الفصل الثاني

559 14 0
                                    

الوجد: الحزن الدائم والتفكير في المحبوب.

ما أحزن القلب حين تهيمن عليه الوحدة يتذكر لحظات موجعة في حياته يفكر دائمًا  في الحبيب ويمتنع عن التفكير بأي شيء آخر سواه.

الفصل الثاني
بعد لحظات من التفكير المرهق والدمع الخفي الكامن بسرائرها رفعت شفتيها لأعلى معلنة رفضها لهذه الحالة التي هي عليها حتى الآن، لم تكن هذه النهاية التي تمنتها لكنها مجبورة على قول وفعل ما لا يروق لها.
أجابت عن سؤاله بنفس غير راضية:
- نعم تمت خطبتي منذ فترة لكن تدخل النصيب ولم تكتمل.
تمنى لها حياة سعيدة وأن يعوضها الله بخير مما سلف ثم أغلق الخط فورًا وكأن أحدهم بانتظاره أو شعر بالضيق مما سمع منها.
لم تفهم الأمر.
تُحدث حالها:
- لا أعلم لمَ أخبرته بذلك لكنني شعرت بتلال تتلاشى من صدري بمجرد البوح له هل أخبره عن قسوة ما مررت به أم أحتفظ بجرحي لنفسي؟
تذكرت ياسر ابتسامته، كلماته الحنون النادرة ابتسمت ورفعت شفتيها لأعلى، ترقرقت بعينيها دمعة لكنها سالت من أعماق قلبها كيف تحول الحلم لكابوس مريب ما زالت مرارة الدمع بحلقها، تلك النظرة، الرجفة التي انتابتها فور خروج نتيجة الفحص حين ذهبت معه ليجري بعض الفحوص، من بين الفحوص طلب الطبيب لمجرد الاطمئنان أشعة مقطعية على الصدر كانا فقط يريدان تقريرًا من مستشفى حكومية بسلامة رئته أو أنه غير مصاب بأي شيء يمنع سفره، قام الطبيب بأخذ صورة خرج من غرفه الأشعة بعد أن خرجت النتيجة، نادى باسمه كان يبدو القلق على وجهه فأخذت منه الأشعة، ما زالت عيناها عالقتين بنظرته المملوءة بالحزن فتحدثت بخوف:
- أنا خطيبته يا دكتور خير؟
أجاب بصرامة واقتضاب: ممَ يعاني خطيبك؟
- ولا أي شيء! أتى له عقد عمل خارج مصر، هذه إجراءات لاستكمال الأوراق.
ضرب كفًّا فوق الآخر، هزّ رأسه يمينًا ويسارًا:
- لا حول ولا قوة إلا بالله.
اقشعر بدنها، أدركت أن هناك أمرًا سيئًا فتحدث الطبيب بحزن:
- خطيبك لديه ورم سرطاني في الكبد والورم بدأ ينتشر في الأعضاء التي تجاورالكبد.
كفكفت دمعها بيدها، حاولت أن تتمالك أعصابها حاولت حبس دموعها لكنها فشلت بجدارة فانفعالاتها تظهر على وجهها مهما حاولت أن تخفيها قالت برضا وحزن دفين وكأن طودًا من الحجارة سقط فوق رأسها وتلاطمت بين الحجارة كلما تجلس تسقط مرة أخرى:
- قدر الله وما شاء فعل.
شاب في مقتبل عمره ستنتهي حياته بمأساة فتحدثت ببصيص من الأمل:
- لو العلاج بالخارج سينجيه؟
قاطعها الطبيب:
- لا يوجد داعٍ للسفر هو سيحجز في معهد الأورام كي يعيش شهوره الباقية ما بين العلاج الكيماوي والعلاج الإشعاعي.
جاء من بعيد رآها تكاد أن تسقط من طولها فأتى إليها مسرعًا فاستوقفه الطبيب وصارحه بحقيقة مرضه فانكمشت جبهته وسقط مغشيًّا عليه وكل ما فعله أن قرر البعد عنها وتركها، كيف تتحمل كل هذه المصائب؟
صمم أن يفترقا، منعته هي من ذلك لكنه كان حاد الشخصية، لم تتركه، دائمًا ما كانت تزوره بالمشفى دون علمه تبرعت له بالكثير من أكياس الدم كادت تموت بدلا منه. كان بوسعها التبرع بنبضها مقابل حياته لكن الإرادة الإلهية تدخلت وأخذ الله أمانته. منعها والدها من حضور جنازته، أما عنها فهي أجرت مراسم دفنه بخيالها لم ير الجميع حزنها لم تبك، تصرخ، تهلل، تفقد وعيها اتهموها بالبرود لكن قلبها الدفين كان يعتصر حزنا على فقدان حبيبها مع أول تجربة لها بالحياة تفقده، مجرد مكالمة هاتفية ورثاء قدمته لأخته بالهاتف لم تفرغ مشاعرها كبتت وكتمت بداخلها.
قاطعت والدتها شرودها:
- نور نور أناديكِ ابنتي ماذا تفعلين؟
لاحظت والدتها الدمع العالق بعينها وصورتها مع ياسر بيدها المبتلة بالدمع فربتت على يدها:
- مرة أخرى يا نور؟! ألم نتفق أن نرضى بإرادة الله يا بنتي؟!، أعلم أنك مجروحة أشعر بك أشعر بالجزء الذي يؤلمك بروحك فوجع الروح أقسى وجع في الكون
أشارت وهي تضم صورته بيدها:
- إذا كنتِ تريدينه أن يرتاح بقبره فاستمري بحياتك.
ردت نور بنفاد صبر وانكسار تلوم والدتها، كيف تعيش مع غيره وترتدي ملابسها التي اختارتها خصيصَى من أجله؟!! خيل لها بيتهما، أولادهما رأت نفسها معه تحت سقف واحد بخيالها ألا يكفي ذلك؟!، فهي ستموت بكل لحظة إن تزوجت غيره أقسمت لها أنها تحاول إقناع حالها بحب أي شخص تقابله تعلم أنها مخطئة لكن كل ما تريده هو الخروج من صومعة الذنب التي ألقت حالها بها، أخبرتها أنها تقابلت مع كريم حاولت أن تتناسى سنيِّها مع ياسر. تتذكر كريم ومشاعرها الطفولية خيل لها أنه حبيبها كذبت على حالها
تمالكت والدتها وكمحت دمعها، أخذت نفسًا عميقًا وقالت بثقة:
- لم يستحق ياسر رحمه الله كل هذا الحب ابنتي.
لاحتْ أعين نور وصرخت بوجه والدتها: اصمتي أمي.
أمها بغضب: لا يستحق.
نور: اصمتِي اصمتِي أعلم أنه لم يحبني مثلما أحببته اصمتِي أرجوكِ أرجوكِ.
جلست والدتها بجوارها تكفكف الدمع المتساقط من عينها بعد أن نامت. ما زال الدمع يتساقط من عينها وتتنهد تبكي دون وعي بالوجع لن ينقضي بمجرد الخلود للنوم فالقلوب لن تنام والعقول لا تكف عن التفكير بالحب مهما حدث.
وفي تمام الساعة العاشرة مساءً أتى والدها غاضبا. دخل الشقة فألقى بحقيبته الرمادية وانتزع حذاءه وذهب إلى المطبخ وكشف الطناجر. التهم قطعة من اللحم المحمر وهو يحدث رويدا بجدية وعيناه تشير إلى غضبه يسأل عن نور.
بمنتهى الصدق والبراءة أجابت: نائمة منذ أن عادت.
والدها بتوعد: لن تخرج بعد اليوم إن شاء الله لن ترى النور.
فارتبكت والدتها، تعلم أن نور مصائبها كثيرة، سألت حالها ماذا عرف كي يغضب لهذه الدرجة فنور هي ضي حياته لكن.........؟
***

استكانة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن