استكانة

الفصل الخامس عشر

الشوق: نزوع النفس إلى الحبيب وشدة تعلقها به.

فمن الشوق ما يقتل، قد نتصرف بتهور فيظهر عكس ما هو في قلوبنا؛ يظن الجميع أننا نبتعد لنكشف الأخطاء، لكن في الواقع هي محاولة للتقرب لعلنا نجد ما يرضي كبرياءنا ويربت على قلوبنا بكلمة تطفئ نيران الهجر.

الفصل الخامس عشر

أخبرته حين كانت بالدراسة وكل من صديقاتها أن لديها شابا معجبا بها، بل يحبها، أما هي فلم يهتم أحد بوجودها أبدًا، كانت تبحث عن الحب وحين أتى ياسر لم تصدق أنه حقًا يحبها ويريدها، لكنه حينها أثبت حبه بتقدمه لخطبتها، وبضحكة مكسورة:

- اسمه ياسر، ملك كل شيء بداخلي ولملم أشلاء مشاعري ليحظى بحبي، وحين تأكد من استحالة هجري له، بات يتعامل وكأنني لم أكن موجودة. حاولت جاهدة أن أعيد اهتمامه، لُمتُه كثيرًا لما تغير، فهو من اقترب، لم أطلب منه أبدًا أن يدخل قلبي ثم يفر هاربًا.

أغمضتْ عينيها وكفكفت دمعها ثم تنهدت وقالت:

- لم أجبره على التقرب مني، لكن لن أسمح له أن يتركني بعد أن شعرت أنني إنسانة يحق لي الحب والاهتمام، وكأن العيب في شخصيتي! أنا لست جديرة بالحب، أم أقل من بنات الكون في شيء؟ لمَ لا يُحبني أحد؟

سألها كريم بفضول رافعًا حاجبيه:

- ألم تقولي لي أنه توفي!

نور بنبرة تشبه البكاء:

- نعم، مااات بداخلي، لم يتمكن من العودة إلى ذاك المكان أبدًا.

أخبرته بكل شيء ثم وضعت يدها حول ركبتيها، ها هي الآن عارية أمامه، لكنها عارية من الكذبات، توسلت إليه ألا يخذلها، لكنه تعجب كثيرًا لمَ اختار ياسر هذه الفتاة وفي هذا التوقيت ليرتبط بها وهو يعلم أن نور بالتأكيد ستعرف أنه على قيد الحياة بارتباطه بهذه الفتاة، بالتأكيد أراد كسرها مرة أخرى أو هناك دافع انتقامي وراء اختباره لهذه الفتاة بالتحديد.

***

كريم بالمنزل يرتدي حذاءه ويستعجل والده، فاليوم موعده مع الطبيب النفسي بعد أن أذن له خالد بإجازة. دخل يوسف غرفة د. شهاب علام، استكمل من حيث وقف:

- وفي يوم عدت من عملي، وجدت شموعًا كثيرة وحولها مما لذ وطاب من الطعام، يتوسطها جوارب لمولود صغير، وكانت المفاجأة؟ أنها حامل!

قفز الشك فوق مشاعر أبوته، تعامل معها بفتور، أردف وسأل الطبيب:

- إذا كان كريم ابني هل يرث مني داء الشك؟

أجابه الطبيب بثقة أن الدراسات تؤكد أن المرض هو وراثي، ولكن لا توجد الدلالة الرئيسية لذلك، ولكن إذا تحقق له الظرف والمناخ المناسب لظهوره فسوف يحدث هذا بكل سهولة.