صُدم من حديثها حتى قال بدهشة: تتجوز مين ومنبقاش عيالك ازاي، فيه ايه يا ماما بقى كفاية تحكم خليها هي تختار قرارتها!
زفرت بضيق ونظرت له بغضب وقامت من مقعدها لتذهب إلى المطبخ.
في بيت آمال، أمسك كريم بهاتفها ليجد اسم 'شريف'، عقد حاجبيه وكز على أسنانه بغضب وقال بصوت جهوري: أميرة.
هرولت إليه متوترة حتى وجدته ممسك بهاتفها وعلى هذه الحالة، تعجبت من ماذا حدث ليصبح وجهه أحمر اللون كجمرة من النار!
تقربت إليه بهدوء مغلف بقلق قائلة: نعم!
قام من مقعده وهو ثابت النظر إليها واعطاها الهاتف وقال بثبات: ردي عليه قدامي.
نظرت للشاشة فوجدت اسمه، سارت قشعريرة في جسدها وظلت ترتعش حتى انتهى الاتصال، فقال أخيها بجدية: اتصلي بيه.
اومأت برأسها موافقة وحاولت الاتصال حتى أجاب ليقول بمرح: ايه يا بت فينك، وبعدين مردتيش عليا ليه أول مرة!
كادت ستنطق ولكن عجز لسانها عن الحديث من فرط التوتر والقلق فصمتت لعدة ثوانٍ وقالت بصوت متحشرج: مش عايزة اعرفك تاني.
_نعم! وده ليه ياختي؟
أخذ كريم الهاتف وقال بجدية أخافت شريف: بقولك ايه ما تبعد عنها لاحسن ابعدك أنا بطريقتي.
_لا تبعدني ولا تعمل حاجة، هبعد أنا سلام وياريت تقولها متجيش تسهر معانا تاني ولا تتلزق فينا.
أغلق كريم المكالمة دون الإجابة عليه ونظر لأخته بثبات قائلًا: مش هتخرجي من البيت تاني غير معايا، زي حورية وعادل كدا، سامعة؟
اومأت برأسها موافقة وهرولت عائدة إلى المطبخ.
كان يجلس أمام البحر صامتًا شاردًا وما زال أسير لتلك الصراعات، هل يعود إليها أم لا؟
قرر مهاتفة عادل ليأتي ويجلس معه لبعض الوقت ويسرد له تلك القصة حتى تذكر أنه سرد لحورية من قبل عنها، فقرر أن يهاتفها ويتحدث معها.
كانت تقف في الشرفة وتتفحص شوارع المدينة حتى أعلن هاتفها عن مكالمة، فوجدته مؤمن! زادت نبضات قلبها كالطبول فحاولت مجاهدة أن تهدئ روعها، أجابت لتجده يقول: عاملة ايه، الوقت مش مناسب أني اتكلم معاكِ ولا عادي؟
_أنا بخير، لا عادي اتكلم.
تنفس الصعداء وقال بهدوء: ياستي أنا متلخبط وعايز اخد قرار بس مش عارف، ثم قص لها ما حدث في منزله منذ قليل ومجئ يمنى إليه.
كانت تستمع له بإنتباه حتى قالت بحزن: مش عارفة بصراحة ده اختيارك أنت، لو حاسس انك هترتاح لما ترجعوا، فخلاص اعمل كدا.
زفر بضيق قائلًا: مجرد التفكير فالرجوع بيوجع قلبي اصلًا بس قلبي عايزها فاهمة؟
_فاهمة، فكر كتير واحسب كل حاجة وفكر فالمستقبل هيبقى عامل ازاي وعلى اساس كدا هتقرر ترجع ولا لا.
اومأ برأسه متفهمًا وقال بهدوء: ازعجتك يا حورية معلش.
ابتسمت قائلة: لا مفيش ازعاج ولا حاجة أنا موجودة ليك دايمًا، مع السلامة.
ثم انتهت المكالمة وألقت بهاتفها على الآريكة وظلت تتنفس ببطء.
وفي هذه اللحظات طرق الباب ليعلن عن مجئ كريم، تقدم بتوتر من مظاهرهم المتوترة وقال بتعجب: فيه ايه أنا مش فاهم حاجة!
تنهدت زينب وقالت بإبتسامة شر: استنى وهتعرف، قامت من مقعدها وطرقت باب غرفة حورية حتى دخلت قائلة لها بصوت عالي نسبيًا: ايه يا حبيبة ماما يلا اجهزي علشان عايزاكِ قمر انهارده.
نظرت لها بدهشة من حديثها قائلة: وده من امتى؟
تقدمت إليها قائلة وهي تلمس وجنتيها بحنان: من دلوقتي يا حبيبتي يلا بقى أنا هطلع وهنستنى القمر بتاعنا، ثم غادرت لتقف الآخرى في حالة صمت وذهول تام!
في الخارج كانا يجلسا الثلاثة معًا حتى خرجت حورية وكانت ترتدي فستان ابيض اللون بحجاب ابيض حتى نظر لها كريم بإعجاب وإبتسامة رقيقة فجلست بجانب أخيها في توتر وهمست له بقلق: هو فيه ايه أنا مش فاهمة حاجة.
أمسك يديها بلطف وابتسم لها ليبعث في روحها الطمأنينة فابتسمت له ولكن بداخلها قلق لا تعلم متى سينتهي!
قالت زينب بصوت ثابت: ها يا كريم هتخطب حورية بنتي امتى؟
كان عادل سيتحدث ولكن قاطعه كريم قائلًا بجدية: أنا مش عايز يا طنط.
_مش عايز ايه مش أنت كنت بتحبها ولا كلكم بتمثلوا عليا؟
أغمض عينيه وسحب أنفاسًا متلاحقة بهدوء ونظر لهم ومن ثم إلى زينب وقال بحزن: أنا بحبها وعايزها بس هي مش عايزاني ومش هترتاح معايا وبالتالي هلاقي راحتي في راحتها حتى لو أنا تعبان ف مش هينفع.
انقبض صدرها على أثر نبرة صوته الحزين والمتحشرج من العبء القابع بداخله، نظرت له بقلة حيلة وقالت: مش بإيدي أحبك ولا لا يا كريم، أنت أي بنت تتمناك و...
قاطعها قائلًا بإبتسامة سخرية: أي بنت تتمناني ازاي؟ احنا هنضحك على بعض! ثم قام من مقعده وقال بهدوء: أنا شيطان وخربت بيتكم وخليتك تتخطفي وتدخلي المستشفى وأنا السبب في شرب أميرة للسجاير، ثم توقف عن الحديث وعيناه تتعلق بها العبرات ولكنها تأبى السقوط فتنفس بعمق وقال: أنا بعتذر عن كل اللي حصل مني، ثم نظر لزينب قائلًا: مش هقدر انفذ طلبك يا طنط وعلى فكرة حورية معملتش حاجة ولا كلمتني أنا اللي مثلت كدا عليكِ فبعتذر، ثم هرول مسرعًا إلى الباب ليغادر وكان عادل في حالة صمت تام ولم يجرؤ على التحدث لأن تلك هي الحقيقة!.
مر اليوم ببطء عليهم حتى في صباح اليوم التالي استيقظت حورية على اتصال بهاتفها وكانت جنة، تحدثت بكسل قائلة بصوت نائم: ايوه يا جنة طمنيني عليكِ.
_أنا بخير، هاجي مصر خلال أيام كدا وحبيت اعرفك بس.
جلست على الفراش وقالت بقلق: طب أنتِ هتيجي تاخدي شقة هنا ولا هتعملي ايه؟
وفي تلك اللحظة طرق باب غرفتها فسمحت للطارق بالدخول وكان أخيها فقال لها بهدوء: لو بتكلمي جنة خليها لما تيجي تقعد معاكِ هنا وأنا هشوف أي حد من صحابي اقعد عنده مؤقتًا.
ابتسمت له في إمتنان ثم قالت بسعادة كالأطفال: خلاص هتيجي تقعدي معايا، ثم صمتت وتذكرت والدتها وهل ستوافق على مجيئها أم لا؟ قاطع صمتها حديث جنة قائلة: لا تسلمي أنا هشوف أي شقة إيجار اقعد فيها.
_يا بنتي طيب لما تيجي نبقى نشوف المهم تهدي كدا لحد ما تيجي ونقعد سوا علشان وحشتيني أوي.
_وأنتِ كمان وحشتيني وأنا جاية مصر علشانك اصلًا أنتِ اللي شجعتيني، مع السلامة دلوقتي علشان اخلص اجراءات الدفن.
وانتهت المكالمة لتنظر حورية لأخيها بقلة حيرة قائلة: مقدرتش اتحايل عليها أو اعشمها أنها هتيجي تعيش معايا هنا لأحسن ماما تحط لمستها وتطردنا.
ابتسم الآخر على حديثها وقال بعبوس: أنا زهقت ياختي مش عارف ايه اخرة ماما بصراحة، أنا هنزل الشغل بقى كفاية دلع بقالي كتير واخد اجازة، عايزة حاجة اجيبهالك معايا؟
_لا يا حبيبي عايزة سلامتك.
ثم قبل رأسها وغادر بينما هي قررت أن تلجأ للنوم حتى اقتحمت الغرفة والدتها وتنظر لها بغضب قائلة:...انتظروا البارت الواحد والعشرين.
أنت تقرأ
مُغفلة عشقتني.
Romanceتنتظر من ينتشلها من ذاك السجن، من يزرع بداخل فؤادها الصبر والحب، حتى جاء هو ولكن هل سيعشقها أم سيظل أسير لذكرياته؟