~6~

222 19 0
                                    

« ماذا فعلتِ بعد أن صرتِ وحدكِ؟ »
سألت مخفيًا مايدور في عقلي خلفَ هدوءٍ كاتِم.

لَم أكن لأظهَر مشاعِري، أو أثبِت تقلُب أفكاري.
لَن أعترَف بما استطاعَت تغييرَه بلقاءٍ واحد.

أصرّيت أنني لا أهتَم بأمرِها بتاتًا..
لكِنني الآن أتحرّق لكِل إجابة.

في حياةٍ جديدة وعبءٍ أقل
تسائلت هَل ندَمت لتخَليها عني؟

تمنَيت بشدة مِن ذلَك التَصرف الأناني أن يظَهر
ويِثبت عدَم مسؤوليَتها، وطيشها.

لكِنها كانَت بارِعة في معاكَسة كل ما خمّنته.

أجابَت ولَم تبدو فخورَة، في عَينيها الأسف لما تشعُر به من نَقص:

« استمرَيت بالعَيش فحَسب، فاتَني إكمالُ تعليمي على أية حال
لذا استمريت في العمل لادخارِ المال. كنتُ أعمَل في التّنظيف،
لا أعلم إن مازلتَ تذكُر »

بالطّبع أتذَكر.. أمضيتُ في تلكَ الشّركة وقتًا أكثر مِما قضَيت في منزلي..

كنتُ محبوبًا مِن السّيدات العامِلات هُناك، يحضرنّ لي الهدايا ويفتَقدنني خلالَ ساعات العَمل.

أذكَر كذلِك كَم لعبتُ الغمَيضة كثيرًا، اختبئ مِن الجَميع. علِمت لاحقًا، أن رئيسها منَعها مِن إحضاري للعَمل؛ ألعبَتني إياها حتى لا يكتَشف وجودي.

إذا نجحتُ بالاختباء كنتُ أحصَل على مكافآت لذيذة نهايةَ اليَوم.
في لحظةٍ أصبح الأغنى في العالِم، والأسعَد.

كانت كالسّاحرَة؛ تغادِر غرفة العامِلات فارغة اليَدين، وتعود مليئة بكعكٍ وحلوى. أعرِف أنّها ما تبقى ممّا تناوَله الموظَفون، لكِن كنتُ سعيدًا بها.

كانَت ثوانٍ شرَدت فيها في شريطِ الذّكريات، وكأنها ساعات.
أحاوِل عدم الابتِسام، حيَنها أيقَظتني مُضيفة:

« ولكِن بسببِ إصابَتي أثناء العَمل غادَرت بعدَ عدةِ أعوام. لكِنني كسَبت شقةً جَيدة كَتعويض ومازلتُ أقطُنها منذ ذلكَ الحين »

اقشعَر بدَني؛ جراءَ ما سمِعت.
ارتفَع حاجبَي باستغِراب، لماذا هيَ تُخفي الكَثير؟

لَم أستَطع العثور على أثرٍ لألمٍ فيها.
سوى عَينيها.

فحَصت جسدَها خفية.
صدقًا.. حرصتُ أن تكونَ بخفيَة.

« لا داعِ للقلق، أنا بخيرٍ الآن »
ابتسامةٌ واهنة تشكلت بها شفتَيَها، كانَت مدعاةً للقلق أكثر.

بحرَجٍ أكمَلت حديثَها مُسرعة، عَن عمَلها الجديد وشقتِها.
لماذا لا تُكمل عن إصابَتها؟ إنها أكثر أهمية.
لن أسألكِ بنَفسي..

لا شيء مثيرٌ في حياتِها.
ولا تفاصيل تُثري حديثَها، كل شيءٍ مبهم وغامِض.

كسبَت انتباهي مجددًا حينَ زلّ لسانُها وتحدَثت عن شخصٍ يُساعدها ماديًا. تسائلت عن هوية ذلكَ الشّخص، الذي أشارَت في حديثِها عن كونهِ ذكرًا.

ألم تقُل شيئًا عن عثورها على عملٍ جديد قبلَ دقائق؟
هل ساءت حالَتها أم تحتاجُ المَزيد؟

ألَيس من المَنطقي أن تفكِر باللجوء إليّ قبل رجلٍ غَريب؟

لو فعَلت لوصفتها بالاستِغلالية.. ما أمر هذا التناقض؟

بالتَفكير في الأمر.. لم تتطرَق لتفاصيل هذا العمل وماهيته.
ماهو مقابِل هذهِ المساعدة؟

لَن أنكِر كم كنتُ قلقًا، بلقاء واحِد يُمكنني إدراك أنها ساذَجة.

وهذا يدفَعني للتّفكير بأسوء النتائج.
وهي، أنها عادَت للمتسبب الأكبر في كل شيء.

قطعًا لَم تفعَل! بالتأكيد لن تُفكر بالبحثِ عن شخصٍ سلَب شبابَها لطلبِ العَون! أعرف بأنها كانَت تعاني برفقَته لسنينَ طويلَة.

في نهايَتها كنتُ أنا النّتيجة

استَشعَرت عدَم إنصاتي لها فَصمتَت، لَم انتبِه لذلكَ.

تنهدَت مغمضًا عَيناي، غاضبٌ قبل سماعِ إجابتها عن صحة اعتِقاداتي بشأن هوية ذلكَ الرّجل.

نظرتُ إليها وسألتُ بحِدة
« وماذا عن والدي؟ هَل قابلته مُجددًا؟ »

_

_

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

_

غاليَتي ✔️                                              حيث تعيش القصص. اكتشف الآن