الفصل الثالث

7.5K 179 23
                                    

*******************,**********

لا توجد سعادة أبدية.. لا توجد سعادة مطلقة ولا توجد سعادة مشروطة!
فقط البشر هم من يختلقون وهم السعادة الدائمة داخل غريزة التمني المستحيل..
وهي ..!
هي تريد أن تهبه سعادة مستقرة, تلك السعادة الذي كان بدايتها سقطة وتنازل وتعثر بالحزن ..
نهضت من مكانها تنظر لحالها بأعين لاهية بصورة لناصر موضوعة داخل برواز فضي اللون أعلى المنضدة..
تنظر لها تارة وتارة أخرى تغمض عينيها ... تستوعبها .. تتشربها.. تدفن ملامحه داخل ثنايا القلب أكثر فأكثر!
تمسك بخصلاتها تمشطها بسلاسة فتأسرها ومضة من ماضي قريب عندما كانت تجفف شعرها وهو جالس على السرير في وضع نصف جلسة..
يتأملها دون أن ترف عينيه , يهديها ابتسامة ومعها وعد مطلق لكل شيء قد تتخيله هي ..
ينهض من مكانه يسير بخطوات متمهلة حتي بات خلفها .. يبتسم بهدوء مشابه لروحه الحانية .. يمسك بفرشاة خاصة بتصفيف شعرها ويبدأ دون حديث بالبدء في تصفيفه ..
يهمس بخفوت وهو يتابع ما يفعل ونظراته تعانق عينيها في انعكاس المرآة :
-كيف لك أن تأسري القلب بتلك الدرجة عاصي؟!
السؤال تعجب وتأكيد بحب وصل لمرحلة أصابت قلبه بتخمة المشاعر..
لمعة عينيها كانت تفيض صدق مشاعر كان هو الأول في مضمارها والأخير أيضاً..
تصمت .. تتهرب بعينها والخجل يعتريها ويكتنفها داخله ..
فيزيد الهمس حباً وشغفاً وهو يلقي بالفرشاة بعيداً عنه .. يتلاعب بخصلاتها بعبث.. يتنهد..
يعشق.. يصرخ بالهوى:
-احبك عاصي ..
يبتر حديثه .. يمتنع عن الإكمال ,أنامله تتجرأ أكثر وهي مستسلمة لكل شيء..
يحملها بين يده فتتعلق برقبته , يسير بها .. ينوى أن يدخلها غيمة وردية تنسى فيها العالم وينسى هو فيه نفسه وروحه وكل شيء..
يتجرد معها من أي تعقيدات يبتعد قبل أن يهمس أخيراً بكلمة يكررها:
-أحبك عاصي..
وقبلته بعدها كانت بداية ليلة جديدة لهم..
خرجت من الذكرى دون هيام وهوى.. خرجت وعبراتها تتمرد وتنهمر , تقتلها الذكرى بدلاً من أن تحييها ..
تتحدث لنفسها معترفة بصوت مسموع , تضع نصب عينيها حقيقة ثابتة أنكرتها ومع أول اغتراب العقل بذكرى زال الانكار:
-لا تكذبي على حالك عاصي, أنتِ لن تمتلك المقدرة على رؤيته مع غيرك , لن تستطيعي المضي في تلك العلاقة ..
تقف أمام المرآة مرة أخرى تتجرد من ثيابها وترتدي أخرى..
تقر إن كانت هي لا تلمك تلك السعادة الذي يجب أن تُمنح فستهديه هي ذلك من خلال أخرى وبعدها ترحل!
*******************************
في غرفة مريم كانت تعمل دون فاصل..
نهم..!
شره!
جنون!
كل هذا ما يخص العمل , لم تتوقع في لحظة ما أن تكن بذلك الشغف تجاه عملها أبداً , لطالما كانت تحلم ببيت صغير وزوج محب و أن تنجب له الأطفال وتحيا معهم مناخ عائلي فقدته!
ولكن..!
تهز رأسها وهي تستشعر مدى سخافة تفكيرها وورديتها المزيفة ..
فاستيقظت على بيت من رمل..
وزوج خائن..
وطفل مفقود!
في تلك اللحظة الذي كادت أن تنجرف داخلها لدهاليز الذكريات , طرقت عاصي الباب .. تستأذن الدخول بهيئة متوترة وصلت لمريم جيداً
هتفت وهي تنزع عويناتها .. تهديها ابتسامة من القلب :
-بالطبع تفضلي عاصي , هل تأخذين الإذن ببيتك..
وكلمة بيتك تلك أوجعت خافق الماثلة أمامها وهي تقترب منها .. تجلس على المقعد المقابل لها .. تتحدث بهمس خافت:
-مريم هناك أمر أريد التحدث به معك
هزت مريم رأسها إيجاباً تنتظر منها أن تكمل حديثها..
فتجلي الأخرى صوتها في تكوين منها لاعتراف وتقرير دون قيود .. تهتف مباشرة دون فواصل و بتر:
-مريم أريدك أن تتزوجي من ناصر..
صمت تام بعد جملتها الأخيرة .. مريم تجعد جبينها , تدور بعقلها..
تنظر لعاصي المتهربة بنظراته الخانعة تلك المشابهة لنظراتها يوماً ما!
فيصيب قلبها الوجع لذكرى أمس اختلطت باليوم !
اقتربت منها برأسها تهتف بجمود:
-اتزوج من ناصر..
توقفت عن الحديث.. تبتره في دوران الاستيعاب..
تتأمل الجالسة أمامها بنظراتها الشاردة..
خصلاتها المعقودة بإهمال!
..
بشرتها الشاحبة وكأنها على شفا الموت
انقباضه يدها.. وتلك الهالات المحيطة بعينيها في إشارة صريحة بعدم النوم..

للعشق طريق اخر(١+٢)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن