الفصل العاشر

137 8 1
                                    

الوصب: شدة ألم الحب


فالحب سلاح ذو حدين يغير حياة الإنسان يحزنه ويسعده كما يشاء، فإذا اختفى الحبيب من الوجود تلونت الحياة باللون الأسود القاتم، وتبدلت الأحوال كوردة ذبلت مع موت حبيبها رغم إهماله لها، مجرد وجوده واستنشاقه لعطرها كان يبعث بها أمل الحياة.



الفصل العاشر


بمكتب خالد مندور يجلس كل من ميرا وخالد، ذهبت نور بنفسها لتستدعي كريم ونظرات اللوم متبادلة بينهما، تلومه على صمته حين رأى سيدا يضايقها.. كيف تلومه وهي المذنبة؟ فالخوف المنبثق من عينها يجعلها مطمعًا للجميع ممن تخشى؟ وما نهاية خوفها؟ لو كان الخوف رجلًا لقتلته بالأسلحة كافة لكنه يلازمها كظلها لا تقوى على التخلص منه، وبعد صمت ساد للحظات أخرج كريم فلاشة معدنية ووضعها بيد خالد فنظر خالد لميرا وأشار لنور أن تخرج لكنها رفضت وبشدة.


ميرا بقمة رعبها من تصرف خالد علمت أن الأمر يتعلق بفارس هذا الشاب الذي اقتحم حياتها دق باب قلبها وكان عوضًا لها عن فقد والديها، واجه خالد ميرا بالتسجيلات. كان لا يريد فضح هذا الأمر أمنته ميرا على ما روته له حين ساومها فارس أن تنهي علاقتها به أو بنور لكنها حتما اختارت نور. فارس يكرهها لسبب غامض لكنها لم تتخيل أن يصل الأمر لهذا الحد بينهما. أراد قطع مصدر رزقها وهو يعلم كم هي وحيدة وبحاجة إلى المال، انسحبت نور من الغرفة وخرجت تجلس على مكتبها تضع يدها فوق جبهتها فبالتأكيد هناك أمر خفي وإن أخبرت ميرا خالد به لما أخفت عنها. لا يوجد مبرر واحد لإخفاء هذه الأمور بين صديقتين، شعرت بتلال من الجراح تتدفق بقلبها وها هي تنخدع بميرا، فهي شرخت حاجز الثقة وعكرت شفافية علاقتهما فأكثر ما يكرهه أي إنسان هو الكذب والخداع فنور أمام ميرا عارية من الكذبات تخبرها بكل شيء دون خجل حتى علاقتها بياسر كاملة تعرفها دون حذف شيء واحد منها.


استدعى خالد فارس، خرج كريم من المكتب فطلب من نور أن يجلس معها فأشارت بيدها موافقة ودون مقدمات وبجدية ونظرة لم ترها من قبل


- إذا شعرتِ بالهواء يضايقك سأكون بجوارك لا تخافي يا نور رأيت الرعب ينبثق من وجهك حين اقترب منك سيد، لا تخافي أنا هنا ووالدك، جميعنا معك ونحبك.


كفكفت دمعتها التي نزلت دون أن تشعر وبحسرة:


- لكنه ليس هنا هو بعالم آخر أشتاق إليه والشوق يهشم ما تبقى من ضلوعي ليتني فقط ألمسه أسمع أنفاسه ليته يغضب وينهرني يأمرني بالرحيل فقط يعود للحظة أضمه لأقوى على تحمل الحياة من بعده.


كريم بفضول:


- من تقصدين؟


نور وشفتاها ترتعدان:


- أقصد ياسر خطيبي وحبيبي منذ عدة سنوات أخذه المرض توفي قبل زفافنا بفترة، تركني بعالم مظلم أبحث عنه بكل كلمة ينطق بها غيره.


فحين تقع نور بموقف يستحق التفكير لن تفكر إلا باحتياجها لياسر لم تعلم أنه حين كان معها لم تشعر هي بوجوده لكن هذه هي الحياة من يذهب لم يتبق منه سوى مواقفه الجميلة أما قسوته سيئاته نهراته كل ذلك يذهب ويدفن معه!


حاول كريم أن يهدئها فتحدث عن هاجر وروى لها أنه تشاجر معها وأنه يحبها لكنه لا يعلم ما نهاية هذه العلاقة المشوهة ملامحها>


قطع حديثهما خروج الثلاثي ميرا خالد فارس.


بعد أن قدم ميرا وفارس أوراق استقالتهما طلب خالد من نور أن تكتب إعلان عن وظيفة سكرتيرة وفرد أمن وترسله للجريدة.


نظرت لميرا بغضب:


- أنتِ من تريدين الرحيل؟


ميرا بخجل:


- أخفيت عنك أعلم أنني مخطئة لكنه هددني أن يتركني إذا أخبرتك بعلاقتنا


نور بصوت مرتفع:


- ميرا تخشى الفراق لماذا ضعيفة أنتِ مثلي مثلًا؟ حين كنت أخشى أن يتركني ياسر كنت تتهمينني بالضعف والآن بكل ثقة وجدية تقولين سيتركني؟


خالد بحزم:


- اصمتي يا نور وكفاكِ حديثًا عن هذا الياسر أكره سيرته. انتهى الأمر رحمه الله ورحمك من عذابك لحالك استكملي طريقك ببعض من الأمل.


كان كل هذا أمام كريم المتعجب مما يسمعه. ما سبب كرههم لياسر لمَ كان يهددها بالفراق؟ فمن يترك فتاة كنور جميلة، جذابة، ذات أصل، طيبة؟!


***


هاجر تتصل بكريم تطلب منه أن تزوره بالعمل لكنه رفض وبشدة فاتفقا على اللقاء في استراحة الغداء وطلبت منه أن ترى نور فوافق فهو رغم إعجابه بها رأى استحالة أن تكون هناك علاقة بينهما بعد ما سمعه عن علاقتها بياسر، يحب هاجر لكنه يرفض ما تفعله كليا فالرجل قادر أن يعشق امرأة، ويحب أخرى، ويتزوج غيرها، يعجب بغيرهن وهكذا.


الرجال يبحثون عن نواقص زوجاتهم وحبيباتهم في الأخريات وحين يجدونها لا يتنازلون عن جُرح الطرف الآخر ونسيان ميزاته مقابل شيء واحد فقده بها.


هاجر ترتدي حجابًا أزرق، وبنطالًا أزرق وبلوزة من اللون البمبي الهادئ خرجت نور مع كريم لاستقبالها.


بعد أن رحبت نور بها اعتذرت وطلبت الإذن من والدها أن تعود للمنزل فلم يوافق يعلم كم هي مجروحة منه، كيف يتحدث بخصوصياتها أمام غريب؟ نعم فكريم ما زال غريبًا عنها تحدث عن ياسر أمامه قسا عليها كثيرًا أمامه كسر والدها حاجز الصمت:


- فعلت ذلك كي تستيقظي من كابوسك ألم تعديني منذ أيام أن تعيشي لنفسك قليلًا؟!


بانكسار ودموع مكتومة :


- لا يا أبي ليس لك حق أن تجرحني بسكين بارد أمامه، حقا قلبي يؤلمني اعتدت الجراح من الجميع لكن أنت لا! أنت جسر الأمان بهذه الحياة صديقي قبل أن تكون والدي.


ضمها معتذرًا، لم يمر الموقف مرور الكرام ظلت تبكي وتبكي ورفضت الطعام لأيام عديدة وبالصدفة ونور تجلس أمام الحاسوب رأت صورة جعلت جسدها يرجف تبكي تصرخ تحطم ما حولها وتقول بصراخ:


- لا لا لا لا لا هذا كذب لن أصدق لا لا.


استكانة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن