تتمة الجزء الثامن

1.5K 55 1
                                    

تشعر وكأنها تطفو.. مخدرة.. تشعر بالتخدر. هل هي صاحية؟ لا تعرف ولا تريد أن تصحو، تريد أن تبقى هناك، تريد أن تبقى بلا وزن، محمولة في الهواء.

لأكثر من يومين وهي تشعر بالتعب، بالمرض، تشعر بالإعياء. كل ذاك تشعر به، لكنها لا تعرف السبب وراء ذاك الشعور.

كم مر من الوقت وهي هناك، هي لا تعلم.. شعرت كما لو أن وقتا طويلا قد مر عليها.. في البداية لم تحاول التمييز، لكن الآن تشعر كما لو أن عقودا قد مرت عليها هناك.. كل ما تعرفه هو أنها آمنه.. طالما هي هنا فهي آمنة منه.

كانت تتصبب عرقا، لم يرى في حياته شخصا تعرق كما فعلت هي.. تأن طوال الوقت، لا تكف عن الأنين والتقلب، كانت الملائة قد التفت حول ساقيها لشدة حركتها.. تأن كالمحمومين ، كأن جسدها يصارع شيء لا يراه أحدا غيرها، شيء هي خائفة منه حد الموت.

كانت الحمى قد تمكنت من جسدها بالفعل، لكنها ليست بتلك الخطورة. مجرد التفكير في ما قد يكونه ذاك الشيء يزجه للغاية.. ماذا لو كان هو من تحاول مصارعته.. ماذا لو كان هو سبب كوابيسها.

منذ تلك الليلة المشؤمة وهي ليست على ما يرام. طوال الوقت تبقى شاردة وغير مركزة.. حرارتها مرتفعة وبشدة، لا تنفك ترتفع وتنخفض بشكل عشوائي وغير مبرر.. وهذا أزعجه كثيرا.

أمضت معظم وقتها مستلقية على السرير منذ اللحظة التي عثرت عليها احدى الخدم فاقدة لوعيها بجانب سياج الحديقة الخلفية.

لقد أجرى لها كل الفحوصات الممكنة، لكن بلا فائدة. حتى أنه فكر بأكثر الاحتمالات جنونا.. وذاك الاحتمال كان أن تكون حاملا!!

يذكر جيدا اللحظة التي اقترحت فيها الطبيبة عمل فحص الحمل.. جن جنونها، صرخت، شتمت وبكت بهستيرية مما أثار جلبة كبيرة في المشفى.. أغضبه تصرفها حد اللعنة، لكنه لم يكن قادرا على منع نفسه من التفكير في الأمر لدقائق على الأقل.

ماذا لو كانت حامل؟ هل ستحمل له بولد أم بفتاة. سيفضل الولد بلا شك، لكنه سيحب لو كانت فتاة أيضا.. فتاة جميلة ورقيقة كأمها.. سيقاوم عصرها بين أصابعه بالكاد.

لكن فكرة أن تكون حاملا بطفل صغير أرعبته أكثر مما أثارت فضوله.. لو هي حامل فعلا، فسيأمر بالتخلص منه، لن يسمح لها بإنجاب طفل طالما هو حي.. سوف يسرقها منه.. سوف يتحول كل اهتمامها للرضيع، سوف لن تنظر له ولا حتى نظرة واحدة بعدها.. ستنتهي حياته وإلى الأبد.

خاب اعتقاد الدكتورة لحسن حظه.. في النهاية حبه ومصدر بؤسه الأبدي ليست بحامل.

خمسة أيام قد مرت حتى اللحظة. خمسة أيام كاملة مرت وهي على حالها لم تتغير منذ عثور الخادمة عليها ملقية على العشب بجانب السور.

يومها قام بإلغاء الصفقة مع المستثمرين، بل إنه قام بإلغاء حجوزات الفنادق، المطاعم، كذلك اضطر لإلغاء إطلاق المفرقعات والألعاب النارية التي كان قد جهزها بمناسبة عيد زواجهما.

كل المفاجئات التي كان قد جهزها لها انتهت.

لكن أيا من ذلك لا يهم فعلا.. كل ما يهمه الآن هو أن تستيقظ ماريا.

مارياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن