الفصل الثامن و الثلاثون: شيل و لعنة الخلود

394 35 8
                                    


منذُ الأزل كان الخلود أحد أكبر أحلام البشر و أكبر بغاياهُم

سعوا جاهدين للحصول على هذا الشيء، و أستعملوا أبشع الطرق للوصول إليه

فقد خرجت العديد من شائعات عن كيفية الحصول على الخلود، فالبعض قال بإنه يجب أن تقدم تضحية للشيطان، و الأخر قال بإنه يجب أن تشرب دماء رضيع حديث الولادة، و غيرها من الطرق البشعة و التي لا تأتي على بال الإنسان

لكن كلها كانت خاطئة، و الطريقة الوحيدة لتصبح خالداً هي أن تكون طيفاً، للطيف مزايا عديدة و أحدها الخلود

لكن أن تتحول إلى طيف ليس بالأمر اليسير، هناك طريقتان فقط لذلك

إما أن تشرب من مياه البحيرة السحرية أو أن تبيع روحك إلى زعيم الشياطين أو بالأحرى الشيطان الأكبر ساتان

الكثيرون طمعوا لهذه الميزة و رغبوا بِها بشدة، و لِكن على الرغم من أن ميزة الخلود تجعلك تحيا للأبد و تعالج جميع جروحك القاتلة إلا أنها كانت عذاباً بالنسبة لبعض مُلاكِها

فتخيل معي أن تعيش لِأكثر من مئة سنة و تَمْرُ عليكَ أشكالُ الحروب و يموت أمامك أعز الأشخاص على قلبك و أنت تعلم أن هذا هو آخر لقاءٍ بينكم

فعندما يموتُ البشر ينتقلون إما للنعيم أو للجحيم، فكيف بِمن لا يموتُ أبداً؟

و حتى في الحالات التي مات فيها بعض الأطياف الخالدين و التي هي نادرةٌ للغاية، تقوم أجسادهم بالتلاشي و الأختفاء، فلو كنت خالداً سواءَ أن مُتَ أو بقيت على قيد الحياة لن تستطيع مقابلة الأشخاص الذين تفقدهم مرةً أخرى

و أحد هؤلاء الذين تعذبوا و سأموا من ميزة الخلود هو شيل

فكما نعرف إن شيل طيفٌ و خالد و عاش ما يقارب المئة سنة

مئةَ سنة من العذاب و رؤية عائلته أحبائه و أصدقائه و حب حياته يموتون أمامه

كان شيل يعتبر الخلود لعنةً نزلت عليه أكثر من كونها ميزةً معطاةً له

أعطى شيل ايزاوا خبراً بأنه سيخرج لبعض الوقت، أرتدى معطفه و قبعته و خرج من الباب راكباً حصانه يقوده بينما الرياح تداعب خصلاته البيضاء الطويلة

نزل من على الحصان بِجانب إحدى متاجر الزهور و أشترى منها عدة زهورٍ بيضاء اللون قبل أن يكمل طريقه لمحطته الأولى

كانت أول محطاته إحدى المقابر في الريف، و كأي مقبرة كان الحزن و الصمت المخيف هو ما يسودها

ترجل من على الحصان حاملاً الزهور ناحية للمقبرة، زهرةٌ لأمه، زهرةٌ لأبيه، زهرةٌ لأخيه الأكبر، زهرةٌ لإخته الصغرى، أربع زهورٍ لأربعةَ من أصدقائه، زهرةً لأستاذه و زهرةً لعشيقته سيلينا

كانت جميع الزهور بيضاء اللون ما عدا زهرة سيلينا، كانت زهرتها حمراء كالدم

لطالما كرهت سيلينا الزهور البيضاء و أحبت الحمراء حباً كبيراً، ما إن عرف شيل بهذا بات مداوماً على إحضار الزهور الحمراء إليها كل يوم

LUNA|لوناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن