الفصل الثامن

6.2K 190 21
                                    

السلام عليكم عاملين ايه ياحلويات 😍😍
لايك قبل مانقرأ 😊😊😊

الي عاوز يشتم يجي خاص🙂🙂🙂🙂🙂

#هائمون_في_مضمار_العشق

الفصل الثامن

هل آمنتم بالحب حكم
هل وجدتم به أمانكم
هل وليتموه زمامكم
و تركتم له أموركم
ألم تكتفوا بعد من العذاب
أما زلتم تصرون على البقاء
لقد كان خدعة متقنة
قام بدوره و تركنى محطما
وحيدة شريدة ضائعة أنا
هائمة بمضمار العشق الفريد
خاطرة بقلم سالي sa Fmy
**************,,***,,*********

عزيزتي تلك التي قبلت الزواج برجل متزوج .. هي تلك الأنثى التي قررت أن تحيا حالة النصف..
نصف رجل..
نصف قلب..
نصف حياة..!
وتلك الأولى التي قبلت بالوضع هي تلك الأنثى التي ربما ملت حياة الكمال..
وربما هي تلك المنهكة التي كرهت هذا الرجل حتى هي كرهت النصف منه..
وربما هناك أسباب أخرى , فالأقدار تخط خطاها دون أن ندرك..
نحن مجرد بيادق بالحياة فمن نحن لنحكم ونعامل تلك بدونية وتلك بالكمال!
بالنهاية من يقبل شيء فليتحمله حتى يبلغ الطريق!
كلمات قرأتها مريم مراراً على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي..
ابتسمت بخفوت وهي تتأمل الكلمات والتعليقات وكأنها ترى العجب!
تؤمن بداخلها من صدق الكلمات وصراحة الحروف ..
تؤمن أنها يجب أن تعامل تلك الأنثى والأخرى الضد منها بمنتهى اللطافة وحقا من هي لتحكم؟!
ولكن مريم تؤمن بشيء أخر..
هي لن تقبل أبداً أن تكن أحداهن!
هي أنثى الرجل الواحد !
اغلقت الهاتف بشرود وعينيها تلتفت للفستان المعلق خلفها , فستان خطبتها من ناصر!
استقامت وهي تشعر بالضجيج المقام بحديقة المنزل استعداداً للحفل , الضجيج كان بالأسفل ولكنه كان بداخلها أولاً يتصارع بمطارق تدب فيها وجع ماضي لم ينضب نهر جرحه بعد..
ضجيج ماضي لم يندحر مع الذكريات التي توهمت النسيان, أمامها الأن مشهد واحد يتجسد دون انقطاع للمناوشة في الأحلام واليقظة..
مشهد يامن ومن خلفه ميرال ترتدي قميصه بكل راحة وحميمة..
مشهد يشطرها..
يبترها..
يقتلها ..
ينحرها..
يدميها ويخلقها كافرة بالحب ولو صدق واقعه , عبراتها تمردت وتمردت..
والمشاهد تتوالى وتتناثر أمامها في صورة بشعة مدمجة بالوجع والمكر..
قلبها لا يتوقف عن النداء, نداء لمجهول لا تعرفه, وبجانب النداء يقسم العقل أيماناً مغلظة أن لا عودة ولا سقوط في الهوى, جسدها يتحرك , يدور , يبكي بنشيج يفقدها ثبات تجاهد الحصول عليه..
جسدها يهتز ويتمرد على برود المنطق القابعة فيه, ولكنها تنصر العقل , ترفع أناملها بأليه مقتضبة , تمسح الدموع بجمود حجري أفزع القلب والعقل سوياً!
عينيها التمعت بخبث وهي تمسك بهاتفها ترسل بعض الرسائل لغسان ثم بعدها كانت ترتدي فستانها بثبات!
*******************
في غرفة أخرى كانت تلك القابلة بالنصف بل هي من اختارته ورسمته وايدته بيدها, تراه من الأعلى وهو يلبسها خاتم الخطبة بابتسامة غريبة صوبت كسهم سام لقلبها في المنتصف..
تتأمله وهو يتقبل التهنئة, تزرف الدموع من القلب والعين تشارك في ذلك القطع التي تحيا به!
وهنا علمت شيء واحد لقد انتهى الزواج! انتهت قصتها من ناصر.. انتهى الحب..
سقطت ولم تعد قدمها تحملها , تستكين جوار الحائط بدموع خائفة..!
وكلمة النهاية هنا تثبت أكثر ..
انتهت القصة.
صرخة خافته خرجت منها وهي ترى مريم تقتحم غرفتها بأعين لامعة..
أعين تعلن النصر في حرب كانت هي فيها أداة فقط..
تهتف بخفوت وهي تقترب بخطوات ثابته ونظراتها تشمل جلستها بنفور:
-لقد تمت الخطبة.. لم يبقى وقت لتكوني بالخارج..
تميل برأسها .. تتلاعب بخصلاتها المصبوغة.. تنهش قلبها بتلك النظرة وهي تنحني لمستواها ببريق خذر..
خاطف..
يجب تحاشيه:
-انت على وشك النهاية..
تدب بحذائها بالأرض أمامها وهي ترسم به خط وهمي:
-انت على الحافة..
تفرقع بأصبعها ثم تعاود التحدث بهالة مختالة .. هيئة قاتمة والشياطين تتراقص حولها ببراعة..
-فقط بقدمي وبعدها..
لم تكمل الكلمة ..لكنها بترتها ببساطة وخرجت , خرجت تاركة خلفها نار حسرة..
وموت!
صرخة كانت النصيب من جوف عاصي وهي تفتح عينيها التي استكانت في نوم هارب من واقع مرير, استقامت من مكانها والانهاك يتغلغلها يوازي هذا الوجع الباتر للقلب..
ارتدت لخلف بفزع وهي تجدها تقتحم غرفتها بملامح غامضه , يصعب التنبؤ بها ..
تواجهها بغموض حالك.. قاتمة في كل ما يخصها الآن..
تقترب منها وهي تغلق الباب بجبين متغضن , تردف ببرود:
-لم أتوقع انك وصلت لتلك المرحلة..
ناظرتها بحيرة كحيرة روحها , خيرة انتهت وتلاشت وهي تلوح بجواز سفر أمام عينيها ..
تقترب عاصي بتوجس وحذر, تهمس بضعف:
-لمن هذا..
وضعته بحقيبة صغيرة تحملها على كتفها هاتفة بملل حقيقي:
-هذا جواز سفرك عزيزتي أليس كذلك!
نظراتها الكسيرة تجرحها, تلك النظرات التي صوبت لها الفترة الأخيرة..
تلك العبرات التي تكويها هي قبل صاحبتها, تتأملها بثبات لا تملك منه شيء ولو مثقال ذرة!
يخرج صوتها بحشرجة متأثرة رغم القوة والادعاء:
-تنوين الهرب.. تنوين الاختفاء..
شهقات عاصي تتعالى بطريقة مؤلمة بينما مريم تضيف بحدة , لا تراعي ما هي فيه, تجلدها بسوط من نار يفتك بقلبها ويذبح مشاعرها.:
-تريدين التنازل عاصي..
خرجت من صمتها بصعوبة , تهتف بارتعاش يوازي اهتزازها .. ثباتها هنا مفقود .. مقتول..
قلبها ينزف .. يقطر دماً .. نبرتها مفقودة منها في ثبات زائف دُفن في أعماق وجع يحيا بداخلها..
تخبط على صدرها تسكت هذا النبض الهادر:
-انا اضحي.. انا احبه فأضحي..
تصرخ الأخرى بطريقة أفزعت الاخيرة وهي تمسك بها من ذراعها , تهتف بنبرة مدموغة باليأس:
-ما انت فيه تنازل عاصي..
تتوقف عن الحديث وهي تتركها , تبتعد عنها مكملة بألم:
-تنازل عاصي, وشتان بين التنازل والتضحية..
ترمقها بحيرة وقلبها يهدر بصخب, صخب بحر هائج تلاطمت أمواجه بصخر قاسي لا أمل في تفتته..
يأتي صوت مريم وكأنه من وادى أخر , من عالم أخر.. صوتها بملامح شاردة .. تتحدث لنفسها قبل القابعة أمامها:
-التضحية قوة عاصي.. أما التنازل
تحني كتفها ورأسها يرتج بيأس تضيف بخفوت وهي تعانق نظرات الاخرى:
-ضعف, التنازل ضعف عاصي..
تتوسلها عاصي بكلمات متقطعة ونبرة مشتتة ... تلمس يدها بارتعاش..:
-لا تخبريه أرجوك.. هو لن يسمح لي بالسفر..
تنهرها مريم بحدة.. تبتعد عنها بخطوات سريعة, تهتف بقوة وقهر غريب:
-وان كان يحبك لما لا تحاربي من أجله ألا يستحق..
تبتر الحديث , تلتقط أنفاسها بعنف هادر , صدرها يعلو ويهبط ..:
-الا يستحق الحرب عاصي!
نطقتها بنبرة منهكة, نطقتها والأخرى صامته لا تتحدث ..
صمت طال والقلوب تضج بالصراعات.. صراعات حب..
عشق..
بتر.. فقد..
صراعات عبثية لم يخلقها أحد سوانا نحن , عبث يدمر ويفتك بكل بساطة.. هكذا بكبسة زر!
التفت مريم توليها ظهرها قائلة :
-ارتدي ملابسك وهيا سأٍساعدك من أجل السفر..!
الصدمة شلت الأخرى وعينيها تتسع, أنفاسها تتسارع.. ولكن في تلك اللحظة ألقت مريم كلمتها الأخيرة أعقبتها بالخروج:
-هيا سأنتظرك بالسيارة..
بالأسفل كان عاصم يصل لمنزل صديقه بغضب يفور بأوردته , تلك ال..
توقف عن سبها بلسانه .. يسترجع مشهد لقائه بها صباحاً بمكتبها..
لقد واجهته بصرامه أثارت غضبه, بل أثارت قلقه وحيرته..
تلك الأنثى أثارت كل مشاعره السلبية.. كلها!
مسح رأٍسه وصورتها القوية .. الثابتة تبتر كل ما يفكر به!
كانت من الخارج ماسة معتمة بلون قاتم.. بدت كحجر نفيس يصعب الوصول له..
ماسة يجب الخوف من كسرها !
ولكنه يشعر أنها من الداخل انها رخوة.. محطمة.. بائسة..
هز رأسه , هو لا يهمه كل ذلك , كل ما يهمه أن يخلص صديقه منها..
ركن سيارته بالداخل ولكنه لمحها وهي تسير بخفة, تلتفت حولها بتوتر ..
اختبئ في إحدى الزوايا متربصاً, يشاهد اقترابه منه بأعين صقر, تخطوا خطواتها بثبات غير مدركة لوجوده ..
وفجأة!
كانت تقبع هي بالجدار خلفه.. بعد أن امسك بذراعها يحشرها بين جسده وبين الجدار..
هنا كانت حرب نظرات ..
نظرات باردة.. وأخرى نارية, نظرات قوة ونظرات غضب!
رفع أنامله يلمس خصلاتها القصيرة , يحتل عينيها ولا يحررها..
جسدها يتشنج , تتمرد عليه فتحاول الحركة والتخلص منه!
يهتف بخفوت بنبرة لا تعرف التردد:
-هل قررت أن تنسحبي بعد زيارتي لك لذا تخرجين بتلك الطريقة..
رفعت حاجبها الأيسر باستخفاف, تطلق تأفف حقيقي..
تشعره أنها سيدة نفسها هنا وقرارها بيدها وحدها..
ترفع يدها , تمسك بيده الملاصقة لخصلاتها بعبث, ترد نبرته الخافتة بشبيهتها:
-سيد عاصم مفاجأة أن اراك صباحا بمكتبي والأن !
عبث بنظراته اللاهية بملامحها يحافظ على حصارها الذي تتيحه !
-مفاجأة سارة أم..
تطلق ضحكة قصيرة .. ناعمة وكأنها أنثى تعرف متي الدلال..
انثى باتت تعلم كيف تستخدم أنوثتها!
تبعد جسده عنها هاتفة بتحديزسمج وعينيها لا تحاول التحرر من عينيه.. ترفع أناملها تنظر به بملل زعزع ثقته للحظه :
-بل مفاجأة غير سارة, لا أعرف ما هذا الحظ السيء الذي جمعني بك لمرتين..
تتوقف عن الحديث وهي تبعد جسده كليا , تقف في مقابلته بثبات وبنبرة ماكرة خرج صوتها الجاف:
-الا تخاف ان يراك صديقك وانت في هذا الوضع مع خطيبته..
صفق بيده وابتسامة لاهية تتغلغل بملامحه , يقترب الخطوة التي أجبرته عليها.. يركز بها , يحاول أن يعرف دوافعها..
يود معرفة مقدرتها ورغبتها على التضحية التنازل!
يبحث عن ضعف بها ولكن لا يوجد!
-من دواعي سروري مريم, سيكن هذا سبب يجعله لا يكمل الزيجة من انثى تشبهك..
ارتدت للخلف تشعر بسور أنوثتها يرتج .. يتشقق ,لكنها تماسكت سريعا وهي تشير لنفسها بخيلاء :
-انثى تشبهني يسر أي رجل أن يرتبط بها..
تعجبه الثقة وإن نفر منها, وتعجبه هي وان أنكر!
الحقيقة هنا أنها تؤثر به , تثير غضبه وتعجبه, تثير حنقه واستمتاعه ..
-ولكن أنا لا يسرني أبداً..
اراد كسر مقدار ولو صغير , أراد أن يحطم تلك الألوان المبهجة التي تحيطها مشكلة سياج ثقة تغيظه للغاية!
ولكن ردها كان الصدمة والقصف, ردها كان لون أسود صوبته لقميصه الأبيض تاركاً أثره الواضح ببشاعة خسارة الجولة!
-وأنا لا يليق بي رجل مثلك..
تتألق عينيها ببريق سعادة وملامحه تمتقع.. ملامحه تبهت وابتسامتها تزداد..
تضيف بعد أن خطت بعض خطوات بعيدا عنه :
-انا يليق بي رجل ينظر للأمور بطريقة مختلفة , لا كطفل يذهب لطرف غريب يهدده !
تغمز بعينيها بإيحاء قبل أن تضيف بتلاعب:
-مازال لقائنا الصباحي يثير ضحكي وسخريتي مدمجين معا داخل سوء التصرف لشخص لا يقدر أن يحسب أموره جيداً..
تجاهلت نظرات المشتعلة .. نظرت لساعة يدها ثم أردفت ببرود أصابه بصقيع يخالف حقيقته المشتعلة :
-سأذهب الان وليلاً بالتأكيد سنتقابل في حفل خطوبتي!
انهت الحديث وتركت خلفها رجل يقسم أغلظ الايمان أن قصته معها قد بدأت..
ركبت السيارة وتحركت أخيراً بينما عاصي المختبئة بالمقعد الخلفي رفعت رأٍسها أخيراً, التفتت لها مريم نصف التفاته قبل أن تقول وهي تعاود النظر أمامها .. تخبرها بواقع مفرداته قاسية.. حادة:
-عاصي أعلم جيداً ان النساء يملكن قدرة جيدة للعطاء, هل تعرفين شيء؟
زفرت بعمق واكملت بشرود:
-انا لا ألوم ما فعلتيه عزيزتي , اعلم كيف أن الانثى قد تقف وتحارب العالم أجمع عندما تعشق, بل وتحارب حبها نفسه..
تقود السيارة بسرعة منتظمة تضيف بخفوت :
-ولكن اياك والدخول ٍفي حرب مع روحك المنحدرة في عشق يلفها كلها بل ويتملكها.. لا تحاربي انفاسك مرة أخرى..
لم يتحدث أي منهم طوال الطريق حتي توقفت السيارة أخيراً أمام المطار فترجلوا سوياً,
عاصي هنا مرتبكة .. خائفة..
عاصي تشعر بسكين بارد يشطر القلب والجسد, عاصي تشتاق منذ الآن! يتملكها خواء لفراق زوجها!
تنظر لمريم بأعين دامعة .. تتشبث بيدها ,تهتف بنبرة متألمة:
-اخبري ناصر أني احبه, بل اعشقه.. اخبريه انني هربت من نفسي قبل الهرب منه..
اومأت مريم وبعدها هتفت لها بثبات وهي تدخل معها المطار..
-هيا عاصي بالمناسبة لو سنحت لي الفرصة أن اخبر زوجك بشيء سأخبره أنك مجرد غبيه!
امسكت يدها تجرها مكملة بجملة صادمة:
-هيا عزيزتي لقد حجزت تذكرتين للقاهرة..
تقف عاصي بجسد متخشب, تحرر يدها من مريم.. تشهق وتكتم الشهقة , تصرخ:
-انت لن تحضري الخطبة..
هزت رأسها وهي تميل بها يمينا ويساراً, ترسم البرود تكمل اللعبة:
-لا , تلك اللعبة كانت انتقام..
رددت بصمة :
-انتقام..
تهز رأٍسها إيجاباً , تمسك بيدها مرة أخرى , تسير معها بخطوات هادئة:
-اجل انتقام منكم ولكم..
تصمت وعينيها تشرد بذكريات ضعفها الذي يصهرها بالنفور..
تخرج منها كلمات حادة:
-العذاب لا أن تصلي قاع الجحيم عاصي.., بل العذاب هو تلك النار التي نشبت داخل قلبك عزيزتي..
تلمس موضع قلبها, ونظرات أنثى لأنثى, نظرات تتأرجح بين القوة والضعف..
نظرات مضطربة..
واهية..
مروعة في قلب كل منهن .. تهتف مريم مرة أخيرة:
-انا لست الأنثى التي تتشارك مع أخرى عاصي والا كنت قبلت بزوجي الذي كان قطعة مني..
تهدأ وتمنع نفسها من الانجراف.. تعاود الحديث وعبراتها تقتلها, قلبها ينبض..
عقلها يتمرد :
-يامن كان قطعة من روحي.. كان قلبي
قالت كلمتها الأخيرة وهي تضغط بقوة على قلبها, تضغط بعنف , تؤلم نفسها رغم ان اثار الوجع ..الفقد .. الخيانة قائم بروحها:
-يامن كان كنجمة ساطعة , تومض بسمائي , نجمة تزرع بي الطمع أن امتلكها , ترسل لي شعور الاقتراب من الهدف! الاقتراب من امتلاكها..
تمسح وجهها براحة يدها , تغمض عينيها لثواني ثم تفتحها ببطيء, تكمل بثبات ونظرات تستوحش وهيئته تطاردها :
-ولكن ..
تهز كتفيها ..تعاود الحديث:
-تلك النجمة لم تكن سوى حجر معتم ..قاسي.. قاتم.. مجرد حجر لا حياة فيه ولا أمل منه..
سردت حديثها بسلاسة لم تخلق داخلها لحكايتها المفقودة من الحب..
سردت وشردت برجل احتلها..
دمغها..
امتلكها , ذلك الرجل الذي كانت ترهبه بجوارحها.. تنتظر منه عشق تمنته وعبثاً كان الحصول عليه!
أغمضت عينيها وهي تثني الصور والمشاهد , تعلم أن الرجوع لمصر هو بداية لصندوق أسود أغلقته دون الخلاص مما فيه..
يغمرها الاختناق .. تشعر بتلاشي الهواء, وكأن فضاء العالم لا يسعها هي أو أوجاعها التي خلقت داخلها ندبة ربما لا سبيل للخلاص منها!
**********************
يقف أمام المرأة وعيناه تتوزع بين الحيرة والشرود ... شتات يحتله ويقاومه, قلبه يضج بانفعال يبتر به كل شعور!
يتساءل داخله.. هل تتألم هي مثله؟
هل تشعر بتمزقه ونزفه؟ هل تلمس مثله وجع صارخ يفور بجسده؟!
يغمض عينيه يستحضر هيئتها بالفترة السابقة وهي تذبل..
وهو يتجبر..
هي تموت..
وهو يتجبر..
هي تنزوي وتختفي..
وهو يتجبر..
بل هو يرسم التجبر .. الجمود.. البرود.. القسوة فربما هي تثور..
تصرخ..
تحارب!
هتف صديقه الجالس على المقعد خلفه بنبرة عاتبة يتغلغل الغضب بحروفها ويموج اللسان بمرارتها:
-وان كنت لا تقدر الابتعاد عن عاصي لما كل هذا..
ينظر ناصر لانعكاسه دون الالتفات له بشرود, يرفع حاجبه ولا يجد جواب..
يضع يده أسفل ذقنه وهو يتكئ على مرفقه بانحناءة جسده للأمام..
بينما اليد الاخرى تحمل قداحته .. يتلاعب بها يشعلها مرة..
يطفئها مرة!
يقابل عين صديقه المفقود في رحلة حيرة تمزقه بلا رحمة:
-تراجع عن تلك الخطبة حتى لو كنت لا تنوي الاستمرار..
مع ذكر الخطبة يتذكرها وهي تتحداه بقوة منطق يحيا داخلها..
منطق لوثه العشق والهوى, يتذكر تلك الانثى الفائرة بحيرة بنظراتها المصوبة كسهام مشتعلة بنار قادمة من سعير ماضي مخلوق داخلها بندوب حرق لم يشفى بعد!
يزفر بعمق ويعاود الضغط بسؤال يحمل اللوم :
-هانت عاصي.. هان عشقها..
يبتر الحديث وهو يستقم من مكانه , يضيف, ويزيد الضغط أكثر :
-انت تؤذيها ناصر تؤذيها..
التفت الاخر له بنظرات معذبة .. نظرات تخوض صراع مع حياة لا أمل فيها..
يستحضر صورتها أمامه وهي تهتف بحبه مع كل صباح ومع كل نفس تأخذه من الحياة..
يتذكرها تبتعد عنه, يتذكرها تغضب منه..
يهتف وهو يشير لقلبه بوجع, يغرز أنامله بجسده في جدة مؤلمة:
-عاصي لا تهون..
يحني كتفيه والانهاك يحتله دون مقاومة .. يزفر وكأنه يجاهد شيء ما:
-عاصي جزء من هذا القلب..
قالها وهو يشير لقلبه ثم أكمل وهو يشير لباقي جسده:
جزء من هذا الجسد..
يلمس صدره وملامحه تنهي القصة بعذابه القائم:
-عاصي هي الروح.. هل يمكنك أن تحيا دون روحك..
هتف الاخر بنبرة صارخة وهو يواجه صديقه:
-اذا لما , كيف هانت؟ , هل تلك..
يصمت يداري انفعال من نوع أخر فيكمل :
-مريم تلك أثرت عليك ..
ابتسامة ساخرة ناوشت فم ٍالاخر وهو يجلس على المقعد بإنهاك في تلك الغرفة الذي اعتزل فيها الجميع حتى هي..
يهتف بنبرة فاضت عاطفة .. نبرة غمست بعشق يستحيل تلاشيه ولا خلاص منه:
-هل تعرف من هي عاصي..
تشرد عيناه بابتسامة وبريق انثى ساكنه بنظراته لا تفارقه.. انثى تخللت لقلبه وعقله وكله , تختبئ بين ثناياه بخبث مرض لا يمكن الخلاص منه سوى بالموت..
-عاصي هي عمري الحلو, عهدي الابدي..
يتنهد امام نظرات عاصم المتعاطفة .. المتأثرة بطريقة حديثه..
-عاصي.. هي أملي وألمي, هي صبري على الحياة وصفائي بها...
يضحك بوجع ويده تلوح في الهواء :
-هي يأسي ! هي كل شيء..
ساد صمت طويل وعين كل منهم تذهب لوجهتها..
أحدهم رجل غرق بالحب وتاب في العشق دون انذار.. دون رجعة..
واحدهم تاه في حالة الاخر وتمنى لو يملك قطعة من هذا الشعور النافذ للروح بألم يجبرك على التحمل من اجل ان تجد احدهم بالنهاية!
اقتحمت في تلك اللحظة جدة ناصر الغرفة بأعين جاحظة..
جسدها يهتز بارتعاش , نبرتها تلتهب بتوتر حقيقي..
تقترب من حفيدها بخطوات مهتزة تكاد تترنح من رخوة أقدامها:
-مريم غير موجودة بالمنزل , مريم هربت !
انعقد حاجب الرجلين بدهشة واستنكار بينما هي تضيف :
-غرفتها فارغة.. هاتفها مغلق ..
حاول ناصر تهدئتها وهو يقترب منها بينما هي لا تقوى على الثبات وهي تنهار بتعب على المقعد.. تحني جسدها وهي تكمل :
-لقد قمت بدعوة الجميع ممن أعرفهم, الجميع يعلم أن خطبتك لمريم اليوم..
تهز رأٍسها وهو تهتز بجسدها للأمام والخلف :
-تلك فضيحة لي.. الجميع الان سيتحدث عن العروس الهاربة!
يلمسها بحذر واحتواء , يردف بنبرة هادئة:
-اهدئي جدتي أرجوك!
لم تهدأ وهو تزيد من الحديث بقساوة تشع بها للحظة:
-بالتأكيد عاصي زوجتك المصون من حرضها.. هي ايضاً غير موجودة بالمنزل..
ارتد هو في تلك اللحظة للخلف بصدمة وقدمه تسارع الخطوات , يخرج من الغرفة باتجاه غرفتهم .. خطواته منهكة بالسرعة وقلبه منهك بنبضه الصارخ..
وصل للغرفة.. فتحها على مصرعيها, يتخيلها هنا تجلس تنتظره كما كانت دائماً..
يتذكرها وخصلاتها الناعمة تموج كرمال ناعمة حول بحر نقي هادئ في صورة خلابة...
يدخل الغرفة يدور فيها بجنون .. خزانة ملابسها فارغه.. وهي ..
هي رحلت!
الكلمة قتلته .. يهوى بقدمه على سريرها يلمسه بشغف , يحاول أن يجدها رغم استحالة الأمر..
تغيم عينيه بوجع وقلبه يصرخ بألآم تحكمت به!
يهز رأسه بيأس يتوه بشتات روحه ..
ولكن..
صوت هاتفه برسالة جعله يخرج من حالته بتلهف .. عسى ان الرسالة منها, يخرج هاتفه.. يلمس شاشته بارتباك وتلهف ..

للعشق طريق اخر(١+٢)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن