_جيداااء؟؟!!
إبتعدت خطوتين عنه والصدمة بادية عليها.....لم تنطق بكلمة.....اكتفت بوضع يدها على شفتيها لتشهق بخوف
_هذا أنت...
إقترب منها وبعينيه بريق يلمع ....تحرك بدون مقدمات ليجد نفسه واقف أمامها ولايبعدها عنه شئ...
لم يقوى على التحكم بمشاعره ليضع يده على رأسها الصغير بكل حنان وكأنه يتأكد من وجودها أمامه.....تكلم بصوت خافت....سمعته هي فقط..
_هل كنتي بخير....؟
رفعت عينيها ليده الموضوعة فوق رأسها لتعيد عينيها له وهي تتأكد مما تسمعه أو بالأحرى من الشخص الواقف أمامها ....لتتكلم بشئ من الخوف وهي تنظر في عينيه التي تتفحصها بدقة....
_ ما هذا سيدي.....؟
أبعد يده ببطئ وكله ثقة وكأنه لم يبعدها بسبب كلامها بل هو أراد أن يهدأ نفسه....وضع يده في جيب بنطاله ليعيد تفحصها مجددا وكأنه لا يصدق وجودها أمامه.......تنهد وهو يرجع شعره للوراء بيده الأخرى و ادار عينيه بالمكان وكأنه يتأكد من شئ ما ليتكلم بعدها بكل برود وكأنه يتحكم بزمام الأمور....
_ كنتي هنا....؟
إبتعد خطوتين ليتأكد من المكان وأعاد عينيه لتفحصها ليردف مجددا...
_ لقد كبرتي يا طفلتي.......و بأفضل شكل يمكنني تخيله......
أدار جسده ليهم بالخروج ولكن ما إن وصل الباب حتى استدار ليختم كلامه وكأنه قال شيئا من الأساس ليزيد من حيرتها أكثر.....
_الآن أصبحت قادر على المواجهة .......إنك إمرأة ولستي بطفلة....
خرج من المحل تاركا "جيداء" مسمرة في مكانها و في حيرة و خوف شديديين .....
بدأت تسترجع ذكريات كانت قد حاولت نسيانها.....هروبها ....الطريق...الغرفة في بيته ....السيدة...
الحقيبة...النقووود....شهقت ماإن تذكرت النقود...لقد نسيت أو كانت تحاول أن تنسى ....رغم الكوابيس كانت تحاول أن ترسم حياتها كما تريد ولا تريد ذكريات مؤلمة عن الماضي الذي عاشته رغم أن "آصف" ساعدها ولم يحاول إيذائها ....لم تفهم لما بدأت تركض لتفتح الباب وتركض باتجاه "آصف" الذي لم يبتعد كثيرا...لتمد يدها وتمسك بطرف قميصه الأبيض وهي تلهث....إلتفت "آصف" جراء شعوره بشخص صغير يمسك بقميصه من الخلف ....ما إن رآها حتى فتح عينيه وهو ينظر لذاك الشعر الأحمر المتطاير والعينين الخائفتين كالقطة المذعورة....إبتسم ليسألها كأنه يسأل طفلة ذات 6 سنوات...
_هل هناك أمر مستعجل تريدين التكلم فيه...
رفعت عينيها وهي تستجمع قوتها و تبلع ريقها وكأنها ستعترف بجريمة لتتكلم بصوت خافت وخائف في نفس الوقت....
_ لقد حافضت عليها...إنها معي لا تخف....سأكمل الناقص وأرجعها ...أقسم لك...
نظر ليدها التي لا تزال تمسك بقميصه ...ليمسكها بقبضة يده ....
فجأة قفزت "جيداء" وكأنها تستوعب أنها خربت قميصه لتبعد يديها عنه وتحاول بعدها إصلاحه كأنها إرتكبت إثما شنيع....
_أسفة ...أسفة...لم أقصد.....
يد ضخمة قبضت يدها وهي تحاول إصلاح القميص لتوقفها ....كانت قبضته سلسة...ليس هناك قوة...فقط قبضة رجل ليد أنثى.....أبعد يديها عن القميص وهو ينظر ليدها وبعدها لعينيها ليتكلم بشئ من الحنان المختلط بالرجولة ...
_ ليس هناك داعي......أبعدت يدك لكي لا تتوثري أكثر....
لم تفهم مايقول...أو بالأصح لم تكن تفكر ....بعدها تابع تابع كلامه بشئ من الجدية وهو لا يزال يمسك يده وكأنه لا يريد تركها
_ فلتكملي عن ماذا كنتي تتكلمين....؟؟
لم تقوى على متابعة الحديث وهي لا تعرف لما....بدأت تهز رأسها بالنفي وكأنها لا تريد المتابعة....كانت تنظر له وهي تحرك رأسها....وشعرها يتطاير ليغطي وجهها كلما هزت رأسها....
أبعد يده عن يدها لينحني وكأنه يحاول النزول لطولها ليستعمل يديه الإثنتين ....رفع يديه ليدخل الشعيرات المتطايرة وراء أذنيها وهو يتابع بعينيه تطاير الشعيرات....كأنه يستمتع بذالك وعلى وجهه ابتسامة رضى غريبة....فجأة نظر في عينيها مباشرة ليتكلم وكأنه يؤنبها.....
_أدخلي الآن....لا تبقي هنا.....
لم تتحرك وهي تحت صدمة كل تلك الاشياء الذي حدثث في هده المدة القصيرة....ليعيد كلامه بصيغة أخرى....
_ إن لم تذهبي الآن سأضطر لأخدكي معي....؟؟؟؟
فتحت فمها قليلا لتبتعد عنه وهي لا تفهم شئ مما يقوله .. وقف واعتدل في وقفته ليتسمر في مكانه وكأنه يطلب منها العودة تحت مراقبته .....
هرولت وهي تتمنى لو كان باب المحل أقرب حتى تصل بسرعة....ما إن وصلت حتى أمسك "آصف" هاتفه ليجري اتصالا...ماإن إتصل حتى سمع الصوت الأخر...
_سيد "آصف"أنا في خدمتك.....
أجاب "آصف" بجدية لا تماثل الجدية التي كان يتحدث بها مع "جيداء" بل جدية باردة كأنها رصاص قاتل...
_ هناك شخص يهمني أريدك ان تحرسه بحياتك...
ليجيب الصوت بكل ولاء....
_سأكون هناك خلال دقيقة سيدي....
أنهى " آصف" المكالمة لينظر ليده التي أمسكت يد "جيداء" ليكلم نفسه وهو يبتسم ..
_ لقد عدتي ....إنها صدفة صدقيني ....أنا لم أبحث.....فلتسامحيني لن أمنع نفسي بعد الآن...