الجميع يحمل في قلبه جرحًا

159 19 49
                                    

يقطع المشهد صوت طرقات مترددة على الباب؛ أفتح الباب لأجدها  أمامي؛ وجه مألوف لامرأة خمسينية رائقة البياض بجبين صغير وشعر قصير وشبح ابتسامة صغيرة ؛ تقلب نظرها بالداخل وتنظر إلي وجه جيهوب وجونغ يو  بعينين نصف مفتوحتين يسيل منهما حنانًا كبيرًا وألمًا مخفيًا بعناية؛ يرتد نظرها إلى وجهي وهي تتساءل :
- أنتِ آنستازيا ؟
- نعم ؛ لكن من أنتِ
يجيبني صوت جيهوب وهو يسحب تلك المرأة من يدها للداخل ويخاطبني بابتسامة قائلًا  :
- احداهن لاتكف عن الثرثرة  أنها تعرف كل شيء عني وعن عائلتي ولا تستطيع حتى تمييز وجه أمي .
ضربت على جبهتي بيدي وقلت وأنا لا أزال على الباب :
- يا لي من حمقاء غبية كيف أخطيء هذا الخطأ لطالما رأيت صورًا تجمعكما سويًا .
اغلقت الباب ووقفت أمام أمه باستقامة و أرخيت رأسي فوق صدري ثم وضعت يدي اليمنى فوق يدي اليسرى ومددتهما للأمام وانحنيت أمامها ثم ركعت على قدميا ويديا ممدودتان في مشهد يدعو للسخرية ؛ ضحك جيهوب حتى سعل وسألني :
- ماذا تفعلين .
قلت :
- أرحب بوالدتك فقد شاهدت  ذلك في مسلسل صيني ؛ كانت البطلة الأميرة  تفعل ذلك حينما ترى  أم زوجها  الملكة .

ضحك  جونغ يو بصوت عالِ بعدما أدرك مافعلته وقال بصوت ضاحك  : 

-ايتها الحمقاء الغبية  هل نحن بالصين!  وهل هذه الملكة! وكيف تبالغين في تقدير نفسك هكذا  وتمنحين نفسك دور البطولة في قصتنا وتفترضين أنك ستتزوجين الأمير ؟

- أيها اللئيم ومن قال أنني أقبل الزواج من أحمق مثلك !

- أنا أقصد أميرك جيهوب أيتها الغبية ؛ أليس هو أميرك الذي جعلك تهربين من منزلك وتركضين خلفه! .

- بالطبع هو أميري ؛ انظر اليه كيف يشبه الامراء والنبلاء وكيف تبدو ابتسامته مشرقة ووجهه مضيء ؛ انظر الى طوله كم هو طويل وكم هي جميلة غمازاته وصوته هل تسمع كم هو دافيء وجميل ؛ هو عكسك تمامًا .
-هو توأمي على كل حالٍ وحين تمتدحين صفاته فهو مدح غير مباشر لصفاتي .
خجلت منه واردت تغيير الحديث فنظرت إلى أمه وقلت :
- انظري كم هو قاس معي يا أمي .
قال جونغ يو بسخرية :
-هي ليست امك فأنت لست زوجة ابنها فلا تناديها أمي .
فقلت بغضب :
- قلت لك انا لا افكر في الزواج من لئيم مثلك
- وانا قلت لك أنني أقصد أميرك جيهوب ؛ فأنا لا افكر بالزواج من فتاة ثرثارة وقحة وقصيرة مثلك .
اقتربت من جونغ يو وقلت في أذنه بهمس :
- لا تقل قصيرة أمامه ايها اللئيم.
- صحيح هو توأمي الذي يشبهني في كل شيء لكنه مازال يرى ايتها الغبية ويستطيع ان يعرف أنك قزمة فأنا عرفت من مستوى صوتك انك قصيرة فكيف وهو المبصر لن يلاحظ .
مكثنا هكذا نتجادل ونتشاكس وجيهوب وأمه يراقبان حوارنا بابتسامة؛ وبعد حديث دام طويلًا وضحكات وحكايات ساد الصمت وقرأت على ملامح والدتهم أنها تريد أن تتحدث مع ولديها حديث خاص؛ إدعيت أنني على موعد مع "بي" لامنحهم مساحتهم الخاصة واترك لهم المنزل ؛ استأذنت وخرجت ؛ لكن فضولي القاتل جعلني أقف وراء  الباب من الخارج حين سمعت صوت جيهوب يقول لجونغ يو :
- هل سامحت أمك وسامحتني؟
قال جونغ يو :
-الأ مر ليس بتلك البساطة لقد تخليتما عني سنوات طوال .
قالت أمه :
- نحن لم نتخلى عنك أنت تفهم الأمر بشكل خاطيء .

توأم روحي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن