... اصرارهّ ...

3.9K 252 4
                                    

.
.
.
- لقد خضت العديد من المعارك داخل رأسي...كنت تنتصر في كل مرة لكن ليس بعد الان...
- سأنتصر مجدداً...
- هه...هل تظن ذلك حقاً؟ هل تعتقد بأني سأسأم من اللعب معك واتركك تربح ؟ هل ظننت ان هذه المرة ستكون مشابهة لما سبق؟...انت مخطئ...هذه المره...لدي ما سأقاتل من اجله...وحالما سأخرج لن ادعك ترى النور ابداً.
.
.
.كان ذلك اخر ما سمعه مارسيل في رأسه...لقد جن جنون نصفه الاخر بالكامل حتى قرر التمرد عليه بشكل جدي، وذلك ما سبب له الخوف ...ليس على نفسه فحسب بل على تشاستين...لان ذلك المجنون ارادها له بكل قوته وسيفعل المستحيل لتحقيق ذلك...
لم يكن امام الشاب الضعيف سوى القتال كما فعل حياته كلها وربما التخلص من مشكلته للابد، لكنه مع الاسف لم يدرك مدى قوة خصمه، لقد تغلب عليه في النهار في الايام والاسابيع التاليه، الا ان الاخر كان يزداد غضباً يوماً بعد يوم بسبب بقائه بعيداً عن تشاستين وما يلبث ان يتولى السيطرة حين ينام جسدهما لذلك قرر مارسيل من تقليل ساعات نومه الى اقصر حد حتى بدى كمدمن الكحول خلال ايام، واكتسحت الهالات السوداء اسفل عينيه تاركةً اياه بمظهر مخيف...
بالطبع سمعت تشاستين عن الامر من والدها وحاولت ان تراه في ايام متفرقه الا انه اخبر الرهبان في الكنيسه بأبعادها عنه وعدم رغبته برؤيتها من اجل سلامتها ومن اجل الفوز بمعركته...
بدأت حياته تصبح اصعب فأصعب حتى بدأ بفقد السيطرة على وعيه في اوقات النهار ايضاً واجتاحته الهلوسات والاصوات في رأسه في كل مرة حاول فيها النوم...
كان مارسيل منهكاً جالساً على احد كرسي بالقرب من المدفأه حين سمع صوت الباب يطرق...
قد بادئ الامر اعتقد بأن هلوساته قد عادت مجدداً حتى اصبحت الطرقات بصوت اعلى...
لابد من انه احد الرهبان...قال في نفسه وقرر ان يتجاهله بعد ان اتكئ على الكرسي بكسل وامسك صدعه بأنامله الرفيعه وهو يحاول الاسترخاء قليلاً ...
- اعلم بأنك هنا!
جاء صوت تشاستين كدلو من الماء البارد عليه ليجعله يقف من كرسيه بعنف...
- مارسيل افتح الباب لي...
نادت مجدداً فقط لتجعله يتراجع الى الوراء كالمفجوع...
لا يمكن ان تكون هنا...قال في نفسه وهو يشعر بالحرارة تجتاح جسده...
يجب ان ترحل...كرر في رأسه حتى بدأت رؤيته تتلاشى وهي علامة عرف تماماً ماذا تعني...
- ارحلي عن هنا تشاستين!
صاح وهو يغمض عينيه ويهز رأسه كالمجنون ...:
- ماذا؟...كلا!
اجابته وقد بدا عليها الغضب:
- لقد كنت تتجاهلني منذ اشهر! افتح الباب الان مارسيل! لقد سمعت من والدي ماذا يجري بك ...دعني اطمئن عليك رجائاً...
- ستفعلين!
صاح ثم همس بيأس مجدداً:
- ستفعلين...
- دعني!
صاح صوت في رأسه وهو يحاول ان يتولى السيطره...
- تشاستين ارحلي من هنا سأراك قريباً حسنا؟
قال لها لعلها تستمع اليه وترحل قبل فوات الاوان...
- كلا ليس هذه المره!...
اجابت تشاستين وقد بدا على صوتها الحزن...هل كانت تبكي؟...
- لقد ابكيتها!
صرخ الصوت في رأسه بشدة حتى سد اذنيه من الصوت...
- اوه اصمت كأنك لم تفعل ذلك من قبل!
اجاب بعنف ليخرس من في رأسه:
- تشاستين...يجب ان ترحلي الان...سأتي لزيارتك قريباً.
- انت تكذب! افتح الباب الان!
اجابته بعصبيه فتنهد وهو يحتضن نفسه ويستند على الحائط بالقرب من المدفأه بعد ان شعر بقوته تتلاشى وبأنسلال وعيه...
- سأقطع لكِ وعداً...ارحلي الان...وسأتي لزيارتكِ ...هل...هذا جيد؟
سكتت تشاستين ولم تجب ...كانت تفكر فيما ستفعله تالياً... لقد علمت ان هناك خطباً ما به وارادت المساعده...لكنها لم ترغب ان تقف في طريقه...
تنهدت بدورها ثم استدارت لتترك المكان وهي تهمس :
- حسناً...
لكن سرعان ما سمعت صوت الباب يفتح بعنف وبظل يهبط على جسدها ...استدارت لترى مارسيل واقفاً امامها بجسده الهزيل وهو يرتدي السواد وعينيه حمراوتين من التعب والارهاق وقد حوطهما السواد ...
- م...مارسيل...
قالت بنفس منقطع، فبعد ان رأته اخيراً ...لا تعلم ماذا ستفعل
- تشاستينا...
قال بصوت هادئ مخيف مع لمحة سرخية بسيطه...
تشاستينا؟...لا احد يناديها بهذا الاسم الا...
وطئ خارج المنزل بخطى هادئة كالمفترس ولم يتوقف الا حين لامست خصلات شعره وجنتها ... بقي واقفاً في مكانه لثواني قليله ثم دفن انفه بلطف بين شعرها الفضي واستنشق عبيره بينما ضلت هي مسمرة في الارض:
- لقد اشتقت لهذا ...
همس وهو يغمض عينيه ثم ما لبث ان مرر يده فوق شعرها حتى هبطت لتستقر على رقبتها كما لو كانت تنتمي في هذا المكان وقال بينما داعب ابهامه فكها الاسفل...:
- كم هذا جميل حقاً...لقد جئت لرؤيتي فاتنتي؟
اومأت تشاستين ببطئ وعينيها تنظر في عينيه الزرقاوتين الناعستين...لقد شعرت بالفراشات في معدتها وبنبضات قلبها تتسارع من اجل الشخص الذي امامها ولقد علمت تماماً من هو، لم يكن من المفترض ان تملك احاسيس كهذه له...ليس له على الاقل بل لشخصه الاخر! لكن لم يكن باليد حيله...لم تنكر انها اشتاقت لهذا الوجه اكثر من الاخر...ولا يمكنها ان ترفض لمساته او حتى تنساها مهما حاولت...
- اي واحد منا؟...
سآلها وهو يطأطأ رأسه نحو اليمين:
- انا؟ ام هو؟...
بدت الغيرة في عينيه حتى قبل ان تنطق بحرف...لقد كان قلقاً وخائفاً من ان ترفض مشاعره وترغب بعودة نصفه الاخر...لكن كل ذلك تلاشى حين نطقت الاحرف الثلاثه الآتيه:
- انتَ...
همست له...
- م...ماذا...؟
قال متراجعاً ومندهشاً ...لم يصدق اذناه واراد ان تؤكد له ذلك...:
- أ...أنت...لقد جئت لرؤيتك...انت...
لم تلبث تشاستين من ان تنهي كلامها حتى شعرت به يمسك ذراعها بقسوة ويسحبها نحو المنزل ثم بعد ان وصلا قام بأغلاق الباب بعنف كبير ودفعها ناحيته لترتطم به والتصق بها ليضع قبلة قاسيه على شفتيها كادت ان تشعر بطعم الدماء فيها ولاول مرة لم تحاول ان تقاومه بل على العكس، وضعت يدها على قلبه النابض ببطئ لتشعره بوجودها بقربه وما ان بدأت تشعر بنقص الانفاس ابتعد عنها ووضع رأسه على كتفها ثم احتضن جسدها السغير بذراعيه الطويلتين...
- اعطني القوة...
همس وهو يدفن انفه في عنقها النحيل...:
- اعطني القوة لاستمر بالقتال من اجلكِ...اخبريني بأنكِ ستكونين هنا دائماً من اجلي...وانكِ لن ترحلين...اقطعي لي وعداً بذلك...
مررت تشاستين يدها برفق بين خصلات شعره وقالت بهمس:
- اعدك...لن اتركك لوحدك مجدداً...
- اكاد ان انتصر...اكاد ان انجح...
ردد بهمس ايضاً ويطمأنها...لقد كانت تشعر بالقلق من اجله وبالحزن من اجل مارسيل الاخر الذي لطالما حاول الانتصار بدوره والعيش بصورة طبيعية...بالتأكيد لقد اصيب بخيبة امل بعدما شاهد ما حدث الان...
- ابقِ معي...
طلب منها وهو يبتعد لينظر في عينيها...
- هلا فعلتي؟...
- بالطبع...
اجابته وهي تبتسم... فهي لا تعلم متى سيرحل او متى ستراه مجدداً...
وبالفعل بقيت تشاستين برفقة مارسيل الذي هدئ جنونه فجأة وداهمه التعب ليستسلم للنوم واضعاً رأسه فوق ساقيها كوسادة بينما لاعبت خصلات شعره...وشكرت القدر على هذه اللحظة المسالمة التي لم تمر بها من قبل برفقته...لكنها لم تكن تعلم ان الاسوء ما زال قادماً...
.
.
.
* في القصر*
احتضنت تشاستين نفسها بعد ان استفاقت من النوم، فبعد مجيء مارسيل الى القصر ، اصبحت تحلم بماضيهما معاً كل ليلة حتى اصبح النوم مصدر ضعف لها.
كانت تهرب منه في نهارها والان حتى في منامها...
تنهدت وهي تنهض من السرير ثم اتجهت الى الشرفة للحصول على بعض الهواء الطلق...
كان المنظر امامها حالك الظلمه، فشرفتها اطلت على جزء من الغابه والنهر، ولطالما رأت من خلالها ميكائيل مع زوجته يقومون بالنزهات الليليه التي غالباً ما كان يفعلها بمفرده...
لم تتمكن تشاستين من الشعور بالنسمات العليلة على بشرتها البارده وهي تغلق الباب الزجاجي وتلك كانت احد اللعنات التي اصابت مصاصي الدماء الا انها اغمضت عينيها وركزت على رقص خصلات شعرها بسبب الرياح، وبينما هي مستمتعه خطرت فكرة في بالها...
ماذا لو عادت الى قصرها؟ فميكائيل قد تزوج الان ولم يعد يعاني من الوحده، كما ان كريستن وكارل ومارك سيعودون في يوم ما الى قصورهم ايضاً...ماذا لو شدت الرحال قبلهم...بالتأكيد لن يمانع ميكائيل اذا علم بأسبابها ومقدار المها هنا...فهو الذي ارادها ان تبتعد عن افكارها المظلمه حين تكون لوحدها والان بعد ان ازدادت افكارها سوداوية هنا...لن يمسكها عن الرحيل بالتأكيد...
لكن سيحتاج قصرها الى التنظيف فهي لم تزره منذ اشهر طويله...لقد تركه الخدم بعد ان توفى اخر فرد من منزل عائلة كينغ وترك القصر لتشاستين وحدها...ربما كان ذلك هو ما يدعوه بسخرية القدر...فلقد كرهت القصر طوال حياتها ولم تتمنى الحصول عليه يوما، كان مليئاً بالذكريات المؤلمه عن والديها واختها ومارسيل بالاضافة الى القيود والعادات التي فرضت عليها داخل تلك الجدران، واخيراً نظرات عائلتها لها ...والدتها المرعوبه واختها التي حملت كل ملامح التقزز في وجهها ووجه والدها الغاضب...في ذلك اليوم الكئيب وكيف رموها في الشوارع دون ان يفكروا بالامر حتى...
مسحت تشاستين دمعة سقطت على خدها حين سمعت صوت آه خرجت من جانب الشرفه لتجفلها.
نظرت بسرعة الى مصدر الصوت ولم يكن هناك سوى مارسيل مما جعلها ترتعد من الهلع...
- ماذا تفعل هنا!
سألته بأرتباك ورعب ، فرفع حاجبه الايمن ساخراً واتكئ على الحائط بسلاسه ثم اخذ ينقر بأطراف اصابعه على الجدار ليصنع لحنا ...
-جئت لأراكِ بالطبع يا تشاستينا...
- لكني لا اريدك هنا! ارحل!
اجابته بصرامه فكان كل ما فعله هو الابتسامة والوقوف امامها وهو يطأطأ رأسه لليمين وقال:
- لكن ذلك ليس ما يقوله قلبكِ...
- نحن مصاصي دماء الان...لا يوجد لدينا قلوب اذ لم تلحظ ذلك.
اجابته وهي تتهرب من النظر في عينيه الحمراوتين المشعتين كعيني قط في الظلام...
- لكن حين كان لدينا...كان قلبكِ ملكاً لي ...
لم تتمكن تشاستين من انكار الامر وحاولت التهرب منه والعودة الى الوراء:
- ك...كيف وصلت الى هنا؟!
سألته وهي تنظر اسفل الشرفه فأجابها كما لو كان امراً بديهياً...:
- تسلقت بالطبع.
- لا يمكنك ان تتسلق الى اي شرفة ترغب بها هكذا!
صاحت به وهي تشعر بالغضب...:
- لكنكِ كنتِ تناديتي...لقد سمعتكِ ولم اتمكن من تجاهل الامر...ما الخطب؟ هل كنتِ تحلمين بي مجدداً؟
- مجدداً؟!
كيف علم بذلك؟ هل كانت تتحدث حقاً اثناء نومها ؟ هل كان يراقبها؟!
- هل ظننتِ بأني ساتركِ وشأنكِ بعد ان رأيتكِ امام عيناي؟
- اذهب الى الجحيم مارسيل!
قالت له بعصبيه ثم ادارت ضهرها له لتعود الى غرفتها وتغلق الشرفة الا انه امسك ذراعها بأنامله البارده ليجعلها تتوقف في مكانها:
- لقد ذهبت هناك، صدقيني ، لم يكن مكاناً لطيفاً...
اجابها بلمحة من السخرية ، لكنها شعرت بالخوف من لمسته الباردة ولم يكن امامها اي خيار سوى ان تقول وعينيها تمتلئان بالدموع:
- ماذا ستفعل؟...هل ستأذيني مجدداً؟
تنبه مارسيل الى قبضته ولما استشعر خوفها قطب حاجبيه وارخى يده لتفلت ذراعها بسهوله ومظهر الالم مرسوم على ملامحه...
في فترة ما في حياته كان احزانها كذنب يحاول دائماً تجنبه وها هو الشعور ذاته يعود اليه مجدداً...
- لم افعل اي شيء بعد...
قال وهو يخطو الى الخلف، فقطبت تشاستين حاجبيها واستدارت عليه وهي تسمح لدموعها بالانهمار جراء الحزن والغضب:
- وهل طعني بمقبض الباب لا يحتسب؟!
- لم اكن اقص...
- لكنك فعلت...
فجأة شعر مارسيل بضعف هذا الكائن الناعم الذي وقع تحت ناظريه...لقد اصبحت مصاصة دماء بالفعل وذلك ما يوحي به شحوبها واحمرار عينيها الا انها كانت لا تزال تشاستين الضعيفه التي لطالما احبها، التي لطالما اراد حمايتها وحفظها بين ذراعيه من العالم ...
اغمض مارسيل عينيه كما لو تذكر كل الغضب الذي امتلكه تجاه هذا الجسد الرقيق وحين عاد لفتحهما، اختفت كل الشفقة والحزن وعادت البرود والسخريه لتغمر نظراته مجدداً.
- وماذا اذ فعلت؟
سألها وهو يعود ليتقدم نحوها ويمرر يديه برفق على كتفيها ليتسبب لها بالقشعريرة...
- سأفعل المزيد والمزيد حتى ارضى...ذلك...ان رضيت..
ابتسم مجدداً مكشراً عن انيابه البيضاء ولوهله بدا كالوحش امامها ، وارعبها، بل هز كيانها من الخوف...كان مظهره يذكرها بشيء لطالما ارادت ان تنساه...
- انت...انت تخيفني...
قالت له وهي تغمض عينيها وتبعد وجهها عنه...
- هذا تماماً ما يجب ان تشعري به...
اجابها وهو يشعر بالنصر ويقترب من وجهها اكثر فتراجعت بعض الخطوات الى الخلف حين لمحته يقترب...
- انت لا تفهم...انت ترعبني...ابتعد ارجوك...
- لم قد سأفعل ذلك؟
- مارسيل!
وضعت يديها الصغيرتين على جانبي صدره لتدفعه نحو الخلف وتعود بدورها لكنها احست بهول خوفها يزداد حين شعرت بالجدار الزجاجي خلفها...كل شيء كان يذكرها بذلك اليوم...هذه الوقفه وهذا الضعف والخطر ذاته...
اغمضت تشاستين عينيها بقوة حتى كان كل ما رأته هوَ النقاط السوداء والبيضاء وبدأ جسدها الصغير بالأرتعاش كمن اصابه البرد.
لاحظ مارسيل ذلك وظن بأنها تحاول ان تتصنع الضعف لكنه تراجع حين انهمرت دموعها وغطت وجهها بيديها بينما جلست على الارض بعد ان خانتها ركبتيها وبدأت تتوسل به:
- لا تعضني...ارجوك...لا تؤذيني...لا تعضني... ليس مجدداً...
فتح مارسيل عينيه على اوسعهما وهو يرى الحال التي اصبحت عليه هذه الفتاة، حاول ان يمد يده ليلمس كتفها مرة اخرى ويرى ماذا يجري لكنها لمحتها وصفعتها بعيداً بينما ازدادت بالبكاء والانتحاب...
اصيب مارسيل بالاضطراب جراء ما حدث...
- ماذا تقصدين ...ليس مجدداً...؟
سألها وهو يرغب بالحصول على جواب لكنها احتضنت ركبتيها لتحمي نفسها منه ولو استطاعت الزحف عائدة نحو الغرفه لفعلت لكنها تذكر جيداً اغلاقها للشرفة حين خرجت...
- ابتعد عني!
صاحت به وهي تتذكر بأنها لوحدها الان...ميكائيل كان قد رحل عن القصر...ولن تجد من ينقذها...ليس اليوم...
-تشاستين!
زمجر مارسيل بها وهو يمسك كتفها مجدداً بعنف ويهزها بقوة:
- ماذا تقصدين بمجددا؟!
طرق باب غرفة تشاستين من خلف الاثنين وجاء صوت كريستن من خلفه:
- تشاستين؟ هل انتِ مستيقظه؟ لقد سمعت ضجة هل انتِ بخير؟
- كريستن!
همست تشاستين وهي تحاول التخلص من مارسيل والنهوض لفتح الشرفه:
- كريستن!
استنجدت به بصوت اعلى فقط لتجد نفسها ملتصقه بزجاج الباب :
- هذا مضحك حقاً...
قال لها وهو يثبت ذراعها خلف ضهرها:
- ممثلة بارعه...نادي عليه...هيا...قولي اسمه مجدداً...لربما يسمعك ويقتحم الغرفة ليجدك امامه بهذا المنظر.
توقفت تشاستين عن البكاء فجأة وفتحت عينيها وهي تنتبه لما حولها ...لقد كان محق...اذا دخل كريستن كان ليظن بأنها في وضع غير اخلاقي ولم ترغب هي بذلك، بالرغم من صداقتهما...
- تشاستين؟
نادى كريستن عليها مجدداً ، لكنها اغلقت فمها كما لو كانت خائفة من اصدار صوت وبعد مدة قليلة توقف الاخر عن طرق الباب ورحل.
- هل يعني لكِ الكثير؟
سألها مارسيل وهو يهمس في اذنها لكنها لم تجبه ايضاً...
- اجيبيني...هل يعني لكِ الكثير؟
سألها مجددا، وهو يشد على يدها من الخلف لتتألم فأومأت بسرعة لعله يتركها...
- هل تحبيه؟...
جفلت حين سمعت ما قال ...ارادت ان تجبه بنعم...ارادت ان تؤلم قلبه بالقدر الذي يؤلم جسدها لكنها شعرت بالقلق من اجل كريستن فهمست...:
- ليس كما تظن...
- هل يجعلكِ سعيدة؟
لم تتمكن تشاستين من الاجابه ليس وذراعها تكاد ان تخلع من مكانها...:
- سأعتبر هذا السكوت اجل...
- ان الامر ليس كما تظن...
همست له مجدداً بيأس...لقد شعرت بالتعب والارهاق وفكرت جدياً بالرحيل عن هنا وفي هذه اللحظة...
اقترب مارسيل اكثر من اذنها وقال من بين اسنانه:
- سأستمتع بسلب حياته امام عينيكِ يا تشاستينا...
جفلت الفتاة وحاولت ان تستدير لتواجهه لكنه احكم قبضته، علمت انه لا يملك فرصة امام كريستن الذي كان يعد من اقدم مصاصي الدماء بعد الملك لكنها خشيت على مارسيل، لم يكن كريستن من النوع الرحوم وكان قد توعد بالنيل منه سابقاً...
- لما لا ترحل عن هنا فحسب...
قالت له وهي تتكئ على الباب بأستسلام...
- لما لا ترحل عن هنا... لماذا عدت اساساً... كنت بحال افضل حين كنت ارثيك...لقد جعلتني اتمنى لو كنت قد مت ...
- بالطبع ستتمنين ذلك...خاصة بعد ان وجدتِ رجلا اخر...
اجابها بسخريته المعتادة...
- لطالما كنت انت فقط...
همست له كما لو لم ترغب له ان يسمع كلامها لكنه فعل فقطب حاجبيه وتراجع تاركاً ذراعها واخذاً دفئ جسده عن ضهرها ، استدارت ببطئ وهي تدلك يدها ورسغها فشاهدت نظرات الغضب والحقد على محياه:
- لن تنفعك هذه الاحاديث الكاذبه ولا تمثيليتك الصغيرة قبل قليل...
وجه لها اصبع اتهام ثم قال كتنين ينفث النار...:
- لا زلت ستدفعين ثمن انتظاري وحزني يا تشاستين!
وما لبث ان رمى بجسده النحيل من الشرفة نحو الارض دون خوف او تردد، لم تسمع الفتاة صوت هبوطه بل كل ما لاحظته هو كم حمل هذا اليوم ذكريات ولمحات من الماضي... وليست اي لمحات...تلك التي كانت اكثرها ايلاماً...
.
.
.
.
يتبع...

مشعوذة الجنرال ( مارسيل )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن