بعد مرور وقت ليس بطويل كانت في بيت والدته، تحدثت بقلق: حقيقي أنا كل شوية بأجل الموضوع ده، بس يا طنط أنا خايفة عليه وعارفة أنه مش بخير، تنهيداته وهو نايم وشعره بقى يقع أوي وبييجي متأخر ومبياكلش حاجات كتير، وكمان قلقت اكتر لما قولتيلي انكم مش بتتكلموا كتير.
تنهدت الآخرى بحزن: أنا مش عارفة ماله يا بنتي، ده عمره ما خبى عليا حاجة وزي ما يكون اتغير ١٨٠ درجة، نفسي اعرف ايه اللي غيره كدا بس.
ربتت على كفيها بحنان قائلة بحب: متقلقيش يا ماما هنعرف كل حاجة، ممكن يبقى ضغط شغل.
-ضغط شغل ازاي يا بنتي، ده مدير الشركة يبقى والده أنتِ متعرفيش؟
-لا، لسه عارفة منك.
-آه، بس والده مقالش على أي ضغط ولو فيه هو مش بيخبي عليا.
-يارب خير.
-بإذن الله، خليكِ بايتة معايا انهارده علشان يكلمنا ويسأل عليكِ.
-تفتكري؟
-ايوه وبالمرة اخليه ييجي هنا ونكلمه ونشوف ماله.
-حاضر.
حل الليل وكانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، أتى من الخارج ووجد المنزل يعمه السواد، أخذ ينادي عليها بلهفة قائلًا: حورية، يا حورية!
لم يجد رد فجلس على أقرب اريكة وهاتفها فأجابت والدته قائلة: ايه يا حبيبي حورية قاعدة معايا وهي دلوقتي في الحمام.
-جات عندك ليه؟
-عادي يا ابني، تقعد معايا شوية.
-تمام هعدي عليكم واخدها ونروح.
وبعد مرور بعض الوقت اتى وكانت هي جالسة بجانب والدته في خوف، نظر لها بثبات ثم تحدث قائلًا: ماما فيه ايه مالكم كدا؟
-انت اللي فيه ايه يا ابني مالك، كلنا ملاحظين تغييرك حتى ابوك.
أغمض عينيه بإرهاق قائلًا: أنا بخير، ادعولي اعدي من المحنة دي على خير.
قامت زوجته من مقعدها وجلست أمامه وانحنت لتصبح بطوله وأمسكت بيديه: عايزة اعرف مالك بس.
قبل رأسها وعانقها وتحدث بصوتٍ يظهر عليه القلق والاضطراب: أنا بخير طول ما أنتِ جمبي وعارف أني مقصر معاكِ بس غصب عني، يلا نروح.
التفتت حورية لوالدته ورأت على وجهها علامات الحزن فتنهدت بحزن قائلة: يلا.
وبعد وصولهم للبيت تحدثت بصوتٍ هادئ: هتاكل معايا انهارده صح؟
ابتسم وقبل يديها قائلًا: مش قادر اكل فعلًا، اعذريني.
ثم غادر للغرفة لينام.
جلست على الأريكة وهي تشعر بالضيق وانها تريد الصراخ بأعلى صوت؛ ماذا حدث له؟ لماذا أصبح هكذا؟
وتدور التساوؤلات بعقلها مما يؤدي لإرهاقها اكثر واكثر حتى قررت أن تستريح في الشرفة قليلًا حتى غطت في سباتٍ عميقٍ على الأرضية.
في الصباح لم يجدها بجانبه فبحث عنها في جميع انحاء المنزل ولم يجدها فغفل عن الشرفة وذهب إليها ليجدها نائمة والطقس بارد بعض الشيء، حملها وذهب بها إلى الفراش ودثرها بلطف فاستيقظت قائلة بآلم: آه ظهري!
-ما أنتِ نايمة فالأرض يا حبيبتي اكيد جسمك وجعك.
قامت بحذر قائلة: ايوه صح، هدخل اخد شاور دافي واطلع اجهزلك الفطا...
-لا منا نازل الشغل.
نظرت له بضيق وغادرت.
وبعدما انتهت من إجراءاتها الصباحية وصلت فروضها لم تجده في المنزل فأدركت أنه غادر، زفرت بضيق ونظرت من الشرفة لتجده في الأسفل يتحدث مع رجلًا جارٍ لهم بالبيت، فحسمت الأمر وقررت أن ترتدي على عجلة وتسير خلفه لتعلم ماذا يخفي!
وبعد مرور بعض الوقت كانت يسير أمامها بالعربية وهي استأجرت عربية أجرة، حتى استقر أمام معمل تحاليل!
انتظرت بعض الوقت ودلفت إلى الداخل قائلة للممرضة: لو سمحت، عايزة اعرف حالة المريض اللي لسه داخل. وأعطتها بعض النقود لكي تجيب، فابتسمت الممرضة قائلة: هو بييجي كتير هنا يا فندم، اديني رقمك وأنا هبعتلك صورة التحليل.
أعطتها رقم الهاتف الخاص بها وغادرت إلى منزل والدته، تحدثت إليها بقلق: هو بيحلل كتير ومعرفش تحاليل ايه حقيقة، لسه هعرف بالليل والحمد لله أني خدت الخطوة دي لأننا لازم نعرف هو مخبي ايه!
-قلقانة عليه أوي يا بنتي فعلًا، شكله متغير وضعيف كدا.
-خير خير، همشي أنا علشان لو جه من الشغل بدري.
غادرت وهي تنتظر أي رسالة من تلك الممرضة حتى أرسلت رسالة في تمام الساعة التاسعة مساءًا وبها صورة من التحليل، نظرت للصورة بلهفة وأدركت أنه تحليل دم فأخذت تترجم الكلمات حتى وجدت كلمة cancer!
صدمت مما رأت والقت الهاتف وأخذ جسدها يهتز بفعل الرعشة وهي تقول بداخلها: ايه اللي جاب كلمة سرطان في التحليل، لا لا مش معقول دي اكيد بتضحك عليا!
هاتفت والدته ولم تخبرها بما علمت: الو يا طنط من فضلك عايزة اعرف عنوان الشركة.
-ليه يا بنتي ده الوقت اتأخر.
-مش مهم قوليلي بسرعة فضلًا.
أعطتها العنوان وذهبت إلى الشركة وسألت عنه فلم تجده، وأخبرها والده أنه غادر منذ ثلاث ساعات، انهارت اكثر ولكنها حاولت أن تتماسك لأجله وذهبت إلى مشفى التحاليل لتستفسر عن المشفى التابعة بها.
وبالفعل ذهبت إلى هناك وسألت أين يوجد زوجها ونظرت له من خلف الزجاج الشفاف للغرفة وهو مغمض العينين ويتلقى العلاج بإرهاق، أخذت تبكي بحرقة؛ أنه لم يخبر أحد بما يعاني ولم يريد أن يقلق أحدًا عليه، وهي التي أساءت الظن به وتصورت أنه يخونها! تنفست الصعداء وحبست دموعها ودلفت إلى داخل غرفته!
نظر لها بصدمة ممزوجة بالحزن والتعب قائلًا: أنتِ عرفتي مكاني ازاي!
هرولت إليه وعانقته بحذر وهي تردد: أنا جمبك وبحبك، مقولتليش ليه هو أنا كنت هبعد عنك يا مؤمن، ليه بس توجع قلبي عليك.
زاد نحيبها وهي بين أضلعه بينما هو تحدث بتعب: أرجوكِ يا حورية اطلعي دلوقتي بره وروحي وأنا هجيلك واحكيلك كل شيء، بس روحي يلا اسمعي كلامي.
نظرت له وعيناها تلمعان من العبرات العالقة بها وقالت: مش عايزة اسيبك، عايزة افضل معاك هنا.
-يا حبيبتي هخلص واجيلك بس يلا.
قبلت رأسه وعانقته مرة آخرى بلهفة وغادرت خارجًا واتجهت نحو المسجد وظلت تبكي حتى أتى شيخ يتضح عليه الحكمة والإيمان، قال لها بلطف: مالك يا بنتي بتعيطي ليه؟
التفتت له وهي تشعر بوخز في قلبها من فرط الحزن قائلة: مش عارفة ليه بيحصل معايا كدا، مش عارفة أنا عملت ايه علشان يحصل ده كله؟ وابقى حزينة دايمًا كدا.
-استغفري يا بنتي، وأنتِ اكيد مش دايمًا حزينة لأننا عايشين في دنيا مش جنة، والعسر دايمًا بين يسرين واوعي تيأسي من رحمة ربنا، اوعي وخليكِ واثقة في كرمه وفي عوضه، ثم غادر ليتركها تائهة...
بعد مرور بعض الوقت كانت قد وصلت إلى منزلها وما إن دخلت إلى غرفتها حتى شعرت بوخز في قلبها وهبوط شديد ووقعت أرضًا في الحال.
وفي نفس الوقت، هاتفها اخيها عدة مرات ولم تجب، فزاد القلق بداخله مما جعله يهاتف زوجها، وبعد عدة مكالمات أجابه مؤمن قائلًا: ايوه يا عادل فيه ايه!
-حورية مبتردش عليا، أنت فالبيت؟
-لا أنا بره ومروح فالطريق اهو، ممكن تكون نامت.
-مش عارف بس حاسس أنها مش كويسة، فاضل قد ايه وتوصلها؟
-حوالي ربع ساعة، متقلقش هطمنك وهقفل دلوقتي علشان سايق.
انتهت المكالمة بينما هو شعر بالقلق تجاهها فهي تحبه وحزنت كثيرًا عندما رأته فالمشفى فتحدث بحزن: عرفتي أني تعبان من تحاليل وانهارتي، ما بالك لو عرفتي أن عندي سرطان فالمعدة، ربنا يستر.
وبعد مرور عشرين دقيقة كان قد وصل إلى منزله فدلف إلى الداخل وهو ينتابه شعور القلق والتوتر قليلًا، وما إن دخل الغرفة حتى وجدها في حالة اغماء، صاح بصدمة: لا لا، فوقي يا حورية مالك، حصلك ايه يا حبيبتي بس!
هاتف الاسعاف فأتت بعد مرور وقت ليس بقصير فصاح بهم في غضب: ربع ساعة تأخير ليه؟
تحدث فرد منهم برسمية: حضرتك كان عندنا حالة حرجة في حادثة وغصب عننا، بإذن الله هتبقى بخير.
حملها زوجها ووضعها على الفراش وذهبت الاسعاف إلى المشفى، كان يقف بالخارج وكل جزءٍ به محطم ولا يبالي لأي شيء غير أنها تصبح بخير وتعود له في اقرب وقت.
جلس على كرسي الانتظار وهو يشعر بالإرهاق من العلاج المستمر وتذكر حديث الطبيب قائلًا: متقلقش يا استاذ مؤمن، لحقنا الورم الخبيث في البداية ويدوبك هي عملية بسيطة ونسبة نجاحها كبير جدًا.
قام من مقعده ونظر لها عبر الزجاج الشفاف قائلًا: مكنتش عايز اقلقك عليا بس، أنتِ تعبتي معايا أوي وكنت هخف في اقرب وقت يا حورية.
خرج الطبيب من غرفتها وقال بجدية: متعرضة لصدمة شديدة ووصلت لقلبها وعندها ضعف، بس حالتها مستقرة.
-الحمد لله، طب اقدر ادخلها؟
-ايوه بس متطولش ياريت علشان راحتها.
-حاضر.
دخل وجلس بجانبها ونظر لها بحب: أول مرة اتأمل ملامحك البريئة واعرف قد ايه أنتِ جميلة!، أمسك يديها وقال بحزن يملؤه الحسرة: أنا مكنتش ببعد عنك، بالعكس يا حورية كان نفسي تبقي عارفة بتعبي وتبقي جمبي كل ما اروح المستشفى، مش اروح لوحدي وافضل مستني ميعاد موتي وأنا وحيد كدا، أنا بحبك ارجعيلي.
امتلأت عيناه بالعبرات فقام من مقعده لينام بين أضلعها وهو يقول بخوف وكأنه طفل صغير: متسيبنيش، متسيبنيش.
وغطى في سباتٍ عميقٍ وبعد مرور بعض الوقت حوالي ساعة، أفاقت لتجده بجانبها وهي تعانقه فابتسمت بحب وقبلته برأسه حتى دلفت الممرضة قائلة بهدوء: بيحبك أوي على فكرة، كان من شوية بيعيط وهو جمبك.
ابتسمت لها ثم قالت بتذكر: هو أنا في المستشفى ليه؟
-حضرتك كنتِ تعبانة شوية هبوط حاط بس بقيتي بخير حمد لله على سلامتك.
-الله يسلمك، هقدر اخرج امتى؟
-مش قبل بكره يا فندم.
-تمام شكرًا.
فغادرت الممرضة بينما هي نظرت له بحزن قائلة: يا ترى مالك تعبان عندك ايه!
واستسلمت للنوم، وفي اليوم التالي استيقظت لتجد نفسها في غرفة مظلمة ويدور حولها مجموعة من الحبال الغليظة، ولا يوجد حجاب على رأسها!
تحدثت بخوف: مؤمن! مؤمن أنا فين؟
فُتح الباب لتتقدم منه فتاة ذات العقد العشريني وترتدي فستان ذهبي شفاف وشعرها اصفر، نظرت لها حورية بشك وظلت تتذكر من تلك؟ أنها رأتها سابقًا!
اقتربت تلك الفتاة منها وقالت بلؤم: ايوه أنا، أنا يمنى حبيبة مؤمن.
سارت قشعريرة في جسد الآخرى وحاولت أن لا تصبح ضعيفة قائلة بثبات: ايوه اعمل ايه، جيباني هنا ليه؟
تحدثت الآخرى بحقد: بقى مؤمن يسيبني أنا ويتجوزك أنتِ! هه لو مصدقة أنك احلى مني يبقى بتكدبي على نفسك.
-عارفة أني حلوة، ومؤمن بيحبني مالكيش دخل أنتِ.
صفعتها قائلة: اخرسي، مؤمن حبيبي أنا وبيحبني أنا.
-ماشي، عايزة ايه أنتِ؟
ابتسمت الآخرى قائلة: ايوه كدا تعجبيني، هديكِ اللي تعوزيه مقابل أنك تخلي مؤمن يعرف أنك بتخونيه ويكرهك.
-مش فاهمة.
-بصي، هتفق مع حد و...
ظلت تتحدث وهي تشرح لها كيف سيتضح له أنها تخونه ويتركوا بعضهم، وبعد ذلك تعود يمنى له وكل هذا بمقابل مادي مغري جدًا.
أخذت تفكر ثم قالت: سيبيني افكر شوية وياريت تفكي الحبال دي شوية مني علشان اتوجعت.
وبعدما فعلت ما قالته لها، تركتها بمفردها فأخرجت حورية هاتفها المحمول التي تخبأه وقالت بفخر: تمام كل الكلام اتسجل، هبعته للظابط ويعرفوا مكاني من الموقع.
وبالفعل فعلت هذا واخفت الهاتف مرة اخرى بينما في مكان آخر وبالتحديد في منزل زينب، تحدثت قائلة: يا بنتي روحتي فين بس، يا وجع قلبي عليكِ!
كان جميعهم متجمعين وينتظروا رجوعها على خير، فقال زوجها بتعجب: أنا مش عارف هي اختفت ازاي، أنا ازاي محستش ولا حد في المستشفى حس، ده حتى كاميرات المراقبة مش جايبة حاجة.
زفر عادل بضيق قائلًا: أنا مش عارف برضو ومستغرب حصل ايه ويا ترى مين خطفها؟
أُرسِلت رسالة صوتية على هاتف زوجها فاستمع لها وأدرك أنها صوت يمنى تخبره أن زوجته تنوي على خيانته! كاد يقف ويغادر لكي يبحث عنها ولكن أصابه هبوط قليلًا ووجع في أسفل البطن فصاح قائلًا: آه، ودوني المستشفى بسرعة.
تحدث كريم بقلق: مالك يا ابني! هنتصل بمين طيب؟
تحدث بتلعثم: المستشفى جمب الشركة بتاعتي، و...واسألوا على دكتور هشام علشان يعملي العملي...
ثم سقط أرضًا بينما صاح الجميع وهاتف عادل والدته ليخبرها بما حدث لابنها ولتخبره بعنوان المشفى، وبالفعل ذهبا إلى هناك وتولى الطبيب المعالج الأمر وكان من الضروري اخبارهم بأنه يصاب بالسرطان بين صدمات الجميع حتى والدته أصيبت بصدمة قوية ودخلت بغيبوبة.
وبعد مرور ثلاث ساعات كانت تجلس حورية وهي تبكي، فأنها ارسلت التسجيل للظابط ولكنها لم تتلقى أي شيء ولم يأتي أحدًا لإنقاذها، تحدثت بصبر وتعب: هصبر يارب، هصبر علشان انول ولأنك كريم.
وفي غرفة العمليات كانت تسير العملية بشكل جيد حتى صاح الطبيب قائلًا: القلب بيضعف، هاتوا الانعاش بسرعة.
وفي نفس الوقت شعرت بوخز في قلبها فقالت بخوف: مؤمن! يارب تبقى كويس، يارب.
فدلفت يمنى قائلة بدهشة: تصدقي بقى أن مؤمن محاولش خالص أنه يساعدك أو حتى يشك فيكِ، شكله مبيحبكيش وأنتِ بتتخيلي أنه بيحبك وهو مش عايز يكسر بخاطرك يا عيني!
انفعلت من حديثها فلكمتها برجلها قائلة بغضب: أنتِ مالك أنتِ، حقي هاخده منك واللي أنتِ عاملاه فيا هعمله فيكِ، خليكِ فاكرة ده كويس يا يمنى.
ابتسمت الأخرى وغادرت بينما هي ظلت تركل الأرض برجلها بغضب شديد حتى فك حصارها، نظرت بصدمة قائلة: ازاي اتفك ده؟ أنا معنديش قوة للدرجة!
وظلت تنظر للأرض بدهشة حتى قاطعها صوت بداخلها يقول: أنتِ لسه هتشوفي اتفك ازاي! يلا دي فرصة شوفي حيلة اهربي منها.
-صح صح، ثم نظرت حولها فوجدت نافذة ولكن ممتلئة بالزجاج المتناثر، عزمت على الهروب منها وبالغعل لم تبالي للجروح التي أصابتها بفعل الزجاج ونجحت في القفز من النافذة، سقطت أرضًا فصاحت بآلم: آه بطني!
نظرت لبطنها فوجدت الدم ينزل منها فلمسته وقالت بتعب: ايه ده كله، اكيد ازاز دخل في بطني، مفيش وقت لازم اجري من هنا قبل ما تعرف أني هربت.
وبالفعل شرعت في الجري بينما طاقتها تقل وتقل، فالمكان فارغ لا يسكنه أي شخص ولا يوجد أي وسيلة مواصلة، زفرت بتعب وأخذت تجري مرة اخرى حتى أخرجت الهاتف قائلة بحزن: ١٠٪ ويفصل! لازم اكلم حد منهم بسرعة
هاتفت أخيها لتجده يتحدث بلهفة: فينك يا حورية أنتِ كويسة؟
-الحقني يا عادل كنت مخطوفة، المهم دلوقتي أنا في مكان مقطوع ومش عارفة امشي ازاي أو اوصل لمكان فيه ناس ازاي، خايفة أوي والفون هيفصل وتعبت.
-ابعتي الموقع بسرعة.
-حاضر سلام.
ارسلته له ووجد أن المسافة ما يقارب ساعتين والمنطقة تلك بعيدة كل البعد عن اسكندرية موطنهم، زفر بضيق وأخذ كريم وعزم الذهاب إلى هناك في اسرع وقت.
وبعد مرور ساعة من الجري المتواصل صاحت بتعب وهي تنزف اكثر واكثر ويوجد في بطنها آلم غير عادي: يارب، أنا تعبت.
استمعت لصوت كلاب بجانبها فظلت تبكي بخوف وهي تتمنى وجود مؤمن بجانبها وتتمنى أن تعود إلى منزلها.
في المشفى، كان جميعهم يجلسون فالخارج وهم في حالة قلقة على الخمسة، خرج الطبيب من الغرفة قائلًا بهدوء: العملية نجحت الحمد لله، بس لازم يرتاح وتقدروا تطمنوا عليه بعد مرور ساعتين.
تحدث والده بلهفة: الحمد لله، طب عايزين نتطمن على والدته.
-تمام هشوف الممرضين واخليهم يعرفوا حضرتك يا فندم، بعد اذنكم.
كان الجميع في حالة يرثى عليها حتى هاتفت زينب ابنها قائلة: ايه يا حبيبي أنت فالطريق؟
-ايوه، وبتصل بيها مبتردش قلقان عليها.
-خلاص متتصلش تاني دلوقتي علشان فونها ميفصلش، وخليك فالطريق وربنا معاكم.
انتهت المكالمة وبعد مرور نصف ساعة وجد كلاب كثيرة ودم بالأرض، تحدث لصديقه برهبة: ايه المنطقة دي مهجورة كدا ليه، يا ترى هي فين!
أخذوا يبحثوا عنها حتى اشار لهم كلب وانصرفوا خلفه ليعلموا ماذا يريد، بعد سير خمس دقائق كانوا أمام فتاة ملقية أرضًا وبملابس المشفى، اقترب منها أخيها ليصيح بقلق: حورية!
وجدها فاقدة الوعي وحولها دماء كثيرة، فزع من ذاك المشهد وقال لصديقه: لازم نعرف الدم ده جاي منين علشان نوقفه، لسه قدامنا كتير عبال ما نوصل.
-تمام يلا.
وبعد مرور نصف ساعة من تلك السرعة، كانوا قد وصلا إلى منزل مفتوح ابوابه، تقدم كريم بصوت عالي قائلًا: ياللي هنا!
-ايوه!
أجابت عليه فتاة في العقد العشريني وتسمى ورد.
-معانا واحدة تعبانة، متعرفيش أي مستشفى قريبة من هنا؟
كان يحملها عادل فنظرت لها بقلق وقالت: ايوه انا ف تمريض، اعرف شوية.
-انتِ عايشة هنا ازاي؟
تنهدت بلا مبالاة قائلة بثبات: مبحبش الناس، فعلشان كدا قاعدة هنا لوحدي ومش خايفة، يلا علشان اسعفها.
أوقفت النزيف وأخبرتهم انها تحتاج إلى متخصص في الجراحة لينتزع ذاك الزجاج الذي اقتحم جسدها من الداخل، وبالفعل اخبرتهم انها تعمل في مشفى قريبة وذهبت معهم في العربية، وبعد مرور بعض الوقت كانوا أمام المشفى فسبقتهم وتحدثت مع الممرضة بهمس وبعدها أدركوا أنها كانت تخبرها أن لا يأخذوا منهم مال مقابل معالجتهم لها.
دخلت حورية لقسم الطوارئ بينما خرجت ورد وهي ترتدي زي التمريض قائلة بأسف: الدم اللي كان بينزل من بطنها ده مش من الازاز.
أجاب عادل بلهفة: طب من ايه؟
-كانت حامل والبيبي نزل، البقاء لله.
-الدوام لله، طيب مش عارف اعرفها ولا لا!
-لازم تعرفها بس بعد ما تفوق وتبقى حالتها كويسة لحد ما، وبعدين هو ايه اللي حصل لكل ده؟
قال بأسف: كانت مخطوفة وهربت.
-ياه! هتبقى بخير متقلقوش وهتضطر امشي أنا علشان الوقت ميتأخرش.
-شكرًا جدًا ليكِ.
-لا شكر على واجب، دي زي اختي وياريت تخلي بالكم منها.
ثم غادرت ليهاتف عادل والدته قائلة: لقيناها وهي حاليًا في المستشفى وكانت حامل وسقطت.
صاحت الآخرى منفعلة: يالهوي!
-بس يا ماما اهدي، هقفل أنا دلوقتي وطمنيهم علينا احنا بخير.
-حاضر.
انتهت المكالمة وفي نفس الوقت نادى الطبيب على زينب لكي تحادث مؤمن بالداخل، دلفت لغرفته قائلة بحنان: حمد لله على سلامتك يا ابني، والدتك هتبقى بخير متقلقش.
-موصلتوش لحورية؟
-عادل وكريم راحوا يجيبوها وهما جايين فالطريق.
-هي كويسة يا طنط؟ أرجوكِ متخبيش عليا.
-الله بيعوض يا ابني وعوضه جميل، مراتك كانت حامل وسقطت.
لم يجيب وحزن كثيرًا ولكن كان كل ما يقلقه حالة زوجته.
في مكان آخر، تحدثت يمنى بغضب لموظفيها: ازاي هربت؟ أنا مشغلاكم هنا ليه، مالكوش لازمة وكلكم مطرودين.انتظروا البارت الثلاثون والآخير.
أنت تقرأ
مُغفلة عشقتني.
Romansaتنتظر من ينتشلها من ذاك السجن، من يزرع بداخل فؤادها الصبر والحب، حتى جاء هو ولكن هل سيعشقها أم سيظل أسير لذكرياته؟