الساعة الآن قرب الخامسة.
كانت قد أُعلمت أن السائق الخاص بكمال قد تحرك منذ ما يقرب النصف الساعة ليقله من المطار. في أي لحظة الآن هو سيصل للفلة.
منذ أن فتحت عينيها وحتى اللحظة.. كثير من الأشياء قد تغيرت.. الحديقة، الأشجار فيها، الزهور، حتى أن بعض الأثاث قد تغير أو على الأقل تم تجديده.. هناك شيء ما غريب في داخلها قد تغير أيضا.. على الرغم من معرفتها بأن كمال سيصل في أية لحظة، إلا.. إلا أنها لم تشعر بذاك الخوف.. الرعب، والهلع الذين يعتروها كلما فكرت مجرد التفكير فيه. ولوهلة.. للحظة قصيرة.. للمحة خاطفة، أحست ماريا.. أحست بلا شيء!
مجرد فكرة أن معدتها لا تعتصر من الخوف عندما تتذكر وجهه جعلتها تتعالى.. شعرت كما لو أنها ما عادت تهاب شيء.. ذاك الشعور اسكرها، أسكرها شعور القوة والصلابة.. هي، لا تخاف.. هذا من أكثر الاشياء التي ما كانت لتصدق حدوثها قبلا..
خامرها شعور جميل وهي تتخيل نفسها تنظر في عينيه مباشرة.. تنظر فيهما بدون طرفة أو رعشة خوف واحدة.
وضحكت.. أرجعت رأسها للوراء وأطلقت أكثر ضحكة مجنونة.. أكثر جنونا من أكثر ضحكة مجنونة سمعتها يوما.
هي تنتظر قدومه منذ اعلمت بخبر سفره صباحا.. قيل لها أن تبقى في الجناح ولا تنزل للأسفل.. قيل لها أن تنتظر صعوده لها، فالخدم سيستقبلونه أولا ثم هو سيصعد لها للجناح خصيصا.
لكنها في الحقيقة لم تجد هذا لائقا.. أحست بأن استقبالها له أولا هو الأنسب، بل كان من المفترض أن تذهب إليه للمطار..
لن تخفي استيائها من الأمر.. لكن، هو من اختار هذا الترتيب.. هذا شيء يعود له في النهاية.
أحست بالملل فنهضت تتجول في الغرفة.. كل شيء مرتب تماما.. حتى غرفة ملابسه وكأنها لم تمس. عادت للخارج فوقعت عينيها على طاولة الشراب الخاصة به.. شرابه المعتق المميز برائحته وطعمه القويين. هي ليست قديسة.. تعرف أنها ليست كذلك، لكنها في العادة لا تشرب أبدا.. تماما مثل والدتها. تقسم أنها قادرة على عد المرات التي شربت فيها الخمر طوال حياتها بأصابع يديها هاتين.
تقدمت من القارورة الذهبية وفتحتها بصعوبة.. كمال لا يستخدم غير أصابعه لفتحها، أما هي فاضطرت لاستخدام يديها الاثنتين معا لتستطيع فتح غطاءها.. وصبت لنفسها نصف الكوب عينه الذي يستخدمه في الشرب.
لفحت رائحتها أنفها بقوة ما إن تنشقتها.. قوية، مركزة، وعاثق.. تكاد حموضتها تصل لأعمق نقطة داخلها.
ومرة واحدة وبدون تخطيط مسبق شربتها كلها جرعة واحده.. سكبتها مرة واحدة في جوفها، تماما كمار تراه يفعل.
واختنقت!
اختنقت واحترقت عينيها.. بل احترقت جيوبها الأنفية، عينيها، فمها، مريئها.. وكحت.. كحت بقوة وامتلأت عينيها بالدموع ولُفح وجهها بحرارة عالية.
أنت تقرأ
ماريا
Chick-Lit" لست الفاعلة، لم تكن أنا، لابد وأنك خلطت بيني وبين أخرى. أرجوك، أترك شعري، أنت تؤلمني. اتركني يا عزيزي" " لست الفاعلة إذا" صنع ابتسامة صغيرة بزاوية فمه وأكمل " لا بأس، سأبحث عن هذه الفتاة. لابد وأنها احدى الخادمات" اتسعت ابتسامة أكثر إذ لاحظ اتساع...