كنتُ مستعدًا لمقابَلتها حاملًا الكثيرَ مِن الغَضب. شعوري بالخِيانة أقوى من أن أتفهم تخليها عن ابنها بسبب حياتها البائسة. لكن عقلي صار فارغًا بعد رؤيتها.
ألَم تُنجبني صغيرَة؟ هَل يتغَير المرء لهذا الشكل في عشرونَ عامًا؟ لّم تفرق كثيراً عن أمي، وكأنهما في العِقد الخامِس ذاتِه.
بَل حالُها كان أكثر سوءًا، تلك التجاعيد والتعابير المُرهقة ظهرٌ منحنٍ وجسدٌ هزيل. ماذا حصَل بعد رحيلِها عني؟!
من المفتَرض أن تبدو يافِعة، في أبهى حُلة، في منظَر يسمحُ لي بالصّراخ في وجهِها. كَيف أغضَب وقَد ساء حالُها أكثَر بعد أن تخَلصت من عبءٍ في حياتِها؟
لا أتذكَرها إطلاقًا، لا أجدُ سوى هيئةَ أمي تُغطي خاصَتها فحصتُها بتركيز أحاوِل استعادَة مظهَرها الشّاب سابقًا.
لكنها استمَرت في تجَنب عَيناي إن نظَرت لها ألَن تُعطني حتى فرصةَ استِعادة وجهكِ المفقود من ذكرياتي؟
حدّقت طويلًا بها، تمسَح دموعها مرارًا، تبكي بِكتمان دون توَقف.