...متعبونّ...

1.3K 118 8
                                    

.
.
.
.
* قصر افرودايت *
- انه مصاص دماء!
صاح اوليمبوس بوجه الملكة المرعوبة:
- لو طعنته بسيف وسط رأسه لن يموت!
كان الرجل ذا الشعر الفضي الطول والاذان المدببه يشعر باليأس والغضب من افرودايت، خاصةً بعد ان تأكد من مشاعرها تجاه بيكاسوس...بيكاسوس الذي كان السبب الرئيسي لمقتل شريكة حياته واختها!
افرودايت التي اعماها الصراخ والالم لم تستمع لكلمة مما كان يقول، وحاولت التخلص من قبضته التي احاطت خصرها وحملها كأنها كيس من الخضروات.
صرخت مرة ومرتين ولكمت وركلت بقدميها بل انها حاولت ان تؤذيه حتى، لقد ارادت الذهاب الى بيكاسوس والبقاء الى جانبه، لقد كان يحتضر، رأته يحتضر بأم عينها، والان يمنعوها من رؤيته، كم هم قساة، اقسى من قدرها الذي جاء به حتى بابها ليموت عند عتبته.
تجاهل اوليمبوس ما كانت تفعله افرودايت، لطالما فقدت اعصابها عند نقطة ما، فكانت تثور وتكسر ما حولها وبعد قليل تعود كسيدة نبيلة انيقة ليس لها مثيل.
ركل الجنرال باب غرفة الملكة ورماها داخلها ثم اغلق الباب بسرعة وقام بقفله بعد ان سرق المفتاح من الداخل، لكن افرودايت ازدادت جنون، هددته بتهمة العصيان، ونعتته بالخائن ورمته بأبشع الالفاظ، الا انه لم ينصت، ستتذكر كل ذلك فيما بعد وستندم لوحدها.
تركها اوليمبوس وعاد الى الزنزانة ليجدها فارغة، لقد رحل الاطباء واخذوا معهم جسد بيكاسوس المصاب، اما لينا لم ترحل، لقد بقيت واقفه تواجه قضبان الزنزانة الفضية وتراجع ذكرياتها، هي فعلت تماما ما طلبته منها اختها، لقد فتحت الباب بالفعل...اذن، لماذا تشعر بكل هذا التعب وتأنيب الضمير؟...
- لم يكن خطأكِ.
قال لها اوليمبوس وهو يسير حتى وقف الى جانبها ليجعلها تبدو كدمية خزفية ناعمه الى جوار جسده وطوله الفارع.
- انا...انا حقاً لا اعلم ما حدث...لِمَ لم يرحل فحسب؟
- خائن مثله؟ الى اين سيرحل؟ ان ميكائيل كالظلام بعينه، موجود في كل مكان وزاوية، لقد كان جباناً لا اكثر.
اشاحت لينا بعينيها نحو الارض ولم تبدو مقتنعه كثيرا بكلامه...
- لقد...قلت له كلاماً جارحاً حين رأيته اخر مرة...
قالت الاميرة وهي تشعر بالقلق:
- لقد فعلتِ الصواب.
اجاب الجنرال ثم اكمل:
- لقد بدأ يسلب عقل افرودايت ولا يمكننا تحمل ذلك.
لينا كأي اخت تعرف تماما مشاعر اختها الكبرى منذ البداية، ولقد اعترفت لبيكاسوس بها...أيعقل بأنه؟.........
كلا...فكرت في نفسها...... لا يعقل ان بيكاسوس يبادلها المشاعر؟...هذا مستحيل... لقد كانت ميراج كل ما يرى بعينيه وقلبه، اذن...مالذي حدث؟!
- يجب ان نتخلص منه قبل ان يتسبب لنا بالمشاكل مع ميكائيل.
قال اوليمبوس وهو يمسد حاجبيه بتوتر وقد بانت اوردته في رقبته العريضة المتشنجة.
نظرت اليه لينا بخوف وحذر واجابت:
- انه ضيف لدينا.
- ضيف غير مرحب به... ضيف ام ارواح ارضنا؟ الم نتعلم شيئا حتى الان؟ لقد كانت فكرة ايوائه غبية منذ البداية، لا اعلم كيف وافقت عليها افرودايت.
-هو روح ضائعة فحسب...
- انه خائن!
صاح اوليمبوس بوجه الاميرة:
- خائن ومجرم ولو اعطتني افرودايت الفرصة لكنت انتقمت منه شر انتقام!
تنهدت لينا بأسى وتركت الغرفة لتقف عند الباب وتخاطب الجنرال المحطم:
- تعلم بأنه لم يقتل جنجر...انت الذي كنت بجانبها.
ثم خرجت لتترك الصمت الرهيب يسيطر على الاجواء وبالاتهام والعتب اللذان اطلقتهما لينا يخترقان قلب اوليمبوس.
جنجر لم تمت بسببه او حتى بقتال...لقد اخترقت تلك الشظية الكريستال جسدها النحيف في لحظة مفاجأة، اجل لقد كان يقف هناك لكنه لم يعلم ماذا حصل حتى...حصل.
.
.
.
.
* قصر ويرلوك *
- ما هو اكثر شيء تكرهه؟...
جاء صوت ميراج المشوش مع الصورة الضبابية امام عيني تشاستين التي حاولت وبشدة ان تركز وترى بوضوح دون اي جدوى...
- ماذا؟...
اجاب ميكائيل وصدى كلماته يتردد في اذنيها...
- ما هو اكثر شيء تكرهه؟...
اعادت ميراج سؤالها وهي تضع الكتاب الذي كانت تقرؤه فوق طاولة الشاي.
فكر ميكائيل لوهلة ثم اجاب بنظرة حادة...:
- سماع اصوات كل من في القصر ليلا ونهارا...
لم تبد ميراج راضية عن هذه الاجابة فأعادت سؤالها للمرة الثالثة ثم اضافت...
- ما هو الشيء الذي لا يمكنك ان تسامح عليه مهما حصل؟
- الخيانة.
اجاب الملك بصرامة بالغة حتى ان الفتاة بدت متراجعة في مكانها واظهرت خوفا على ملامحها وهي تذكر ما جرى بأستريا غرين عند بوابة القصر...
- كنت اعتقد لفترة طويلة، ان هذه المشاعر لا تتعدى حدود البشر...لكن لا يمكن توقع كل شيء، ولا يمكن ان يحصن الشخص نفسه من كل امر...الخيانه، هي من اقبح المؤذيات التي صنعها البشر، انها كالطاعون، تنتشر بسرعه وتعدي كل من يقف في طريقها مهما كان ذا مبادئ، لكل شخص سعره، امنيته...والاهم من هذا كله...هي تلك المشاعر البارده والحارقه التي تتركها خلفها لتتصارع داخل جوف الشخص وفي النهاية لا يوجد سوى نتيجتان، اما ان تنتصر المشاعر الجامدة وتترك القلب فارغا مليئا بجراح وندبات لا يمكن ان تشفى حتى وإن مرت قرون، وإما ان تنتصر تلك المشاعر الحارقة التي تبقى تشتعل في الجوف وتسبب الجنون ولا يطفئها سوى الانتقام...
الخيانة كالسم، لا محاله ستتسبب في قتل طرف ما وفي اغلب الأوقات، يكون الطرف البريء هو الضحية، ذلك الشخص ذي القلب الضعيف الذي لا يحتمل ما حصل له، ولا يعرف كيف يعبر عن الصراع المؤلم الذي يجري بداخله. ذلك الذي تخونه حتى الكلمات في اللحظات التي تحتسب...
لذلك انا لا اسامح الخيانة يا ميراج، حتى وإن جائت من نصفي الاخر، او من كريستن او حتى تشاستين، بل العكس، يجب ان لا تفكروا حتى بطلب العفو إن حصل ذلك، لأنكم المقربون لي، وليس لأنني الطرف الضعيف، بل من اجل ثقتي التي اهدرت لا اكثر.
عند انتهاء ميكائيل من الحديث، كانت ميراج شاحبة اكثر من ضوء القمر حتى اصبح لونها مائلاً للرمادي.
ارادت تشاستين ان تمد بيدها لتضعها على كتف ميراج لتهدئتها من روعها، الجميع يعلم ما هو الملك وكيف يشعر تجاه ذلك، والان حان دورها لتعرف ذلك، لكن تلك اليد لم تصل الى صديقتها مطلقاً بل انها عادت الى الوراء كلما ارادت التقدم الى الامام، وكل الصدى والضوضاء ازدادت كلما اخذت خطوة جديدة حتى وضعت كلتا يديها على اذانها لتحجب الصوت لكن دون اي فائدة، تلك الاصوات حفرت في عقلها بقوة وعنف وشوت على نظرها حتى اصبح كل ما تراه باللون الابيض وحين ارادت ان تصرخ ليتوقف كل شيء، انطفأ نظرها وتوقف سمعها ولوهلة اعتقدت ربما انها قد ماتت بين يدي مارسيل في وقت سابق، لكن لمَ تشهد تلك الذكرى الان؟...هي لم تفكر بخيانة ميكائيل من قبل...اذاً...لماذا؟
وفي تلك اللحظة فتحت تشاستين عينيها لترى ضوء الشمس امام عينيها وقد بدأ جسدها يظهر علامات من الحرق والدخان، ذلك اللعين مارسيل خرج من غرفتها بعد ان فتح الستائر وتركها لتحترق!
نهظت تشاستين كالمجنونه وهي تغلق الستائر وتحاول ان تخمد الدخان الذي نشب على جلدها. لقد كادت ان تموت وتصبح غباراً دون ان يدرك اي احد! هل كان يكرهها لذلك الحد؟
- ليدي تشاستين!
دوى قرع عال على الباب اجفلها من مكانها واخرجها عن افكارها:
- ليدي تشاستين يجب ان تنهضي!
عاود الطرق مجددا بصورة اقوى ومهما كان الصوت الذي ورائه لم يكن يحمل اخباراً سارةً او ذلك ما شعرت به، وكما توقعت وجدت الخادمة التي رافقت لورين سابقاً تتنفس بصعوبة وهي تتكئعلى الباب محاولة ترتيب الكلمات الصحيحه لكي تقولها.
- ماذا جرى؟
سألت تشاستين بقلق وخوف، فتنفست الفتاة واستجمعت مالديها من قوة اجابت:
- انها الملكة...
احست تشاستين بضربة قوية تدق في صدرها، ما الذي يمكن ان يحصل لميراج في هذا المكان المحصن!؟
- انها...انها تفقد الجنين!
ركضت تشاستين بكل ما لديها من قوة بعد ان دفعت الفتاة عن طريقها وتتبعت صوت صراخ ميراج الذي دوى في اروقة القصر، لم تعلم ماذا ستفعل ولا كيف سينفعها حضورها ولكن كل ما ارادته الان هو الوصول اليها قبل ان يحدث الامر الذي كان يخشاه ميكائيل...ثم تذكرت...تلك المحادثه...تذكرت ما لم يكن يجب لها ان تسمعه...
.
.
.
***- لقد فكرت بعرضك.
جاء صوت ميراج خفيفاً بعد أن استدارت تشاستين لتعود إلى غرفتها لكنها توقفت حالما سمعتها.
عرض؟ اي عرض يا ترى قد يجمع بين مارسيل وميراج؟؟
- لقد بدوت صادقاً.
استمرت ميراج:
- ولا تحمل نية سوء تجاهي. انا ممتنة حقا ً، لكني اعتقد بأني سأحتفظ به لبعض الوقت، لقد بدأت معاناتي منذ أن وطأت المملكة لأول مرة، لا ضير في أن اتحمل المزيد قليلاً...
- هذا مؤسفٌ حقاً.
أجابها مارسيل بسخرية واضحة ثم قال:
- كنت أنوي العودة إلى المنزل مبكراً.
- اعتقد بأننا سنبقى بعيدين لبعض الوقت...***
.
.
.
- كلا...
تمتمت الفتاة...
- كلا لا يعقل...هو لن يفعل ذلك...مستحيل...
لكنه مارسيل...مارسيل الجديد، المجنون الاناني الذي تركها لتموت تحت الشمس...لكن ...هل من الممكن بأنه قد فعلها؟...
وكما لو ان الاقدار اجابتها، رفعت رأسها لتنظر امامها وتجد مارسيل يتكئ على حائط غرفة ميراج وهو يبتسم بينما تسارع الخدم الى داخل وخارج الغرفة، جرى كل شيء بحركة بطيئة للغايه حتى شعرت بأن الارض قد توقفت عن الدوران حتى رفع عينيه الناعستين ذواتا اللمحة القرمزية وابتسم لها ابتسامة ارسلت القشعريرة في جسدها...
.
.
.
.
يتبع...

مشعوذة الجنرال ( مارسيل )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن