الطابق الثاني

860 84 266
                                    

إحترس من أن تكون مدمن غضب، إنه كتدخين سيجارة، نمنع نفسنا عنها و نحاول السيطرة على أنفسنا، في اللحظة التالية نجدنا نشعلها لنسلك ذات الطريق.

عندما يشتعل غضبك، دس عليه حتى ينطفئ.

خلف طيات الماضي إستذكر موقفا مع والده، و لأول مرة تمنى لو أنه استمع له.

كمش ورقة الامتحان بين يديه و هو ينظر لها بحنق، عض على شفته حتى كادت تنزف، هز قدميه لفترة من الزمن دون وعي منه ليقضم ظفر إبهامه بعدها. من فرط التوتر و البغضاء، يقسم أنه سيركل أي شخص يثير غضبه.


فتح باب المنزل ليجد والده يستقبله بتحديقات ممتعضة."ما هذه العلامة المثيرة للشفقة؟"

ليست أكثر إثارة للشفقة من داخله الآن، دحرج عينيه لينظر للجانب متجنبا رؤية والده. إنه يرسب أحيانا عمدا حتى لا يحقق ما يريد والده.

"إنني أحادثك أيها العاق، كيف ستأمن مستقبلك، إنه يبدو مظلما!"من بين طيات حديثه إرتفعت نبرة صوته بسبب علاماته التي تستمر في الانحدار."إنك لا تبذل جهدا على الإطلاق!"

إنه لا يعلم شيئا، لا يعلم كم من الجهد الذي بذل حتى سقطت دموعه على أوراق كتبه، جاهل عن ما يشعر به من كره لنفس عندما يفشل رغم محاولاته المديدة، لا يكون رفقته عندما ينال التعب منه و مع ذلك يستمر، عندما ينزف أنفه، لا يكون حاضرا.

''أبي، أنت الآن تحاول نصحي أليس كذلك؟"حملق فيه لينطق بهدوء فهدء الآخر ظانا منه أن ابنه اهتدى.

"بالطبع أفعل، إنني أريد مصلحتك."

نكبت ما نشعر به و ندسه في صندوق رفقة أحاسيس أخرى، تأتي لحظة ما لا نستطيع فيها تخبئة المزيد، فنفرغه دفعة واعدة.

شد على يديه محاولا كبت ما يحرقه، غالبا ما يرمي سيجارة غضبه في غابة مشاعره، لا يدرك أنها ستشعل نارا لا تنطفىء، لهذا يجب أن تدوس على الغضب.

"قبل أن تسمعني موعظتك الحسنة لأتلقى بعدها صفعة موجعة لقولي الحق أو تدمير لوحاتي، فلتكن قدوة حسنة لي. أنت دائما ما تخبرني أن أكون الأفضل، أن أدرس حتى ينزف أنفي، إنني لا أشعر بالانتماء بين الكتب. لا أكون على قيد الحياة عندما أتقيد بما لا أريد."لم يشعر بصراخه بما تفوه به حتى انتهى.

إقترب منه عدة خطوات ليتراجع الآخر و ينظر بتردد."قد لا أكون قدوة حسنة، لكنني أعلم أين تكمن مصلحتك. يجب عليك أن تنظر لحالي و بعدها ستعرف لما أخبرك أن تدرس."

|إنبثاق| مصعد الجحيم.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن