ما حل ذلك كله ! ماحله ؟!

151 19 57
                                    


انتهى موعدي مع "بي" وقمت بتوصيله للمستشفى بصحبة والده ووالدته فقد اتصلت بهما ودعوتهما لحضور حفل عيد ميلاده ؛ لم يعترض "بي" فيبدو أنه أصبح يثق بي ويحبني لدرجة جعلته يسامح والديه ويصفح عنهما ويستمع إليهما ؛ تركتهما معه ليتحدثا وودعته بقبلة على جبينه؛ خرجت من غرفته وفي طريقي وقع نظري على لافتة وُضعت على مدخل ممر طويل ينتهي إلى بوابة كبيرة ؛ كُتب على اللافتة بنك العيون ؛ لا أدري كيف خطرت لي تلك الفكرة لكنني مشيت بخطوات ثابتة نحو ذلك الممر وفتحت الباب ودخلت لأجد الموظف المسؤول ؛ سألته عن عمليات زراعة القرنية وكيف تتم وماالذي يجب على المتبرع وعلى المريض فعله؛ تحدث في تفاصيل كثيرة فهمت منها مافهمت والباقي صعب عليٓ فهمه؛ عرفت أن ألاف الأشخاص على قائمة الانتظار ينتظرون دورهم في عملية زراعة العين ولكنهم لم يتلقوا إتصالًا حتى الآن يفيد أنه تم العثور على متبرع مناسب ؛ ثم سألني الموظف سؤالًا مباغتًا جعلني أرتعد :

- تريدين التبرع أثناء حياتك أم تريدين أن توصي بذلك بعد موتك ؟
أجبت بصوت متردد مهزوز قائلة :
- أريد التبرع بقرنية عيني بعد موتي .
مد يده بخفة وفتح الدرج الذي أمامه وأعطاني استمارة قائلًا :
- إذن قومي بمليء نموذج التعهد هذا .
سجلت اسمي في سجل المتبرعين الخاص بالمستشفى وسجلت اسم جونغ يو في خانة المُتبرع له .
لا أدري كيف حدث ذلك لقد حدث في لمح البصر ودون تفكير ؛ لكنني أبدًا لم أشعر بالندم فقط كنت أشعر بالدهشة من نفسي فأنا لست بتلك الشجاعة .
كانت ليلة لاتشبه غيرها؛ ليلة من تللك الليالي التي لا أمتلك فيها إلا أمنية واحدة وهي أن ألقى جيهوب للمرة الأخيرة؛ أشرت بيدي نحو قلبي وضغطت عليه برفق مثلما أفعل كلما اشتقت إليه؛ لا لشيء إلا لأنني أشعر أن حبه توحد مع قلبي وصارت نبضات قلبي تألفه؛ عدت إلى البيت وفي قلبي وصدري مالا يعلمه الا الله من الفراغ والوحدة والضياع؛ تتخبط مشاعري بين "بي" و"جونغيو" و"جيهوب" اتساءل ماحل ذلك كله ما حله ؟! لكنني تذكرت سعادة" بي" وفرصة جونغ يو التي حانت لرؤية ضوء الحياة مرة ثانية فارتسمت على وجهي ابتسامة سعادة ؛ وصلت إلى البيت طرقت الباب على غير عادتي فأنا أمتلك مفتاحًا لكنني كنت أريد أن أتحدث مع جونغيو ففكرت أنه قد يكون نائمًا و إدعيت أنني نسيت مفتاحي ؛ فتح لي ولم يعقب على عدم استخدامي المفتاح؛ لم ينطق بكلمة واحدة على غير عادته لم يوبخني لأنني نسيت مفتاحي وعدت متأخرة ولم أصنع له العشاء؛ الشيء الوحيد الذي بدا لي غريبا هو سؤاله بعد صمت طويل :
- لماذا تبدين سعيدة هكذا وكأنك حصلتي على كنز؟!
اتسعت ابتسامتي وقلت :
- أنا ممتنة للوقت الذي عشناه سويًا؛ لقد كان طويلًا لدرجة أنك صرت تشعر بي دون أن ترى ملامحي وتعرف ان كنت سعيدة أم حزينة.
ثم أكملت :
- أتذكر ذلك المال الذي كنت أدخره وكنت تتهمني بالبخل لأنني كنت أتهرب من المشاركة في مصاريف البيت معك ؟ لقد كنت أُهلك نفسي بالعمل والدوام الجزئي في كل تلك الوظائف كي أدخر هذا المال لأسدد فاتورة المستشفى ومصاريف عملية "بي" ولكنه اليوم تصالح مع والده الغني ولن يحتاج إلى المال سيتكفل والده بكل شيء .
قاطعني قائلًا :
- لهذا تبدين سعيدة ! لابد أنكِ سعيدة لأنكِ ستنفقين المال على التسوق وشراء الفساتين ومستحضرات التجميل .
- لا أنا سعيدة لسبب آخر؛ لكن عدني في البداية أنك ستوافق على اقتراحي ولن ترفض ؟
- ماهو اقتراحك ؟
- لقد ذهبت اليوم لبنك العيون وملأت نموذج التعهد الخاص بعملية نقل قرنية لك ؛ سأكون المتبرع لا تقلق لن يكلفك الأمر مالًا كثيرًا فقط سوف أستعير منك بعض المال لأضيفه لما ادخرته وسوف اسدد لك لاحقًا .
انتفض جونغ يو واقفًا واقترب مني قائلًا :
- هل جننتي ؟ تفقدين بصرك وتتبرعي لشخص عرفتيه فقط منذ أقل من عام ؛ من تظنين نفسك ملاك ؟!

توأم روحي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن