الفصل الثامن عشر

1.1K 82 113
                                    


****إدوارد يحكي*****

لا أدري منذ متى و انا جالس هنا على كرسي خشبي وسط الرصيف على طرف الطريق...بجانبي عمود كهرباء ينير المكان بضوئه الأبيض القوي...يدي اليمنى تحمل قارورة ماء و الاخرى تداعب غطائها بخفة....لا زال الظلام يحتل المكان و نسمات الهواء الباردة لم تغادر بعد...حتى ضجيج المدينة لم يبدأ حتى الان و الهدوء هو المصيطر الوحيد في هذه اللحظة...

كنت غارقا في تفكيري كغرق المكان في الصمت...شارد في الكثير من الأشياء...مر أسبوع على تواجدي في هذا البلد الغريب...بلد يملك لمسته الخاصة في كل شيء...هوائه مختلف...جماله استثنائي و طبيعي لم تلمسه يد بشر قط...عاداته و تقاليده لا تشبه اي شيء عشته من قبل و الاهم شعبه خاص به و فقط...بلد لا يشبه أي مكان زرته من قبل ببساطة لانه فريد من نوعه في كل شيء...حقا أستغرب كيف يمكن أن يبقى كل هذا الجمال مخفيا عن عيون العالم كل هذه السنين...كيف يمكن لمكان سياحي بامتياز كهذا ان يبقى مغمورا و مدفونا لا يعرفه معظم البشر...

تحركت من الوضعية التي كنت عليها و جعلت ظهري تتكئ على الكرسي أنظر للرصيف الفارغ الذي يقابلني...عادة عند زيارتي لأي مكان انهي عملي في ظرف قصير جدا و اعود الى بلدي و اهلي لكن هذه المرة أشعر و كأنني مقيد بهذا البلد و لا أستطيع انهاء عملي كما اريد...و كانه يمسكني و يربطني به دون ان اعلم السبب...شيء في اعماقي لا يريد الرحيل من هنا و لا يريدني ان ابدا بعملي فقط حتى تطول مدة بقائي هنا و كأن هناك شيء ما ينتظرني هنا مستقبلا...شيء لم اتوقعه يوما سيحدث معي هنا و هو الذي لا يريدني أن أرحل حتى يكون ...ففي بداية الامر كنت اربط الموضوع بعدم معرفتي للمكان او لشخص يستطيع مساعدتي لكن الان وجدت ذلك الشخص و مع ذلك لا زلت لا اريد انهاء عملي و لا اريد الرحيل من هنا ودون ان افهم السبب و مايحدث معي يغضبني من نفسي بطريقة غريبة....

زفرت بقوة و انا امسح على وجهي بيدي كاره لكل هذه المشاعر المجهولة التي تحتلني...كاره للكسل و الخمول الذي ينتشر في كافة جسدي بطريقة تجعلني اشعر و كانني مقيد و كم امقت ان اكون مسجونا لا اشعر بحريتي و انا الذي اخترت السفر و التنقل و العيش في اي مكان يحلو لي و باي طريقة اريدها حتى لا اشعر بالاختناق فقط...

وقفت بعدها انوي الرجوع الى غرفتي التي تقع بفندق بسيط هنا وسط المدينة...رغم انني املك المال الكافي لاقيم هذه المدة بفندق فاخر الا انني اخترت البساطة لانني تربيت عليها و عشقتها بطريقة جعلت من الصعب علي التاقلم في ظرف اخر غيرها...

نظرت الى الساعة و انا امشي نحو الفندق و قد بدا الهدوء يضمحل و الشوارع تكتظ بالناس فوجدتها تشير الى السادسة و النصف...لا زال الوقت مبكرا فقد خرجت على الخامسة و النصف لابدا يومي بقليل من الرياضة كعادتي دوما...ثم اخذت قسطا من الراحة على ذلك الكرسي لانطلق بعدها الى عملي و انا في قمة نشاطي رغم وجود كل هذه الافكار داخل عقلي تعكر مزاجي و تحرمني راحة البال...

صراع إمرأتانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن