عيني والدتها مركزتين في عينيها.. وكأنها تقول لها تجاهلي كل شيء ماعدا عيني..
ليست متأكدة مما تحاول عيني والدتها قوله لها.. الأكيد أنها ما عادت قادرة على تجاهل اهتزاز حدقتيها المجنون هذا.. تجاهل صوت الخدش والضرب المخيف ليديها وهي تقاوم، صوت الصرير المريع الذي يصدر من حنجرتها المضغوطة، تخبط رجليها في الهواء..
بل والأكثر من ذلك، لا يمكن لها أبدا تجاهل والدها الجالس فوق والدتها المدمية ويداه اللتان تضغطان على رقبتها بقوة بالغة، عروقه النافرة، العرق الذي يتصبب منه..
لا يمكن لها أن تغفل عن تفصيل واحد من الذي يحدث أمامها.. ما عادت قادرة على الاحتمال أكثر.
لحظتها، تذكر جيدا كم بكت، كم اختنقت بدموعها ووالدتها تموت أمامها.. تذكر أنها وفي تلك الليلة، ضُربت حتى أدميت عندما اكتشف والدها اختبائها في الخزانة.
لم تجرؤ على قول ولو حرف واحد للناس.. لم تجرؤ على قول كلمة واحدة.. حتى بعد أن وجدوا جثة والدتها ملقية على طريق نائية، بعدما اختطفت واغتصبت وقتلت على أيدي مغتصبيها.. بعد أن بكى والدها زوجته أمام البلاد بأسرها.. بعد أن شيعت جثة والدتها المشوهة الممزقة ودفنت في قبرها دون أن يعلم أحد بالحقيقة..
ليس حتى بعد أن قبضوا على المجرمين، المغتصبين، القتله.. بل وليس عند تنفيذ الحكم بثلاثتهم بعد محاكمة لم تدم أسبوعا..
كان لابد لوالدها من الانتقام لزوجته العزيزة.. كان لابد للقتلة من الموت لترتاح جثة حبيبته في قبرها..
ونست، أو تناست لتعيش..
في خيالها، هي شجاعة.. هي قوية، صلبة، لا تهاب أحد.. في خيالها، ركضت خارجة من الخزانة لتنجد والدتها، في خيالها هشمت رأس الداعر بمزهرية من الفخار المنقوش مخلصة والدتها من قبضته القذرة.
في خيالها هي لا تقهر..
لكن في أحلامها، هي ضعيفة مثيرة للشفقة.. في حلمها هي لم تحرك ساكنا.. فقط بكت. دائما تبكي.. لا حل آخر أمامها غير البكاء..
لا تجد شيء آخر تفعله.
عندما فتحت عينيها، ضربت الشمس وجهها بقوة.. حرارة الشمس والهواء النقي.. تشعر كما لو أنها تحلم.
جسدها خفيف كالريش، رأسها كحلوى القطن اللذيذة.. وفتحت ماريا عينيها على وسعهما فجأة..
"قومي بعملك بسرعة.. قال صوت غريب.. يجب أن نكمل التنظيف قبل عودة السيد.. انهن الخدم لا أكثر.. توقفن عن الثرثرة"
غريب للغاية.. في العادة لا يصعد الخدم للغرفة أبدا وهي موجودة.. ما بالهن ينظفنها الآن؟ هل هناك شخص ما قادم؟
حاولت رفع رأسها، لكن كل ما استطاعت فعله كان تحريك رقبتها بالكاد.. الساعة الحادية عشر ظهرا!
أنت تقرأ
ماريا
Chick-Lit" لست الفاعلة، لم تكن أنا، لابد وأنك خلطت بيني وبين أخرى. أرجوك، أترك شعري، أنت تؤلمني. اتركني يا عزيزي" " لست الفاعلة إذا" صنع ابتسامة صغيرة بزاوية فمه وأكمل " لا بأس، سأبحث عن هذه الفتاة. لابد وأنها احدى الخادمات" اتسعت ابتسامة أكثر إذ لاحظ اتساع...