تنهد بحزن قائلًا: أسمي مؤمن عندي ٢٦ سنة ومتخرج من كلية الهندسة، من الجيزة بس جيت إسكندرية علشان..، ثم تلعثم في الحديث لتسقط عبرة حارة على وجنتيه، أخفاها مسرعًا ثم أكمل: جيت علشان اعدي التجربة اللي مريت بيها، أنا كنت بحبها اوي وكنا مخطوبين بس شافت واحد أغنى مني و.. وبعدت عني، كانت عارفة إني متعلق بيها زي الطفل المتعلق بوالدته بس الفلوس حولتها لإنسانة قاسية، بمشاعر متجمدة.
ثم توقف عن الحديث ناظرًا إلى البحر بعيون يتعلق بها العبرات ووجه شاحب، رق قلبها إليه ظلت تنظر لشحوب وجهه ولم تستطع الحديث وكأن قد أصابها شلل، نظر إليها وقرأ صمتها فبالتأكيد هي لا تعلم ماذا تقول! التفت إلى البحر ثم تذكر آخر حديث بينهم، بين مؤمن وحبيبته السابقة "يمنى"
في حديقة خلابة، تسر الناظرين بأزهارها، كانت تجلس بثبات وعينيها معلقة بالباب الخارجي تنتظره! كان الأناس من حولها يتعجبون من توترها المتزايد بينما تقول لذاتها لتهدأ من روعها: متخافيش اهدي هو هيهمه مصلحتك مقابلة وهتعدي، ظلت ترتشف من كوب الليمون لتهدأ حتى رأته قادم والإبتسامة لا تفارق وجهه، سارت قشعريرة في جسدها بمجرد رؤيته وظلت تتخيل ماذا سيكون ردة فعله على حديثها! هل سيقتلها أو ماذا؟
جلس أمامها وقد لاحظ توترها قائلًا بحنان بالغ: مالك يا حبيبتي في ايه؟
نظرت له بثبات وجمود لتستطع قول ما تريده ولا يتغلب بحنيته عليها قائلة: عايزة اقولك إنك مش هتشوفني تاني.
قهقه عاليًا لبعض ثواني ونظر لها وعيناه غارقة بالعبرات من كثرة الضحك قائلًا: ايه يا بت مالك، شكلك عايزة تخرجي يلا نروح...، قاطعته قائلة بحدة: بتضحك على ايه، أنا بتكلم بجد!
أصابه الهلع لحديثها ونظر إليها ليجد ملامح الجدية بادية على وجهها، تنهد قائلًا والحزن طاغيًا على نبراته: في ايه؟ أنا زعلتك!
نظرت إليه ورأت ملامحه الحزينة ولكنها قالت بنبرة قاسية:عايزة ابعد، مليت من العلاقة دي.
قال لها والغضب يعلوه: علاقة ايه احنا مخطوبين وعلاقتنا حلال!
زفرت بحنق لتكمل: بس أنا زهقت وعايزة انهي وابعد.
أغمض عينيه واطلق تنهيدة تعني الكثير ثم نظر للفراغ قائلًا: فيه اتنين بيحبوا بعض، يزهقوا؟
_ أنا اكتشفت إني مكنتش بحبك يا مؤمن، اتعودت على وجودك، حبيت حنيتك أو...حبيت حبك ليا، لكن أنا عمري ما حبيتك والدليل أن مفروض فاضل سنة ونتجوز بس لا أنا هبعد وكل حاجة هتنتهي، ثم رأها تترك خاتم ارتباطهم أمامه وذهبت، ذهبت ولم تعد بعد.
كانت تستمع إلى حديثه وظهر على ملامحها التأثر حتى سقطت عبرات من عينيها جعلتها أكثر براءة عن ذي قبل، تنهدت قائلة: أنا مش جاية اواسيك ولا أشفق عليك بس عايزة افهمك أن دي تجربة وعدت، هتخليك أقوى وتتعلم منها، بلاش تستسلم للضعف أرجوك.
زفر بإنفعال قائلًا: أنا مكنتش اعرف إنها بتاعت مصلحتها، ولما لقيت واحد أغنى مني سابتني، كنت لعبة بتحركها زي ما تحب!
صمتت لثواني معدودة ثم قالت: بس اتعلمت.
تحدث وعينيه معلقة بالبحر: اتعلمت إني ابعد عن كل الناس، انعزل عن العالم كله علشان متخذلش تاني، أنا بقيت ضعيف.
نظرت إلى الوقت وجدته متأخرًا تحدثت وهي تنوي الوقوف: حتى لو ضعيف، هتبقى أقوى مع مرور الوقت، بس أدي لنفسك فرصة، ثم نظرت لعينيه قائلة: لازم أمشي الوقت أتاخر، ثم التفتت لتغادر ولكنه هرول إليها مسرعًا: هشوفك تاني ازاي؟
تسارعت نبضات قلبها قائلة بتوتر: مم مش عارفة بس أنا بحب البحر وهاجي أقعد عنده تاني.
استدارت لتغادر ولكنه قال: مقولتليش اسمك!
التفتت له: حورية، إسمي حورية.
لاح شبح إبتسامة على شفتيه قائلًا: أسمك حلو يا حورية.
ابتسمت لإبتسامته: شكرًا، ثم غادرت.
وجلس الآخر على الرمال مرة اخرى فلقد اتخذ البحر موطنه.
وفي طريقها إلى المنزل، ظلت تسير بين شوارع إسكندرية والهواء يداعب وجهها الطفولي لترى رجل مُسن ملابسه متسخة وهيئته مزرية، جالس على الأرض فأقتربت منه ليظهر على ملامح وجهه المظهر الإجرامي! حاولت التراجع ولكنه أسرع إليه ليجذبها من حجابها، دوت صرخة عالية هزت الشوارع المجاورة!
في مكان آخر وتحديدًا المشفى كان عادل بجوار كريم ينتظران خروج الطبيب من غرفة أميرة، كان يبدو على أخيها الغضب والإنفعال الشديد ودارت في رأسه أسئلة متعددة: من أمتى بتشرب ويا ترى كانت فين، ولو مش سجاير بس هتبقى بتشرب ايه تاني؟
لعبت الوساوس دور هائل برأسه لتجعله يستشيط غضبًا أكثر من ذي قبل!
كان عادل شاردًا وتذكر أن يهاتف أخته لتأتي وتبقى مع أميرة، حاول الاتصال بها لم يجد رد حتى أُغلق هاتفها، فزع وقلق عليها ودارت برأسه العديد من الشكوك وندم على قراره بأن يتركها بمفردها، لاحظ كريم شروده قائلًا: مالك يا ابني!
نظر له بجمود: حورية فونها مقفول، ثم أكمل بنبرة قلق: قلقان عليها.
حاول كريم تلطيف الأجواء بإن يخبره إنها ليست بصغيرة ويجب أن تأخد حريتها ولو قليلًا وأن تعتمد على ذاتها.
لم يطمئن قلب أخيها بينما تظاهر بالهدوء وقرر أن يغادر المشفى ليذهب إلى البحر ويراها.
بعد دقائق كان أمام البحر ظل يلتفت حوله في كل مكان لعله يجدها ولكن بلا جدوى حتى جلس على الارض والخوف يعتليه وصرخ بأعلى صوت: حورية.
سارت قشعريرة في جسد مؤمن على أثر ذلك الصوت وأيضًا مناداته بإسمها، قرر أن يعلم مصدر الصوت ظل يسير حتى وجد عادل يجلس على الأرض ومتضح عليه الحزن! تعجب مؤمن منه، من يكون هو؟
جلس على الارض مثله وربت على كتفه حتى رفع رأسه مستفسرًا عن هيئة ذاك الشخص! تحدث بصوت مبحوح: أنت مين؟
رد الآخر عليه: أسمي مؤمن، حورية اللي حضرتك بتنادي عليها كانت هنا من شوية.
انتبه عادل له وتعجب بمعرفته لاسم أخته ولكنه أدرك أن هذا ليس الوقت المناسب للاستفسار فقال: وراحت فين!
هز رأسه منافيًا: مش عارف بس مشيت من هنا، ثم دله على الطريق حتى قام عادل مسرعًا حيثما أخبره.
كان يسير بين ذاك الطريق المظلم نوعًا ما حتى وجد عجوز تجلس على الأرض بنفس هيئة العجوز سابقًا، أقترب منها مسرعًا قائلًا: لو سمحت يا أمي....، قطع حديثه شيء ما يسقط على وجهه حتى سقط مغشيًا عليه!
ارتفع صوت العجوز منادية لرجال هيئتهم مزرية وحملوا عادل لمكانٍ ما.
في غرفة يسودها الظلام والرائحة المقززة كانت حورية تجلس أرضًا، مقيدة بالحبال فحاولت مرارًا وتكرارًا التحرر من القيود ولكنها فشلت، ظلت تبكي وتدعو الله أن ينجيها، حتى اقتحم الغرفة رجل نظر إليها بقسوة قائلًا: يلا يا اختي خدي الاكل لأحسن تموتي مننا ومنطلعش منك بإستفادة!
تظاهرت بالقوة واللامبالاه قائلة بثبات: مش هتستفادوا اصلًا.
أنفعل من حديثها فجذبها من حجابها ثم القاها أرضًا لترتطم بالجدار ويتلون حجابها الوردي باللون الاحمر الغامق!انتظروا البارت الرابع عشر.
أنت تقرأ
مُغفلة عشقتني.
Romansaتنتظر من ينتشلها من ذاك السجن، من يزرع بداخل فؤادها الصبر والحب، حتى جاء هو ولكن هل سيعشقها أم سيظل أسير لذكرياته؟