوق رأسها ؛ قبلت جبينها ؛ مسحت دموعها وامسكت بيديها‎٠‏ صديقتي أنا هنا بقربك ؛ استمع لشكواكِ وأكون لك سنداً
وقت حاجتكِ ؛ أرجوكِ بأن تكفي عن البكاء ...

‏رفعت رأسها أخيراً وقالت : فآطمة ؛ ماذا يفعل الحزين ؟
_يلجأً إلى الله تعالى ؛ يشتكي همه وحزنه .

‏كيف؟

‏_كيف يا ليال ! هل لدينا غير الصلاة والدعاء ؟ ؛ أخبريني
ماذا بِكِ ؟

‏لا شيء .

‏_لا شيء وغرقنا بالدموع ؛ ماذا لو كان هنالك شيء ؟

‏ثم صمتت قليلاً ؛ واكملت :

‏لا أريد إِجْبَارِكِ على الكلام أكثر من ذلك عزيزتي ...
ليال ‏ هناك أشياء لا نستطيع البوح بها لأقرب الناس إلينا ؛
حتى لو شكونا لهم فهم لا يملكون الحل لنا ولعلتنا ؛ يقولون
(كان الله بعونك) فنحن نختصر الطريق ونشتكي لمن هو
عوننا ؛ نتكلم مع رب العالمين فلن يفهمنا أحدٌ في هذا الوجودمهما كان قريباً منا مثل الله عزوجل ؛ فقلبنا مكشوت بين
يديه ؛ الجأي إليه تكلمي أو لا تتكلمي سيفهمكِ حتى لو لم
ولدينا وسيلةٌ نلجأً بها إلى الله تعالى وهم أهل البيت عليهم
السلام كيف لقلوبنا أن تعيش بلا حبهم؟

من يضمد جراحنا غيرهم ومن يؤنس روحنا ؟ لن يتركونا
وحيدين ولن يخيبونا إن لجأنا إليهم .

ليال : اراحني كلامك قليلاً يا فاطمة ؛ لا أعرف كيف أرةٌ لكِ
فآطمة : بالله عليكِ ! لا تقولي هكذا لم أفعل شيء

تعالي لترتاحي قليلاً سأطلب لكِ شيئاً تأكليه .

لا أريد عزيزتي فاطمة ؛ أريد العودة للمنزل أشعر بأني
مُتعَبَّة ؛ لا أستطيع اكمال اليوم .

وكيف تخرجين وأنت بهذا الحال ! هل اوصلكِ إلى البيت ؟
لا يا حبيبتي لا داعي لذلك ؛ توجهي لمحاضرتكِ أوشكّت أن
تبدأ ؛ وأنا سأذهب بمفردي لا تقلقي ؛ منزلي قريب .
_أمتأكدة يا ليال ؟

نعم » إن شاء الله ؛ سأذهب الآن .

_رافقتكِ السلامة حبيبتي .

 رواية قَلبٌ طَهُورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن