الفصل السادس عشر

101 3 0
                                    

الصبوة: اللهو والغزل بين الحبيبن.


حين تبدأ علاقة جديدة، تكون في قمة سعادتك، لكن كُن حذرًا كي لا تجرح شخصًا كل ما اقترفه ثقته بك، تحدث عن حالك وكن مهذبًا، فمن أدب العلاقات عدم كشف عيوب الآخر بعد انقضاء العلاقة.



الفصل السادس عشر


نور تتفقد الأوراق، ومع كل ورقة تتغمد بالكسرة وتعلم أن هذه استكانة وليست حبًا، ففي بداية التعارف ياسر يكتب لآسيا:


- مرحبًا بأجمل فتاة في الكون.


فنهرته بأي حق يتحدث بهذه الثقة، ولمَ يتحدث وهي تعلم أنه خطيب نور مندور؟!


أجابها بعد لحظة:


- أي نور تقصدين؟ هذه منطفئة، ليس لها وجود بداخلي، لم أنجذب إلى طباعها.. ملامحها.. حديثها.. حتى مشاعرها، لكن حين رأيتك، تزلزل كياني وقررت الحديث معك لأعترف لك أنك أسَرتِني بجمالك ورقتك وحجابك، أما هي تداري ترددها وشخصيتها المذبذبة بمساحيق تجميل!


نظرت نور إلى المرأة التي أمامها وتفقدت بيدها ملامح وجهها، ثم أخرجت من الخزانة حجابًا رماديًّا ووضعته حول شعرها وهي تتساءل: هل تركني لأنني لست ملتزمة! أردفت وهي تهز رأسها بالنفي: أي التزام وهو يحادث فتاة لا يعرفها عني بهذه اللهجة؟! أي دين الذي يدَّعيه وهو لا يعرف للرحمة معنى، وبغضب ونبرة باكية:


- ليس لك مكانٌ في قلبي.. أقسم لكَ لن أرحمك!


استكملت قراءتها بعد أن تأثرت آسيا بحديث ياسر، فهو قادر على إقناع أي فتاة بشخصيته وفرض وجوده، متمكن هو من الخداع، شكرته آسيا على كلماته الرقيقة وانتهت المحادثة، قلبت نور الورقة بشغف وتلهف لرؤية ما يرضيها، وفي أول سطر بدأت آسيا بالسؤال عن ياسر فكتبت:


- أين أنت وكيف حالك؟


أجابها أنه بخير، وبعد حديث شائق عن إعجابها بشخصيته وحديثه ومحاولات إثارة غروره وشعوره بأن نور لا تستحقه، سألته:


- كيف تعرفت عليها؟


فروى لها.


على أحد شواطئ الإسكندرية، فتاة تغرق في البحر وليس هناك فريق إنقاذ في الشاطئ، خالد يصرخ: ابنتي ابنتي... يجري يمينًا ويسارًا، يضع الرمال فوق رأسه فهو لم يلمس البحر لمرة واحدة منذ ولادته، يكرهه، يخاف منه، يبتعد دون سبب. كانت تغرق هي مع والدتها، وفي أقل من لحظة، نزع ياسر ثيابه وقفز في البحر ليخرجهما بحالة سيئة واحدة تلو الأخرى، خالد يجلس أمام نور، ينظر إليها والرعب يتناثر من حوله، ورويدا تتهافت أنفاسها وتشكر ربها على خروجها سالمة بعد أن كان بينها وبين الموت لحظات، لم تقوَ على نطق الشهادة من شدة الرعب. بدأ التعارف بينهما، أعجب ياسر بنور، وهي أيضا تنظر إليه طيلة الوقت، تعجبها عينه السوداء وشعره الناعم الأسود القاتم وبشرته الخمرية المتوسطة الطول. أصر خالد أنه سيتناول معهم الغداء في مطعم أسماك فاخر، أطلّت نور هذا اليوم بثياب كالأميرات وزينت وجهها بمكياچ رقيق، فتجرأ كعادته وتعرف على والدها عن قرب بعد أن لاحظ من تصرفات نور المريبة أنها أعجبت به، رأى في عينيها احتياجًا إلى الحب لم يشهده من قبل، فأخذ هذه الثغرة لصالحه وقرر التقرب منها حتى ينهل من طاقة الحب لديها، توالت المقابلات والمحادثات الهاتفية، وبعد مرور شهرين طلب ياسر مقابلة نور، لكنها رفضت، وبثقة:

استكانة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن