ذهبت للحمام لتستحم استعدادا للخلود للنوم بعد كل ما حصل، كانت متعبة حد الموت. كل ما كانت تنشده في تلك اللحظة، أن تستلقي على الفراش وتلف جسدها بملائة السرير وتغط في نوم عميق.
"لابد وأن يعود مخمورا يهذي وغاضبا في الساعات الأخيرة من الليل كعادته.. تمتمت لنفسها والنعاس يتسلل شيء فشيء مغمض عينيها.. يجب أن أخذ أكبر قسط من الراحة قبل عودته مجددا"
هي في مكان مظلم.. الظلام يكتنفها. وكأن يدا عملاقة باردة اعتصرت جسدها، وفجأة وجدت نفسها مستيقظة.
كانت الغرفة مظلمة.. لا يزال الوقت ليلا.. كل ما استطاعت التركيز عليه، كان ستائر الشرفة المفتوحة على مصراعيها. رمادية اللون، تتمايل على الجانبين كفتاة ليل تغوي زبائنها.
"ما الذي أفكر به؟ "
شاعرة بالغرابة من تفكيرها هذا، قلبت عينيها في أرجاء الغرافة بوهن.
لم يمر كثير من الوقت لتدرك أن سبب استيقاظها كان البرودة التي غزت جسدها، كانت مخدرة تماما من البرد.
حركت عينيها لتجد الغطاء منزوعا وملقيا على الأرض بجانب السرير.. غريب، فهي لا تتقلب في نومها البتة. ارتعش جسدها بقوة اذ ادرك عقلها ادراكا تاما لكمية البرودة في الهواء حولها.
كانت على وشك النهوض لتعيد الغطاء وتكمل نومها.، لكنها تجمدت مكانها قبل حتى أن ترفع رأسها من على الوسادة، عندما لمحته واقفا في منتصف الشرفة موجها ظهره لها. كان لا يزال يرتدي حلته كاملة، حتى أنه لم ينزع معطفه بعد.. ربما وصل لتوه.. هكذا فكرت.. لكن هذا مستحيل، فبرودة الغرفة تدل على أنه قد مر زمن منذ وجوده هناك.
ارخت جسدها مجددا على الفراش متحاملة على نفسها كي لا تظهر ارتعاشها من البرد.. بقيت هكذا لفترة قصيرة، مغمضة العينين مرتعشة الجسد منتظرة جولة التعذيب اليومية.. تحاول دائما أن تؤجلها قدر استطاعتها، لكن لا فائدة حقا من ذلك. هي لا تعرف ما يخبئه لها هذه المرة.
اصاخت السمع إذ تحرك وبدأ كعب حذائه الجلد الأسود يصدر صوته المكتوم، الذي اعتادت عليه كعلامة سيئة، على أرضية الغرفة الرخام.
شعرت به إذ جلس بجانبها على طرف السرير.
مال جسدها نحوه إذ تعمد الضغط بثقله كله على حاشية الفراش الناعمة مجبرا إياها على ملامسته. أراد منها أن تكف عن تمثيليتها الفاشلة وتستيقظ من تلقاء نفسها.. مد ذراعه ممسكا بكتفها الأيسر بقسوة متعمدة، كانت باردة كالأموات.. لاحظ تجعد ما بين عينيها، فابتسم بجذل.. تحاول اغاضته لا محالة.
"عزيزتي، هل تشعرين بالبرد؟ اتسعت ابتسامته وأكمل مستمتعا.. استيقظي يا ماريا "
رفعها من كتفها ضاغطا عليه بقوة شديدة.. عرفت أنه كشفها، بل إن كتفها كاد يكسر في قبضته، فاضطرت للملمة ما تبقى لها من كرامة.. متظاهرة بالاستيقاظ ، فتحت عينيها ببطء شديد مقاومة الدموع التي تريد السقوط رغما عنها. أجبرت نفسها على النظر في وجهه الشامت مباشرة، شاعرة بقسوة الحياة وظلمها لها، أرغمت نفسها على الابتسام بتكلف زائد في وجهه ويدها اليمنى تضغط على كفه، محاولة حثه على ترك كتفها
أنت تقرأ
ماريا
ChickLit" لست الفاعلة، لم تكن أنا، لابد وأنك خلطت بيني وبين أخرى. أرجوك، أترك شعري، أنت تؤلمني. اتركني يا عزيزي" " لست الفاعلة إذا" صنع ابتسامة صغيرة بزاوية فمه وأكمل " لا بأس، سأبحث عن هذه الفتاة. لابد وأنها احدى الخادمات" اتسعت ابتسامة أكثر إذ لاحظ اتساع...