البارت السادس عشر

128 5 0
                                    


- كريم راح في غيبوبة!
ارتجف جسدها وتذكرت الكابوس حتى شعرت بالدوار وجلست على الآريكة، هرول عادل إلى المطبخ ليأتي بكوب ماء وهو متعجب من ما حدث! أعطاها الكوب وظلت ترتشف بعض القطرات حتى هدئت فنظرت له بثبات: عايزة اروحله.
- ليه يعني؟ هروح أنا بس وهطمنك متقلقيش، ادخلي كملي نومك.
أمسكت يده بلطف قائلة بصوت متحشرج: لو بتحبني وديني عنده يا عادل أرجوك.
اومأ برأسه موافقًا ومازال متعجبًا لحديثها وخوفها.
بعد مرور ثلاثين دقيقة كانا أمام المشفى، صعدا إلى غرفته ليجدوا أخته بالخارج وفي حالة من الصمت، جلست حورية بجانبها وعانقتها مما جعل أميرة تنتابها حالة بكاء مرير حتى غفوت، نظرت حورية لأخيها قائلة: هندخله امتى؟
- مش عارف لسه الدكتور مقالش، رايح استاذنه.
ذهب إلى مكتب الطبيب وجلس أمامه في حيرة قائلًا: كل ده ليه يا دكتور، حالته غريبة أوي ومحصلش حاجة لكل ده!
- لا حصل يا أستاذ عادل، التعب النفسي مش سهل وهو حس بغلطته وهيبقى كويس في أقرب وقت متقلقش.
- وينفع ندخله؟
- ايوه بس متخليهوش يفتكر حاجة من الماضي.
اومأ الآخر برأسه موافقًا وغادر المكتب ليذهب لصديقه، بعد دقائق دخل بصحبة أخته حتى تقدمت وجلست بجانبه وهمست بأذنه بعض الكلمات لم يستمع لها عادل ومازال يتعجب كثيرًا مما يحدث، ظلت تهمس لثواني معدودة حتى ابتعدت عنه وهي تنتظر أي دلالة ليفيق من تلك الغيبوبة! مرت دقائق والغرفة في حالة سكون وصمت حتى سعل كريم وأفتح عينيه وظل ينادي بإسمها، هرولت مسرعة إليه وابتسما كلاهما للآخر قائلة له: أخيرًا فوقت، الف سلامة عليك.
- أنا حلمت بيكِ
- وأنا كمان علشان كده جيت هنا، و..و قولتلك كده.
نظر لها بحب: قولتيلي ايه؟
- أنت عارف على فكرة.
تقدم عادل بحذر قائلًا: حمد لله على سلامتك، فيه ايه مالكم؟ أنا عايز افهم كل حاجة.
ابتعدت حورية وتنهدت قائلة بتوتر: قبل ما نيجي هنا أنا حلمت بكابوس أن كريم تعبان وقالي قوليلي ب.. بحبك علشان ابقى كويس وأنا موافقتش ومشيت وأول م نزلت سمعت صوت صويت أميرة وساعتها قومت من الكابوس وقولت لازم اروحله اقوله كده يمكن دي علامة!
تحدث كريم بهدوء: قايلاها مش من قلبك صح؟
كادت تنطق ولكن قاطعهم دخول زينب إلى الغرفة قائلة بحدة: عايزة اقعد مع كريم لوحدنا، اتفضلوا بره.
صدم ابناءها من حديثها؛ جائت ورأتهم بدون أن تتحدث معهم وكأنهم سراب!
اقتربت منها ابنتها قائلة بهدوء مخيف يعكس ملامحها البريئة: عايزة كريم ليه يا ماما؟
- أنتِ مالك، اتفضلي بره مع أخوكي.
أمسك أخيها يدها وغادرا، كانت حورية خائفة بعض الشيء وقلبها يخفق بشدة فإنها تريد معرفة سبب مجيء والدتها، عزمت أن تخبر أخيها بطلب والدتهم سابقًا وإنها تريد صديقه في أمرًا ما.
قصت عليه ما حدث في بيت سميرة حتى قال أخيها وهو شاردًا: طيب هي عايزة ايه أنا مش قادر افهم!
- مش عارفة أنا كمان، بس لازم نعرف.
- أكيد هنعرف بس نستنى لما تمشي من عنده.
- ممكن تقوله ميعرفش حد زي ما كانت قايلالي إني معرفكش!
ربت أخيها على كتفيها بحنان قائلًا: هنعرف متقلقيش بس ياريت متخبيش عني حاجة تاني.
اومأت برأسها موافقة وساد الصمت والتوتر المكان حتى غادرت والدتهم بدون أن تحدثهم، نظر لها ابنها في صمت وحيرة من أمرها فكيف تطيق أن تمانع الحديث عن ابناءها؟ لم يجد إجابة لذاك السؤال المعقد فقام مع أخته لغرفة كريم.
كان جالس في الشرفة يستمع إلى الموسيقى وبيده كوب من القهوة الباردة حتى استمع لصوت طرقات على بابه الخارجي فقام ليرى من القادم حتى رأى رجل يرتدي ملابس سوداء ولم يتعرف على ملامح وجهه وبيده سكين حاد وحبل غليظ فسقط الكوب من يده وحاول التماسك وظل يتراجع فيتراجع معه ذاك الرجل الخفي فقام بحركة مفاجئة بضرب الرجل وحصل على السكين أخيرًا، اقترب مؤمن بحذر: أنت مين، جاي هنا ليه؟
قال الرجل بصوت يشبه فحيح الأفعى: جاي انتقم منك يا اخويا، عامل نفسك بطل، ههه على نفسك.
- مش فاهم تقصد ايه؟
صمت الرجل ثم غدر به وقام بحركة مفاجئة وركله بعض الركلات برجله حتى أصبح تحته، شعر مؤمن برائحتة المقززة فقال بإزدراء: ابعد عني يا عم.
- مش هبعد غير لما تعرفني مكانها.
- مكان مين أنا مش فاهم حاجة!
قام الرجل من فوقه وجلس بتكبر على الآريكة قائلًا: القمر الوردي.
صعق مؤمن من حديثه قائلًا لذاته أيقصد هي؟!
في المشفى، كانا يجلسان الأربعة معًا بغرفته حتى قال عادل بصوت واضح: أمي قالتلك ايه يا كريم!
تنحنح كريم ونظر لحورية في توتر قائلًا: أنا مش عارف هي ازاي تطلب كده.
حورية بثبات: طلبت ايه؟
- إني ا أتجوزك، حتى لو أنتِ مش موافقة.
نزل حديثه عليهم كالصاعقة، وظلت تنظر إليه بضعف قائلة لذاتها: يا ترى هيستغل كلامها ويعمل كده علشان بيحبني، حتى لو أنا مبحبوش!
ساد التوتر المكان حتى قاطعه عادل قائلًا بجدية: بس أنا مش موافق، اظن دي ملهاش علاقة بإننا صحاب ولا لا يا كريم.
اومأ الآخر برأسه موافقًا متفهمًا حديثه ثم أطلق تنهيدة قائلًا: وأنا مش هعمل حاجة انتم مش موافقين عليها، ثم أكمل بتوتر: حتى لو على حساب مشاعري وحبي!
ابتسمت له حورية بوهن ثم غادرت فهي لا تطيق هذا الحديث، كيف تطلب والدتها ذلك؟ هل هي والدتها من الأساس! فهي لما تشعر معها بالأمان والحنان يومًا!
قررت أن تتخلص من ذاك التشتت بأن تحادثه وتهدأ قليلًا، بعد ثواني كان هاتفه يعلن عن مكالمة فكاد يمسك به حتى أخذه ذاك الرجل قائلًا: مش هترد ومش هتتخلص مني غير لما تعرفني مكانها.
سار الخوف بداخله وتمنى أن لا تكون هي  ويجيبها الرجل ويتعرف عليها من صوتها!!
نطق مؤمن أخيرًا: هعرفك مكانها بس تفك الحبل ده وهنزل معاك نروحلها.
اقترب منه قائلًا بتحذير: أي حركة غدر منك، صدقني مش هتكسب.
- متقلقش بس هات الفون خليه معايا.
أعطى له هاتفه وحرر قيوده من ذلك الحبل الغليظ وشعر بألم في جسده أثر ذلك الحبل.
غادرا معًا من منزله وكان يسيران ومازال ذلك الرجل مخفيًا بتلك الملابس السوداء، تحدث مؤمن بخفة: أنت ايه اللي دخلك في سكة الخطف وكده؟
نظر له الرجل بصرامة مغلفة بوهن: الظروف خليتني كده.
- ظروف ايه؟
- أنت هتصاحبني، امشي وأنت ساكت!
زفر مؤمن بضيق وظل يفكر حتى قال: ولو قولتلك إني عايز ابقى معاك فالشغل ده، هتوافق؟
- وتبقى معايا ليه، لا شوف حاجة تشتغلها تاني وبعدين باين عليك ابن ناس مش وش إجرام كده.
تنهد الآخر بحزن: الظروف برضو هتخليني ابقى كده.
ربت الرجل على كتفه قائلًا: ماشي هساعدك بس نوصل للبنت.
- ماشي يلا بينا.
بعد مرور دقائق كانا قد وصلا إلى المشفى حتى تعجب الرجل قائلًا بجدية: هي ساكنة في المستشفى، أنت هتضحك عليا ده أنا اقتلك!
قهقه مؤمن ثم قال: يا عم ساكنة هنا ايه بس ده أنا هطلع أخلي أي ممرضة تحط على جسمي ده مسكن ولا أي حاجة علشان فعلًا مش قادر امشي اكتر من كده، وده كله بسبب الحبل خلي بالك يبقى بسببك، سيبني اطلع بقى!
زفر الرجل بملل: اطلع ومستنيك هنا ومتتأخرش.
- ماشي، ثم غادر إلى الداخل وأخرج هاتفه من جيبه ليحادثها وبعد مرور ثواني جاء صوتها قائلة: فينك مبتردش ليه؟
- أنا في المستشفى، أنتِ فين؟
- في المستشفى برضو، بس أنت تعبان ولا ايه؟
سعد مؤمن لوجودها في المشفى لينفذ! فقال: أه جسمي واجعني شوية، أنتِ موجودة علشان صاحب أخوكي؟
- ايوه بس شوية وهنمشي، عايزة اتطمن عليك ممكن ولا لا!
- لا ايه بس, هعدي عليكِ دلوقتي.
ابتسمت بلطف: ماشي مستنياك.
انتهت المكالمة وبعد دقائق كان تلقى العلاج المناسب فقرر الذهاب إليها وينفذ!
ابتسمت عندما رأته قادم إليها فقامت من مقعدها قائلة: عامل ايه دلوقتي؟
ابتسم لابتسامتها: بقيت أحسن، عادل فين؟
- عادل جوه مع صاحبه.
- طيب معلش ادخلي قوليله إنك هتنزلي معايا اجيب حاجة ونيجي تاني.
تعجبت من حديثه قائلة: حاجة ايه؟
- هقولك بس روحي يلا.
اومأت برأسها موافقة ودخلت الغرفة لتخبر أخيها بينما مؤمن يقف متوترًا بالخارج.

انتظروا البارت السابع عشر.

مُغفلة عشقتني.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن