تتمة التتمة

1.2K 56 5
                                    

شهقت برعب عندما رفعها عن الأرض حاملا إياها بين يديه.. تمسكت به بقوة قابضة على قماش قميصه الأسود بيديها.. رمشت عدة مرات محاولة استيعاب الذي حدث، بينما تحرك هو ناحية الأريكة التي تتوسط الصالة وعلى وجهه نظرة غير مقروءة.

"لما تخافين مني؟ صمت.. لما ترتجفين هكذا كلما اقتربت منك أو لمستك؟ لم تصدق ما تسمعه.. يغضبني عندما انت تخافين مني أنا! هل تفهمين ما احس به في كل مرة أكون معك.. ضمها أكثر لدرجة أنها شعرت بتوسع وانكماش رئتيه من التنفس العنيف الذي يتنفس.. في كل مرة أكون معك، أنا لا أريد أن ابتعد عنك.. اغلقت عينيها من الألم لقوة اعتصاره لها.. في كل مرة أكون معك، أنا لا أحس بشيء آخر.. فقط أريدك.. أريدك وحدك.. وتوقف عن اعتصارها مستندا بظهره على الأريكة.. أنت لا تفهمين"

رفع رأسه عاليا وقد حررها تماما، وغطى وجهه بيديه ثم وبلحظة واحدة هدر كاتما صوته بيديه الاثنتين.. هدر بقوة ارعبتها نوعا..

كانت لاتزال في حضنه، لكنها وبسرعة حاولت النزول لتجنب مزيدا من التقلبات المرعبة.. وأمسك ذراعها بيده.

شلت من الرعب وتوقفت موجهة عينيها نحوه.. بلعت برعب إذ قال

"ضعيف.. همس.. ضعيف جدا"

ودفعها مسقطا إياها على الأرض.. أمسكت نفسها بالكاد من ألم السقطة، وكتمت صرختها بيدها محاولة بقدر المستطاع أن لا تبكي.

"ما الذي تفعلينه بي؟ ذات الاسطوانة.. ما الذي يجعلني أتعلق بك هكذا؟ قولي.. وبعنف بعثر شعره بيديه، وصوت تنفسه يعلو أكثر فأكثر.. قولي لي.. أهو شعرك؟ سأقصه لك.. ولا إراديا أمسكت بخصلاته برعب، لقد قصه لها بالفعل.. ماذا عساه يفعل بعد؟ هو شعرك، أليس كذلك؟ أنا أحبه هكذا، لكم أعشقه.. وبصوت ملئه القهر.. أم هم عينيك؟ على الرغم من كون عينيك عاديتين، ليستا ملونتين، إلا أني أعشقهما.. ونزل لمستواها.. أذوب فيهما عشقا"

احتضن وجهها بيديه، ولكم هما ساخنتين، كالجمر، وتحول من الاحتضان لاعتصار فكها بيده اليمنى بعنف..

"لقد زادك النوم جمالا.. أليس هذا ما يفعله النوم ببشرة النساء؟ يزيدها جمالا، صحيح؟ الرعب.. تشعر بالرعب.. ما رأيك لو احطم لك هذا الوجه.. اهشمه على الأرضية هنا والآن.. كلما أحست به هو الدوار.. لو هو صمم سيفعلها، هي تعرف، سيفعلها.. واسودت عيناه مجددا.. أو احرقه لك؟ ما رأيك؟ ربما عندها ستصبحين قبيحة في نظري واتركك تذهبين.. وامتلأت عينيها بالدموع.. أو ربما أقتلك بعدها، فمن سينظر لك وانت مشوهة؟ الأمر عائد لك"

وتركت يده فكها، لكنه بقي يحدق بها بنظرته المريضة اللعينة عينها.. ولم تحتمل أكثر.. بيديها غطت وجهها، وانفجرت باكية.. بكت بأعلى صوت تمتلكه، بكت صارخة كالأطفال الصغار.. بكت بحرقة ووجهها نحو الأعلى.

"أريد الموت.. أريد أن أعود لأنام.. قالتها بقهر واختناق.. أعدني لأنام، ما عدت أريد البقاء أكثر.. وكما في كل مرة، تكورت على نفسها وبقيت تبكي بحرقة وألم.. أريد الموت.. أرجوك فقط اقتلني.. همست بها.. علي اللعنة.. علي اللعنة"

لوهلة، أحس بالذنب.. ما الذي يفعله لهذه المخلوقة المسكينة؟ لماذا يستمر بتعذيبها بهذا الشكل؟ لما يستمتع بكل لحظة تمر عليها وهي متألمة؟ يعشق كل ما يؤذيها؟ يزيد هياما بها كلما زاد كرهها له؟

هل هذا هو الأمر؟ هل هو مريض؟ يجبرها على كرهه؟

لو هي أحبته.. هل سيمل منها؟ ربما سيفقد هو اهتمامه بها، لو هي بدأت بالاهتمام به..

ضغط على مقدمة رأسه، وقد بدأ جسده بالتعرق.. خلع قميصه ورماه على الأريكة بإهمال، وكذلك فعل بباقي ملابس العمل المزعجة.. ملابس العمل تخنقه وتحد من حرية حركته.. يكرهها.

كانت قد استلقت على جانبها وقد هدأت شهقاتها العنيفة.. نصف وجهها ملاصق لبلاط الأرضية وعينيها مثبتتين على الّا شيء..

تلك النظرة مجددا..

قرفص بجانبها وحاول رفع جسدها، ولكم هي باردة.. باردة وبشدة.

برفق، قام بنزع ملابسها تاركا إياها عارية ترتجف من البرد بين ذراعيه.. تأمل في وجهها لفترة، لم يعلم مقدارها، لكنه يعلم جيدا أنه لن يسامح نفسه على مجرد تفكيره بتشويه وجهها الجميل هذا.. كيف جرؤ وهددها بحرق وجهها؟ هل هو جُنّ أم ماذا؟

متداركا نفسه، ضم جسدها المرتجف من البرد بين ذراعيه بقوة.. جلس على الأرض مستندا على جسد الأريكة خلفه.. دفن وجهه في شعرها، ويده تربت على ذراعها محاولا تهدئتها واعطائها الأمان.

بقيت لفترة غير مدركة لما يحدث حولها، حتى اغلقت عينيها غارقة في النوم.

يود فقط لو يعرف ما حدث لها.. كيف دخلت في غيبوبة لثمانية أشهر كاملة تاركة اياه وحده يصارع الألم، فقد كان احتمال فقده لها كبيرا.

هو لن يسمح لها بالنوم لتلك الفترة أبدا.. أبدا.

سوف يحميها من كل شيء.. لن يدع شيء يمسها بأذى، ولا حتى لو كان هو..

ولا حتى هو..

مارياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن