تتمة الجزء السادس

2.2K 62 0
                                    


دعت الرب بداخلها أن يقضي عليه.. دعت بقوة أن يموت. على الأقل لم يكتشف ما كانت تفعله.. كانت لتكون نهايتها أسواء بكثير.

أغمضت عينيها، لا تريده أن ينظر لهما.. استرخت، حاولت أن تهيء نفسها، أن تكون هادئة للغاية.. تعلم جيدا أن المقاومة تعني الألم، كلما قاومت، كلما استفحل أكثر.

لاحظ استرخائها.. جسدها أصبح هادئا، ساكنا. ضحكة أفلتت منه رغما عنه، دائما تحاول.. دائما ما تحاول تقبله، لكنها ببساطة تعود لكرهه ما إن يلج داخلها.. لا تستطيع إلا أن تقاومه، فتزداد رغبته بها أكثر وأكثر.

تمسكت بالملائة بقوة، بينما أحست به يحتك بها.. قيد يديها بيديه أعلى رأسها، وبدء بتقبيل وجهها بعشوائية.. لا يهم أين يقبلها، فكل جزء منها لذيذ، لذيذ حد اللعنة. جعدت ما بين عينيها.. تنهدت.

" أنا لم أبدأ بعد يا حبي.. وعاد يقبل عينيها المغلقتين.. ادخري بعض الجهد"

لم ترد، فأكمل ما كان يفعله مدركا أنها تقاوم رغبتها بالبكاء بالكاد.. أم أنها تقاوم رغبتها بقتله؟ هناك سكين فواكه على الطاولة قرب السرير.. لاحظها الآن فقط.. ترى هل ستطعنه بها، هل جهزتها مسبقا، أم أن الموضوع مجرد صدفة؟

نزل برأسه نحو صدرها دافنا وجهه بين نهديها

"قل لي.. من الحقير الذي أعاقب نيابة عنه؟.. فتحت عينيها محدقة نحو السقف المطلي باللون الأسود.. من ابن العاهرة سيء الحظ.. هل ستقتله؟ قل لي"

رفع رأسه نحوها، لوى فمه بغضب

" لا شأن لك بمن أقتل ومن لا أقتل.. غضب أكثر إذ عادت لإغلاق عينيها مجددا.. أنا أفعل هذا بك لأتسلى، أليست هذه وضيفتك الأساسية؟ أن تسليني.. سكت قليلا ملاحظا الغضب الذي سببه لها كلامه.. لكن اطمئني أنت تؤدين واجبك وأكثر بكثير"

زمت فمها بقهر، وفتحت عينيها، لكن هذه المرة رفعت رأسها قليلا لتستطيع النظر لوجهه، مما جعل قلبه يقفز في صدره من الانتشاء.. كانت عينيها حمراوين الآن

" لم تجب على سؤالي يا كمال"

حدق بها قليلا، عالما أنها على وشك الانفجار في هذه اللحظة.. هي تكره وبشدة أن يحدق بعينيها هكذا

"على الرغم من أني لست مضطرا، لكن وكمكافئة مسبقة لك.. ركز في عينيها أكثر.. الحقير، ابن الداعرة هو والدك يا عزيزتي"

كانت ردة فعلها أكثر اثارة مما تخيل حتى.. توسع عينيها، شهقتها، تخدر جسدها.. لا، لا، بل تهالك جسدها من تحته.. إنها فقط مثالية.

"ماذا حدث لك يا عزيزتي؟ لا إجابة.. لا إجابة على الإطلاق.. لا تقلقي لن أقتله"

لم تتغير ملامحها، على الرغم من كونه قد قال أنه لن يقتله

" ليس قتل الناس بهذه السهولة بعد كل شيء"

ولم تستجب أيضا.. ترك يديها، وما إن فعل، حتى رفعتهما مغطية وجهها بهما. بقيت كذلك لفترة قصيرة، ثم أسقطت ذراعيها على جانبيها مجددا

" أريد أن.. أنا أريد أن.. لم تكن تدري ما تقول.. أرجوك.. همست بها"

كان رأسها يدور.. يقول ليس القتل بتلك السهول.. لكن بالنسبة لوالدها القتل سهل للغاية. يجب أن لا أدعه يعلم.. يجب وبشدة أن لا يعرف.

كادت تختنق.. تكبت ضحكتها بالكاد، يقول أن القتل ليس سهلا.. ترى من سيقتل منهما الآخر في النهاية؟ بقاء من منهما سيكون أرحم لها؟ عندما سيحاول والدها العزيز قتله، هل سيقف مكتوف اليدين؟ بالتأكيد سيقضي عليه أولا. تريد ويشده أن تعرف من سينهي الآخر.. ربما سيقتلان بعضهما، وعندها ستتخلص منهما معا.

ابقت وجهها ثابتا، لا يمكن لها أن تجعله يعرف أن لا قيمة لوالدها عندها، تماما كما لا قيمة لها عند والدها.

سوف تحاول البكاء.. تذكري أي شيء.. أي ذكرى سيئة عنه.. وانبجست الدموع من عينيها بقوة، وشهقت.. شهقت بقوة مغطية وجهها مجددا.

بداخلها هي سعيدة، وغاضبة، لأنها وببساطة لم تكن تريد أن تبكي بلحظة مجيدة كهذه. تذكر جيدا كيف كانت والدتها سريعة التأثر، كانت حنونة.. حنونة للغاية.. كانت كسندريلا تماما.. كانت تحبها كثيرا، حتى أدركت في النهاية أن أمها لم تكن أكثر من غبية، هي تحبها، لكن هذه هي الحقيقة.

سندريلا ليست أكثر من مجرد شخصية خرافية، لا وجود لشخص كسندريلا، شخص مثلها لا يمكن أن يكمل في هذه القسوة.. لا يمكن أن يكمل ببساطة.

هي تكره والدها، تكره الوغد للغاية.. لا يمكن لها أن تشعر بالخوف أو حتى الشفقة تجاهه.. فليحرق أحدهما الآخر.. هي ببساطة لا تهتم.

أبعدت يديها من على وجهها، وأجبرت نفسها على النطق بالكاد

"هل ستؤذيه؟ شعرت بالقرف من نفسها.. وبالسخرية أيضا.. أرجوك، لا تفعل يا كمال"

كان جسدها مشتعلا حرارة.. هي حزينة للغاية، لا، بل هي غاضبه.. يكاد يشعر بلمعة انتشاء بعيدة في عينيها. أراد أن يدخل لعقلها، أن يعرف بما تفكر به الآن.. ما سر هذه النظرات المختلطة؟

"قلت لك.. أنا لن أؤذيه طالما يلتزم حدوده معي. كان الاتفاق بيننا واضحا.. لا يمكنه أن يخالف أوامري طالما أنت هنا.. للحظة تهيء له تحرك زاوية فمها للأعلى، ولمعة من السخرية المريرة في عينيها.. أنت هي ورقتي الرابحة دائما"

في البداية كان لطيفا، ليس حقا، لكن مقارنة بكل مرة، فقد كان نوعا ما لطيفا. فيما بعد تحول الأمر لقتال.. كأنه لم يكن هناك على الاطلاق.. مهما حاولت أن تصرخ، أن تخدش، أن تصد، لا فائدة على الاطلاق. انتهى بها الأمر متألمة ككل مرة، لكن الأمر كان أكثر من كل مرة بقليل.. أم بكثير؟ هي لم تعد تميز.. لا يهم، ما يهم الآن حقا هو أن ترتاح. تريد أن تنام.. تريد أن تغلق عينيها للأبد.

تشعر به يتحرك في الغرفة.. هو يدخن سيجارا في الشرفة، تستطيع تمييز رائحتها الداخلة مع هواء الأصيل. دعت الرب بداخلها أن يغفر لها كل خطاياها.. دعت الرب أن يرحمها من هذه الحياة. 

مارياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن