١٤

190 28 3
                                    

في اليوم التالي بعد عودةٍ فاطمة من الجامعة ؛ جهُرّت نفسها
لتزور ليال مع والدتها ؛ كما وعدتها يوم أمس ؛ وهذه المرة
سيرافقهم أخيها مهدي ؛ فتقول له منبهة :

حبيبي مهدي أرجو أن تلتزم الهدوء عندما نذهب لبيت ليال
فإنها مريضة ويجب أن لا نؤذيها ؛ كما تعلمنا ‎٠‏ صحيح ؟

_فهز رأسه وقال : نعم صحيح ؛ سأبقى جالساً جنبكِ يا أختي؛ لا أقول شيء فقط السلام عليكم وبصوت صغير .

ابتسمت فآطمة : نور عيني ؛ يا لكَ من فتئ مطيع ؛ اتعلم إن

هناك سماء في عيون ليال أيضاً ؟

حقا !

نعم ؛ ستراها بنفسك ...

(كانت فآطمة عندما تخرج مع الصغير إلى الحديقة تقول له :
يا مهدي ارفع رأسك ؛ اترى السماء ؟ فيجيبها بنعم ؛ ثم تقول له : لون عينيك يشبه لون السماء الزرقاء

فيقول : هذا يعني إنَّ هنالك سماء في عيوني

_نعم عزيزي ؛ انها جميلة .

فاعتاد مهدي على هذا التشبيه ؛ فكلما رأى السماء قال ببراءة
هذه عيوني ؛ وكلما رأى عيون زرقاء قال هذه السماء) .

توجهت فآطِمة وبيدها باقة الورد الجميلة التي اختارتها
لتهديها لصديقتها بمناسبة سلامتها ...

وصلوا للبيت واستقبلتهم والدة ليال قائلة :

اهلاً وسهلاً بكم »
حياكم الله ؛ ثم دخلوا غرفة الضيوف .

كانت فأطمة متشوقة لرؤية صديقتها

فقالت : أين هي ليال ؟

_في غرفتها ؛ تعالي لآخذك لها .

حسناً ؛ عن إذنكِ يا أمي ؛ سأذهب لرؤيتها .

_اذهبي عزيزتي .

مهدي تعال معي عزيزي .فذهبت أم ليال مع فآطمة لغرفة ليال وقالت ادخلي عزيزتي
وأنا سأبقى مع والدتكٍ .

_نعم ؛ شكراً لكِ ... طرقت فآطمة الباب ؛ فجاءها الصوت :
تفضل أدخل ...

فتحت الباب وقالت : السلام عليكم عزيزتي .

_فاطمتي الغالية ؛ وعليكم السلام .

تقدمت نحوها واحتضنتها : كيف حالكِ ليال ؛ الحمد لله على
سلامتكِ يا فتاة .

_سلمت يا غالية ؛ الحمد لله أنا افضل الآن .

جلست بقربها : انظري ؛ هذا الورد الجميل لكِ ؛ إن لونه
أبيض كلون قلبكٍ .

_حبيبتي ؛ يا طيبة أنت ؛ شكراً ؛ اشتقث لكِ كثيراً ...
وأنا أيضاً ؛ كثيراً .

_من هذا الجميل الصغير ؟

إنه أخي ؛ مهدي .

_حبيبي ؛ كم هو جميل تعال إليّ .

فتقدم وقال : السلام عليكم ؛ بصوت خافت .

ليال : وعليكَ السلام أيها المهذَّب ؛ كيف حالك ؟ .

_بخير ؛ ثم التفتَ لفاطمة وقال : حقاً إن في عيونها سماء .

فابتسمت وقالت : نعم ألم أقل لك .

قالت ليال لفاطمة : ما قصة السماء ؟

_يقصد انها زرقاء كالسماء .

فداك عيناي أيها الجميل ؛ فقبلته من عينيه وابتسم ؛ وعاد.

فآطمة : ما الأمر ليال ؛ كيف حصل الحادث ؟ .

_ لا أعلم كيف عزيزتي ؛ عندما ودعتكِ وخرجت من
الجامعة وأنا في منتصف الطريق شعرت بأني لا استطيع
النظر بشكل جيد ؛ وشعرت بألم في رأسي لم اتوقف بل
تابعت المسير حتى اصل للبيت بسرعة ؛ ثم أحسست بشيء
ضربني بقوة ورماني على الأرض

لم اشعر بعد ذلك بشيء ؛ إلى أن استيقظت ووجدت نفسي
في المشفى ؛ بعدّ ذلك اتصلوا على والدي وأخبروه .

يا إلهي ؛ حمداً لله على سلامتكِ ؛ لقد كُتبَت لكِ حياةً ثانية .

_نعم ؛ عندما استيقظت كأني كنث في حلم ولا أتذكر شيء
مما حصل ؛ كنت أردد فقط (يّا أَيَتُهَا النّفْسَ الْمُطْمَئِنةُ*ازجعي إلى رَبَكِ رَاضِيَةٌ مَرْضِيَّة)ِ

قرأتها كثيراً بداخلي ؛ كأني لا أعرف غيرها ؛ بعد ذلك
استوعبت بأني تعرضت لحادث ومن الله علي بحياةٍ جديدة ؛
عَلنِي أعود إلى رشدي ولا انحرف عن الجادّة مرة ثانية .

فآطمة : (وَلَقَْد مََنَنا عَلَيْكَ مَرَةٌ أُخْرَى)

الحمد لله على كل حال يا عزيزتي ؛ يعلم الله بنقاء قلبكِ

ليال : فآطمة ؛ عندما سألتي عن سبب بكائي ... كنثُ قد
أخبرث والداي بأمر العباءة لكنهما رفضا ؛ وبقيت مصرةٌ
على قراري ؛ دعوث الله كثيراً أن يجد لي مخرجاً ؛ ويبعد
كل العراقيل من أمامي ؛ وعندما أخبرتني أمي بأنّكِ أتيت
يومَ أمس لرؤيتي قالت :

احببث فآطمة كثيراً وترتيبها
وثقافتها ؛ عاد اليّ الأمل بأن أخبرها مرة أخرى برغبتي ...
لا أستطيع فعل شيء أمي لا ترضاه ؛ ولكن بنفس الوقت طاعةٌ الله اهم من غيرها .

فأطمة : لم أعلم بأنك تريدين ارتداء العباءة !! .

_ صحيح ... لم أخبرك ؛ فآطمة ... إذا أصرت والدتي بعدم
ارتدائها سوف لن اخرج من المنزل مجدداً ؛ حتى دراستي
التي يعتقدون بأنها أهم من العباءة ؛ سأتركها .

 رواية قَلبٌ طَهُورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن