الفصل العشرون

12.1K 339 37
                                    

فوت😍

#للعشق_طريق_آخر

الفصل العشرين
كابوس أو مجرد حفرة من الجحيم.. و.. و...
وربما هي داخل عالم من بعض الأشكال نصفها بشر والنصف الآخر جُحيم صنع من لهيب الاحتراق لدواخل جرحت وذبلت!
وهي .. هي ذبلت منذ الآن والأمس..!
منذ الصغر والشباب..!
وأي شباب هي تحيا داخله , تستنكر في غفوتها نفسها التي تتولى تأنيبها وجلدها بسواط الواقع والحقيقة العابثة .. المبتسمة بتهكم ساخر بوجهها تخبرها ببساطة عن خسارتها!
وفي تلك الغفوة كان هو يقترب بملامحه الباردة يخبرها أن تمسك به , تمسك بيده الباردة كروحه الخاوية من نبض الحياة العاشقة!
كانت تصرخ بحلمها أو لنقل كابوسها ,ترمش بأهدابها وهي تصحو من غفوتها المرضية ,نظرت حولها تشمل المكان القابعة هي فيه عدة مرات ومرات , تغلق عينيها مرة تلو الأخرى ثم تفتحها  لتجد أنها  بالفعل لا تحيا داخل  الكابوس بل هي تحيا داخل واقع وحقيقة ملموسة!
استقامت واتكأت على الوسادة خلفها فاتخذت وضع نصف جلسة وهنا لم تغمض عينيها بل كانت تتوسع بنظراتها , تتأمل نقطة وهمية والسؤال يتكرر بداخلها .. يتردد صداه بصخب مثير للبكاء والضحك على جد سواء, شهقة فلتت منها وعبرة تمردت رغماً عنها وضربات قلبها لا ترحمها في حالة من الاضطراب الممزوج بعتاب وقسوة تتمرد من خفقات القلب التي تخبرها وتلقي بوجهها الحقيقة (انت حمقاء ..غبية.. لا شيء انت لا شيء)!
ومع ارتفاع الحقائق المشتعلة على اشدها داخل الأعماق  تمردت اناملها تهبط لأسفل تمسد بطنها المسطحة..  والسؤال هنا كانت إجابته ملوثة بالفقد والخسارة !
هل فقدت جنينها ..؟..!
أغمضت عينيها بقوة علها ترى شيء آخر  وواقع آخر , ولكنها لم تجد سوي جسدها الراقد أعلى سرير بغرفة بإحدى المستشفيات وتلك الرائحة التي تكرهها تتشبع بها , تلك الرائحة الخاصة بالبنج من ملابسها وروائح الغرفة بأدوات التعقيم!! لتغمض عينيها رافضة كل شيء!

أما خارج غرفتها كانت تجلس فريدة بأعين دامعة علي ما حدث لمريم !
الوجوم يرتسم على ملامحها يرافقه الصدمة والألم المتغلغل داخلها!
فمنذ ساعات فقط  ساعات كانت البسمة المرتسمة على وجه مريم كفيلة بنشر التفاؤل والراحة في النفس , ابتسامتها كانت تخبرها وتخبر الجميع أن تلك الرقيقة تمتلك العالم!
اتكأت على ركبتها ثم دفنت وجهها بين راحتي يدها وذكريات ما كان من ساعات لا يرحمها ولن يرحمها !
يا الله لقد كانت تكاد أن تقفز من شدت فرحتها عندما علمت بخبر حملها.. فكيف ؟ كيف انتهى كل هذا في غمضة عين ؟ كيف؟!
اهتز جسدها  وعندها لم تستطيع أن تكتم نحيبها الذي ابى الصمود أكثر من ذلك , فأقترب منها غسان  المراقب لحالتها وتقلباتها وهو هنا أكيد بما تشعر به فهي على أي حال انثى شفافة يسهل التوقع بها , كان يقترب بخطوات متأنية  وما إن وصل عندها تأملها قليلا ثم جلس بعدها على المقعد المجاور لها هاتفا بجمود يخالف تلك الأعاصير الغاضبة جراء فعلة يامن وخسارة مريم لجنينها وكأن ذلك الفقد وذلك الطفل يخصه هو, فمريم ورغماً عنه يضعها بمكانة ابنته وأخته!:
-خلاص يافريدة اهدي..
جمد جسدها للحظات , لحظات سيطرت فيهم على حالتها المزرية والتي قد تظهر لهذا القابع جانبها أنها بعض المشاعر الغير هامة بالمرة ! رفعت نظرها له قائلة بنبرة حزينة محملة بالكراهية بعض الشيء يشوبها العدائية :
-منكم لله.. دمرتوها حرام عليكم..
صدمه اتهامها إنها تحمله ذنب مريم و الذي لا يملك فيه أي ذنب , فالعكس هو يحب مريم كشقيقته, لطالما احب تلك الرقيقة التي دخلت منزلهم عروس لأخية..!
ولا يمكنه أن يساعد في تدميرها , لقد حاول صدقاً حاول أن يخبرها بالحقيقة مرات عديدة ولكن هو خاف أصابه القلق ماذا لو انهارت وما استطاعت التحمل؟!
ليأتي بالنهاية الاعتراف من أخيه وبأكثر الطرق خسة ودناءة علمت الكثير بل علمت أكثر مما قد تتحمله روحها الهادئة .. المسالمة!
غضب من فريدة واتهامها ألا يكفيه ما يدور بداخله من انفعالات تتكالب على قلبه وجسده حد سواء!
وحينها هدر بنبرة غاضبة عالية ولكنها كانت رغم الغضب والصراخ .. رغم كل شيء كانت النبرة تقطر مرارة لما حدث:
-انا ذنبي ايه.. قوليلي ذنبي ايه.. انا قلتله يعمل كده!
ابتعدت عن محيط نظراته المخترقة لها فأكمل هو بنبرة معذبة :
-مريم دي أختي.. بنتي.. ولو يامن مش اخويا كنت أذيته! يبقى ذنبي ايه
كلماته الأخيرة لم تهدئها واجابتها كانت استقامتها من موضع جلستها فتقف أمامه , غير قادرة أن تشعر به  , هاتفة بعصبية وصوت عالي بعض الشيء مراعاة لكونها بمشفى فتعرض أمامه حقيقة تراها ومترسخة داخلها الآن:
-ذنبك انه اخوك.. نفس الدم بتخونوا..
كان يطالعها بتعجب خاصة عندما أشهرت أصبعها بوجهه أمام نظراته التي تحولت من العجب لاستنكار مدمج بصدمة تشير إليه فتخرج الكلمات التي تقتلها هي فتؤلمه هو وهو النادم هنا:
-انت اتجوزتني علي مراتك ولا نسيت.. مستنكر عملت اخوك ليه..!
أصابته الصدمة من قولها وهي محقة بنصف ما تقول  أما النصف الثاني هي تجهله كما الجميع ألا وهي حقيقة علاقته بريتا, انفجارها كان فوق طاقته الآن تحديداً ولأول مرة   يراها بتلك الطريقة , هل تراه خائن..؟!
لا هو لم يخن هو.. هو لا يعلم شيء..! هو في تلك اللحظة عبارة عن بعض المشاعر المنهكة ولكن يجب عليها الاحتراق والصمود!
و كم اراد منها في تلك اللحظة  الذي يعاني فيها من شدة الانهاك أن يجذبها لأحضانه ينشد راحة..! أليس من حقه بعض الراحة..!
بعض فقط!
  وهي قادرة أن تمنحه ذلك دون مقابل.. جاهد بصعوبة أن يقترب منها رغم كل ما يحثه على الاقتراب والتنعم ببعض الراحة !
ولكنه التزم الصمت .. التزم الجمود.. التزم بقناع البرود الذي يجيد ارتدائه كما باقي عائلته!
الأفكار تدور داخلهم تعذبهم وتؤلمهم حتى خرج الطبيب هاتفا بنبرة عملية :
-المريضة فاقت تقدروا تدخلوا لها..
ما إن القى بكلماته حتى تخلت فريدة عن جمودها وغضبها تهرول إلى الداخل وخلفها مني بينما يتبعهم غسان  بخطوات بطيئة تريد التهرب بنظرات ممتلئة بالذنب ..!
أما رجل الحدث  الخائن !
البائس!
الملوث بلعنة الفتنه ! والمغامرة!
كان يجلس بسيارته أمام باب المستشفى حائراً يتذكر صورتها وهي تنهار ..
تبكي ..
تصرخ.. تستجديه أن يكذب ما سمعته من حقائق فوق طاقتها أن تتحملها هكذا ببساطة!
ثم يأتي مشهد سقوطها الذي لن ينساه ولو طال الأمد! وطفله !

للعشق طريق اخر(١+٢)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن