~2~

398 37 2
                                    

شققتُ طريقي متوجهًا لمتجرِ الزّهور.
أزلتُ القِفل وفتحتُ الأبواب، أبدّل لوحَة مُغلق إلى مفتوح.

« تأخرتَ اليَوم، ظننتُك ستتغيَب »
التفتُ للوراء قبلَ دخولي، أرى حارس البوابة الرئيسية للمشفى يتقدَم نحوي.

« لَم أنم جيًدا اللّيلة الماضيَة »
كذبةٌ وصدِق.

ألقيتُ بنظرةٍ على السّاعة الجِدارية خَلف طاوِلة الاستِقبال.
٧:٠٥ صباحًا

فترةُ عملي تبدأ مِن السّابعة..
كنتُ أنتَهي من التجهيزاتِ قبل الموعِد بعشرِ دقائق تقريبًا.
لَم أتأخر مِن قبل..

لحِسن الحَظ الزبائن قِلة في الفترَة الصّباحية، حتى فتح ساعات الزّيارة الأولى في المشفَى.

على الرّغم مِن علمي بذلِك كنتُ أكثَر سرعةً وإنتاجيَة
لستُ في حاجة لهذه العجلة؛ لا أشعُر بضغط العَمل ولا يقفُ الزّبائن في انتِظار في كُل الأحوال

لا شيءَ مختلَف سوى بالي المَشغول..

لا أشعُر بالحماسة؛ لَم أتجاوَب مَع الزبائن كعادَتي، ولَم أعطي الأطفال باقاتٍ صغيرَة تُناسبهم أحجامَهم.
كُل ما يجول خاطِري أن يمُر الوقت سريعًا.

بحلولِ وقتِ الغداء، أخرَجت صندوقي الصّغير، أتناوِل شيئًا مِما فيه حتى يأتي زميلِي ويتولى فترةَ الظّهيرة.

هوَ طالبٌ جامعيٌ مجتهَد، أعرف عن تفرغهِ يوم الاثنين لذا طلبتُ منه مسبقًا أن يأتي مبكرًا حتى أرحل.

لَم ألاحِظ مِن قَبل أنَني أقضي وقتًا طويلًا في العَمل.
فقدتُ صبري وكأنني قضيتُ يومًا كاملًا.

« هيونق! هل تأخرت علَيك؟ »
هو أول ما نطَق بهِ بعدَ أن دخلَ مسرعًا.
أرجو أنهُ لَم يخلَع الباب، مجددًا.

« مرحبًا جونقهو، لَم تتأخر لذا اترك الباب برفقٍ شديد »
في المرة الأخيرة كلفنا الكثيرُ مِن المال

« ماذا عن ووسوك؟ هل سيأتي في الموَعد؟ »
« أجل هيونق، لا تقلق واذهَب »

لهذا أحبُ جونقهو، لديه حسٌ فلَن يسأل إن لَم تخبرهُ بنفسك.
أحدهُم اتصَل ستّ مرات وترَك ثلاثون رسالة ليَعرف أين سأذهب بعدَ الظّهيرة بدًلا مِن مقابَلته.

تم حَظر جونق وويونق لأربع وعشرين ساعة.

تنهَدت عميقًا مُمسكًا بهاتفي بعدَ أن تركتُ المتجَر، أقرأ عنوان المقهى المكتوب في الرسالة النصيّة.

اتجهتُ إليهِ مباشرةً حتى ينتَهي هذا الحَدث وأعود إلى سجيَتي.
وبقدرِ ما كنتُ متعجلًا، تصبُح خطواتي أبطأ؛ كلما شعرتُ بأنني قاربَت الوصول.

كانَ قريبًا للأسف، لا حاجةَ لركوب الحافِلة. مسافةُ عشرِ دقائق سيرًا.
وقَفت في الشارعِ المُقابل للموقِع، قدَماي تتحركانِ للوراء.

قررتُ الجُلوس والانتِظار حتى اتأخر أكثَر.
عدة دقائق إضافية مِن باب الاحتياط فقَط.

استَجمعت بعدَها شجاعتي على مضَض، وأمسَكت بالباب الزّجاجي لأدخل المتجَر المقصود بقدمَين متردِدة.

لَم أتعِب نفسي بالنّظر في وجوهِ الموجودين مِن الزبائن؛ فلا فائدة من البحث عن شخصٍ لا أعرِف شكلَه!

لكِن من بينهم فاجأتني سيّدة وقَفت سريعًا
بمجرَد أن أطلَقت أجراس البابِ رنينها لتُعلن عن دخولِ زبون جديد.

شعرٌ قصيرٌ حتى الكتفَين، جمَعت جزءًا مِنه وتركَت الآخر منسدِل
وبعضُ الخُصلات القصيرَة طليقةٌ تغطي جبينَها.

فستانٌ رمادي اللّون بنقشةِ الزهور يغطي حتى ساقَيها، وسترةٌ محبوكةٌ بيضاء تُبقيها دافئة. وأخيرًا حذاءٌ بكعبٍ منخفض الارتِفاع.

تفحصتها من الرأس إلى القدَمين، متأنقة بتواضُع رغمَ عُمرها. فالشّيب يتخلخل بين الخُصل السّوداء، ولا تُخفي ثيابُها تجاعيدَ وجهِها ويدَيها.

كبيرةٌ بالسّن؛ لا تبدو المقصودة.

لكنَها اتجَهت إلي مُسرعة، تنظُر إليّ بريبة.
قطبتُ حاجباي متستغربًا تصرفها، من وصيّها هنا؟

وقفَت أمامي ثُم سألت بنبرةٍ هادئة:
" جونق يونهو، صحيح؟ "

ما بال هذهِ الرؤية الزجاجية؟

_

في أوَل مرةٍ ألتقيتُ فيها بكِ، بكيتُ بمجردِ أن رأيتُك

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

في أوَل مرةٍ ألتقيتُ فيها بكِ، بكيتُ بمجردِ أن رأيتُك.
أكانَ ذلك لأنني كنتُ سعيدًا؟ أم لأنَني كنتُ حزينًا؟
أنا حتى لا أتذكّر!
_

غاليَتي ✔️                                              حيث تعيش القصص. اكتشف الآن