الجزء الثاني

5K 101 2
                                    

وصل حيث هي واقفة.. وبقي لفترة يتأمل وجهها عن قرب.

"لقد اشتقت لك يا حبي"

وبخفة قام بتمرير يده على وجنتها مردفا " لقد اشتقت لكي كثيرا "

لكنها لم تتحرك، بل حاولت أن لا تظهر له مدى التقزز الذي تشعر به كلما لمسها او حتى لاطفها بكلماته الخاوية الجوفاء.

ببطء كي لا تثير غضبه، أزاحت وجهها بعيدا عنه.. أغمضت عينيها للحظات قبل أن تعود وتفتحهم من جديد موجهة حديثها نحوه " لكنك كنت معي صباحا بالفعل، كيف اشتقت لي بهذه السرعة يا زوجي الغالي"

ابتسم كتشجيع منه على تهذبها معه، الأمر الذي تعب كثيرا ليعلمها إياه، مرر بصره عليها ويداه قد انزلقتا على جانبيه بعفوية. أدخلهما في جيبي بنطاله محركا شفتيه لجانب وجهه الايسر، وهي عادته التي لا يستطيع العيش بدونها، كحركة تقييمية.

كان يقيم ملابسها، جسدها، ملامح وجهها، بل كان ليقيم روحها لو استطاع.

كانت قد خففت من الضغط على العمود الخشبي، فمد هو يده على حين غرة منها ساحبا كفها الأيمن نحوه. نضرات عينيها المهزوزة وارتجاف شفتيها، بل والرعشة التي تسري في جسدها باثتا البرودة فيه ليصبح كأجساد الموتى تماما، كم يعشقها.. كم يعشق عندما تبدي رد الفعل هذه في كل مرة يلمسها.

على الرغم من مرور سنتين كاملتين على زواجهما، لا تزال محتفظة بتلك الميزة التي تجعل فكرة التخلص منها أو حتى استبدالها مستحيلة.

لم يتخيل نفسه يتزوج من امرأة قط، كان كل ما يفكر فيه هو المتعة لا أكثر، لكن منذ اليوم الذي وقعت فيه عينيه على هذه المخلوقة الفاتنة، عرف أنها هي من تستحق أن تربط به للأبد، عرف أنها هي المنشودة، هي من ستحقق له كل رغباته، كلها بلا استثناء.

لا ترضخ ابدا، لا تترك أمرا من أوامره الا وعصته، دائما تعطيه ما يريد، دائما تلبي احتياجاته، هذا كله وهي لا تعلم.. فيزيد الأمر روعة وحلاوة كلما عصت أوامره ضننا منها أنها تغضبه، ولكن الحقيقة هي أنها تجعله أسعد واسعد.. في كل مرة تجعله يريدها أكثر من المرة التي قبلها، وهذا بحد ذاته النعيم.

لكم يعشقها.

كانت على وشك الانهيار، ارادت أن يموت، أرادته أن يسقط أمامها ميتا تماما في تلك اللحظة. تمالكت نفسها.. تنفست بقوة، ثم رفعت وجهها نحوه لتقابل عينيه الهائمة بها بعينيها المليئة بالقرف والاشمئزاز المغلفة بنضرات الشغف المزيف. هي تعلم أن هذه الخدعة التافهة لا تنطلي عليه، ولكنها لا تقدر على أكثر من ذلك.

"ارجوك يا كمال، لازلت متعبة للغاية، لم يمر نصف اليوم حتى، وانا لا يمكن.."

"لا تغضبيني يا عزيزتي، حاولي أن تبقي مطيعة. أريدك أن تلبي طلبي لكي أنسى الحماقة التي ارتكبتها اليوم"

مارياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن