فّي كُلِ مَرةٍ أَغلِقُ عَينّاي...
أَجُدُ نَفّسيَ بجَنةٍ مُظلِمه...
لّا أَحَد يُمّكِنُ مُقّارَنَتَهُ بِكَ...
وَاشّعُـر بِخوْفٍ مِنْ أَنّ لّا تَكّونْ قَـدْ إِنتَظَرتَني عِنَد أَلجّٓانِبْ أَلّأخَر...
Dark paradise
.
.
.
- ماذا حدث؟!
قال كريستن بغضب وهو يسحب تشاستين من ذراعها ليخرجها من غرفة مارسيل.
كان قد وجد الاثنان عند عودته من الميناء في حديقة القصر احدهما مغطى بالدماء وتشاستين غارقة بدموعها.
- ل...لقد طعنته...
اجابت وهي تنظر الى الارض وتقاوم دموعها حتى لا تسقط.
- طعنته؟ هكذا دون سبب قرب الغابه وانت ترتدين هذا الدرع؟
خلصت تشاستين ذراعها بيأس من اصابعه وجلست تتكئ على جدار الغرفة خلفها ثم غطت وجهها بيديها اللاتي لا زالتا تحتويان على دماء مارسيل.
- كنت انوي الرحيل...
اجابت بهمس وهي تعلم بأنه سيسمعها...
- الى اين؟
سألها وهو يقطب حاجبيه:
- لمساعدة ميكائيل حتى يعود مبكراً...
سكت كريستن ولأول مرة شعر بالغضب من الفتاة التي جلست امامه وهي ملتفة بوشاح حزنها القديم:
- كنت سأخبرك...
همست له مجدداً وهي تبعد يديه لتنظر اليه بعينين مغروقتين بالدموع:
- كنت سأفعل لكنك لم تكن هنا...انتظرتك حتى ذقت ذرعاً...
- فهربتِ ليمسك بكِ هو؟!
استنتج كريستن ثم ضحك بعصبيه ومرر اصابعه خلال شعرت الفاحم:
- يجب ان اعترف يا تشاستين بأني لم اكن افضل ذلك الشخص على الاطلاق ولكن بعد هذه الليله انا ادين له بالاعتذار والشكر! لو انكِ انتظرتني لكنت قد اعلمتك بعودة ميكائيل بعد وصول الامدادات لأولمبوس!
تكورت تشاستين على نفسها واحتضنت ركبتيها الى صدرها بقوة كما لو ارادت ان تصبح اصغر حجماً وتختفي...
- انا...
قالت ليقاطعها صوت أمرأة كرهته كثيراً وتمنت ان تختنق وتموت لتصمت:
- هذا غير مقبول! غير مقبول على الاطلاق!
صاحت الليدي سيلينا وهي تخرج من غرفة مارسيل بعد ان اطمئنت عليه:
- كيف تسمح بحدوث امر بربري لهذه الدرجه في القصر!
قالت لكريستن ثم وجهت اصبع الاتهام ناحية الفتاة:
- وانتِ! بعد كل الالم الذي ذاقه بسببكِ! هذا لا يصدق!
-ليدي سيلينا، هذا يكفي رجاءاً.
قال كريستن وهو يقف امام تشاستين ليحميها من غضب هذه السيدة العارم.
- اعتقد بأننا شهدنا ما يكفي من الاثارة لهذه الليله لذا اقترح ان يعود الجميع الى غرفته حتى صباح الغد.
اكمل كريستن موجهاً كلامه للسيدة التي نظرت اليه بعدم تصديق:
- انا سأبقى!
قالت تشاستين وهي تمسك بطرف ردائه كما او تمسكت بخيوط امل بعيد:
- انا سأبقى، ارجوك كريستن.
- لم اكن لآقبل بأقل من ذلك.
اجابها وهو يربت على رأسها دون ان يبتسم ثم آمرها:
- اذهبي لتنظيف يديكِ وانزعي هذا الدرع ثم عودي. يحب ان تتحملي مسؤولية ما فعلتِ.
آنزلت تشاستين رأسها ثم نهضت لتسير بعيداً عن انظار سيلينا التي كادت ان تقتلها في اي لحظه. تبا كم كانت تمقتها وتمنت لو تختفي او ترحل دون عودة. كان كل كيانها يصرخ من شدة كرهها لهذه المرأة حتى انها رغبت بأقتلاع عينيها في كل مرة وقعتا عليها دون قصد...
هل كانت تلك هي ما يطلق عليها ب...الغيرة؟
ربما، لم تكن متأكده، لكنها علمت تماماً بأن وجودها الى جانب مارسيل لطالما كان غير مرحب به ...
غسلت تشاستين يديها بالماء الذي لم تشعر حتى بحرارته واخذت تفرك اصابعها بغضب وجنون كما لو ارادت التخلص من الدماء مهما كان الثمن، فكل قطرة منها ذكرتها بأنها هي السبب وراء ما جرى.
خلعت الدرع بعد ذلك وهي تشعر بثقله وهو يرفع عن جسدها الصغير ثم غيرت ثيابها لفستان نوم بلون الشجر وخرجت مسرعة بعد ان اسدلت شعرها الفضي المتألق فوق كتفيها كتاجٍ ملكي.
حين وصلت الى غرفة مارسيل ، لم يكن هناك اثر لتلك المرأة ولا حتى لكريستن، لقد حرص الاخر على التخلص منها بطريقة لا تقلل من احترامها وتقديرها.
فتحت تشاستين الباب ببطئ لانها كانت متأكدة بأن مصاص الدماء المصاب كان قد غط في نوم بعد ان داهمه الارهاق والاعياء وكانت محقه. وجدت مارسيل مستلقٍ على السرير واحدى يداه فوق معدته واسترخت الاخرى الى جانبه بينما كان وجهه مستديراً نحو الباب كما لو انتظر شخصاً ما.
تسلل شعره الخمري فوق جبهته وعينيه والتصقت بعض الخصل على وجهه بسبب قطرات العرق والحمى التي سببتها طعنة الفضة.
تقدمت تشاستين بحذر نحوه بعد ان اغلقت الباب وجلست الى الكرسي الذي كان بجانب السرير واسترخت على مقعدها حيث رفعت ساقيها لتضمهما الى صدرها واتكأت على ركبتيها وهي تنظر في وجهه...
لقد كان يبدو مسالماً للغايه، تماماً كمارسيل الذي عهدته مرة في الماضي...
استرجعت تشاستين ما حدث قبل ساعات واغمضت عينيها...
ماذا لو كان كاذباً وترجاها للبقاء فقط من اجل ان يستمر في تعذيبها اكثر فأكثر...ماذا لو لم يرغب قط بالحديث عن ما جرى...أسيستيقظ ليعود كما كان؟ حاقداً؟ شريراً؟ ويكرهها حتى الموت؟
لم تدرك تشاستين بأنها قد بدأت بالأنسياب الى النوم حين شعرت بأصابع ساخنه تلتمس كاحلها بلطف وحين فتحت عينيها مجدداً ، كان مارسيل قد ادار وجهه ناحية الجانب المعاكس ، لتركها تشعر بالوحدة والخوف من توقعاتها لوحدها...
نظرت الى النافذة لترى ان الشمس قد اشرقت بالفعل وقد قام احد الخدم بالدخول واسدال الستائر...
جفلت الفتاة بعد ان استدار مصاص الدماء ناحيتها لتقع عينيه الزرقاوتين على عينيها بنظرة لم تفهم فحواها في بادئ الأمر.
- كل شيء سار بشكلٍ خاطئ...
سمعته يهمس لها:
- لقد مر قرن بأكمله منذ ان بدأت البحث عنكِ...
اكمل وهو يبتسم بينما تراقصت اشباح ذكرياته امام عينيه:
- حتى بعد ان مرت السنين...لم لهمني الامر... لم اصدق لوهلة انكِ قد متِ...اردت ان اجدكِ بكل ما لدي من قوة...حتى لو كنتي قد اصبحتِ جدة تجلس على كرسيٍ خشبي هزاز ويحيط بها احفادها من جميع الجهات ...
شعرت تشاستين بالدفئ وهي تستمع لكلماته حتى انها ارخت دفاعاتها وانزلت قدميها على الارض لتقترب منه اكثر...:
- لكني لم ارسل...اي شيء...
اجابته وهي تهز رأسها نافيه فقال:
- ليس انتِ...بل الأب كينغ...
تجمدت تشاستين في مكانها واختفى الدفئ المريح الذي نعمت به قبل قليل...
- كل تلك السنين...قضيتها وانا احاول ان اثبت بأنه مخطئ...لقد اعتقدت بأنه رغب بتفريقنا ومنعي من رؤيتكِ...حتى اني راقبت القصر لكنكِ لم تكوني هناك...ثم سمعت عن زفاف احدى آنسات عائلة كينغ وظننت بأنكِ قد...قد...
تلكئ مارسيل وهو يتذكر حزنه الملضي وكم كان تعيسا حينها...
- ظننت بأني قد تزوجت...
اكملت تشاستين جملته ونظرت في عينيه...:
- آجل...
اجابها بحزن...
- لهذا السبب اردت ان اجدكِ ... بالرغم من غضبي...اردت ان ارى سعادتكِ بأم عيني ليتني اتمكن من المضي قدماً...لكن بعد قرن...ظهرتِ امامي كما لم تكبري يوماً...لابد لكِ ان تعرفي كيف شعرت حينها...
- كريستن قال كثورٍ هائج...
- انا فقط لا يمكنني تحمل سماع اسمه حتى...
قال لها وهو يبعد عينيه عنها بعد ان قطب حاجبيه...:
- كريستن...لقد كان هو من انقذني من والدي حين اصبحت مصاصة دماء...
قالت تشاستين بأبتسامة حزينه...:
- هو كأخٍ لي ان لم يكن أباً... لم اكن لأكون هنا اليوم لولاه هو وميكائيل...
- ماذا تقصدين بأنه انقذكِ؟
سأل مارسيل وهو مشوش، ثم قام برفع نفسه ليجلس بصعوبة ويتكئ على رأس السرير لينظر لها جيداً فما كان لها سوى ان تبعد عينيها عن عينيه المتسائلتين ثم قالت:
- كدت ان اتعرض للقتل...او قُتلت...بعد اشهر من رحيلك...كان موعد زفاف اختي قريباً لذا اراد لي والدي ان احضى بفستان ملائم وملون بأي لون عدا الاسود...
لقد شعر ان حزني مبالغاً به ...
ابتسمت دون ان تنظر اليه ثم اكملت:
- حين ذهبت الى السوق...
اتخذت انا ومدبرة المنزل طريقاً مختصراً في احد الازقة المظلمه...يمكنك ان تحزر ماذا جرى بعد ذلك...كان مشهداً يشبه تماماً القصص التي طالما تحذرنا منها المربيات...لكني كنت اكثر حظاً من اولئك الفتيات في تلك القصص...
كان ميكائيل موجوداً حينها ولسبب ما قرر ان ينقذني...ظننت بأني استطيع العودة الى حياتي السابقة...
هل تصدق ذلك؟
حين عدت الى المنزل...لم يتقبل والدي الامر جيداً...
- ماذا جرى؟
سألها وهو يطالع وجهها بقلق بالرغم من معرفته السابقه عن الحقيقة...كانت افعال القس سهلة التوقع، ولطالما عبر عن تشاؤمه من كائنات الليل وحرص على جعل فتياته يرتدون قلادات الحمايه ويوجههم على تلقي الحذر في حال خرجتا الى مكان ما...
- لا يمكن ان...
- لقد فعل...
دون ان يفكر مرتين حتى... ويمكنك ان تقول انه حصل على دعم الجميع حينها...
كريستن هو من انقذني...تماما مثل طفلة حديثة الولادة ، قام بالاعتناء بي وعلمني كل ما احتاجه، وانا ممتنة له كثيراً.
- تشاستين...
قال وملامح الحزن تعتري وجهه، لقد بدأ يدرك كم كان مخطئا وقاسياً معها...
- ماذا عنك؟
سألته وهي ترفع عينيها لتقابل عينيه، كانت ترغب بتغيير الموضوع، ففي جميع الصعاب التي واجهتها، لم تكن تحب نظرة الشفقة والحزن التي يرمقها بها كل من بعرف قصتها...
- لا شيء مقارنةً بحزنكِ...تبدو الان الذكريات كنسمات عابرة حين ادركت ما مررتِ به...
كيف كان لي ان اكون بهذه الانانية والقسوة؟
هلا سامحتني تشاستين؟ هل تعتقدين ان قلبكِ ...ذلك الذي كان وطناً لي في يوم من الايام ، هل سيسامحني؟ أيمكننا المحاولة مجدداً؟...
أنت تقرأ
مشعوذة الجنرال ( مارسيل )
Vampir****مكتملة**** مارسيل.. حبها الذي دفنته تحت انقاض ماضيها.. حدادها الذي استمر لمائة عام.. وحزنها الذي وشحها بالسواد منذ الازل... او هذا ما ظنت به.. حين يُبعث مارسيل مجدداً للحياة على هيئة الد اعدائها تجد تشاستين نفسها بأمس الحاجة للهروب منه وتبقى ممز...