... إِبّتَسِم!! ...

3.7K 201 13
                                    

.
.
.
.
*مملكة السحرة*
- إيفانوث...
قال الساحر الأعظم ويرلوك وهو يقف أمام ارض حدائق القلعة بعد أن أنهى جولته فيها:
- نعم أيها الساحر الأعظم.
أجاب معاون ويرلوك السوداوي الذي غطى وجهه حتى عينيه والتي لم تحتوي على اللون الابيض او اللمعان المعتاد في أعين الجميع.
- هل أعجبك ما شاهدت للتو؟..
سأل الملك بعينين كسولتين.
كان يبدو الاسترخاء على جميع من في المملكة بعد أن رحلت فجر عنها وتركت اهلها في سلام.
نظر إيفانوث إلى الشاب الذي وقف أمامه وطأطئ رأسه كالروبوت.
- جلالتك؟....
أشار ويرلوك فجأة إلى ناحية اليسار حيث تسلقت النباتات وكرمة العنب جدران القلعة بأهمال حتى لوثت بعض من المحاصيل الحائط.
- منظر ملوث.
قال ويرلوك ثم اشاح بأصبعه ناحية الشمال حيث قبعت بعض الورود بشكل غير منظم واللوان غير متناسقة.
- منظر ملوث..
ثم انتقل مرة أخرى إلى الطريق الذي سلكه منذ ثوانٍ مضت حيث اشتبكت الأشجار بأهمال حتى كادت أن تحجب الشمس عن طريق التنزه حول القلعة.
- منظر ملوث...
ثم اخيراً قطب حاجبيه بعصبية وحده وأشار إلى كومة الحشائش الضارة التي استلقت أمام بوابة القلعة الحديدية.
- منظر ملوث!!....
كان إيفانوث يتتبع اصبع سيده في كل مرة أشار بها إلى مكان ما..
- كيف سنستقبل ملكة مصاصي الدماء بقلعة تبدو كبيت للأشباح؟!
بدأ إيفانوث متراجعاً قليلاً لكنه شعر بأن من واجبه أن يسأل:
- ماذا تأمر يا جلالتك؟
- اذهب واقطف تلك الأزهار البشعة! ثم تلك الاعشاب القبيحة وبعد أن تنتهي قم بأزالة تلك الأشجار عن الطريق لعلي ألمح الشمس في الصباح يوما ما!!
- آه.....
لم يبدُ أن إيفانوث قد فهم ما يجري حتى أستدار ويرلوك واعاد الاشارة الى الأشجار وصاح والبرق يخرج من طرف اصبعه:
- ألأن!!!!!
قال ويرلوك، فهرع إيفانوث إلى الحديقة متعثراً بعبائته السوداء دون أن ينبس بكلمة.
كان الملك المتوج حديثاً قد سأم من أمر من في القلعة.  الجميع كان على حافة التمرد، خاصة أولئك اللذين لطالما كان ولائهم لأخته كإيفانوث ولورين....وعلى ذكر تلك الساحرة اللعوب، كانت قد نزلت للتو إلى أراضي الحديقة لتتجه نحو زميلها.
كان ويرلوك لا يشعر بالأطمئنان لهما ... ولكن ليفعلوا ما يريدوا أن يفعلوا، فمثلما تخلص من فجر واستطاع أن يرى من خلال خططها العقيمة،  سيفعل كذلك مع أولئك الاثنين.
بالرغم من شكوك الملك حول إيفانوث وعدم ثقته به ، الا ان المسكين اكتفى بظلمة روحه المعذبة وسيئة الحظ وأراد الابتعاد عن المشاكل قدر المستطاع.
- انت تقتل التربة وما فيها يا عزيزي.
قالت لورين وهي تتجه نحوه ببطئ مرسلة العديد من الذبذبات الكهربائية في جسده.
لقد احب تلك الهالة المظلمه التي احاطتها،  وسقط مغرماً بتلك الأرجل الطويلة التي كشفت عنها فساتين الشيفون الممزقة من الجوانب. كما تسللت السعادة إلى قلبه حين شاهدها تقترب منه ولاحظ كيف أن وجودها قد اغتصب ارواح النباتات من حولها حتى تركتها بالية خالية من أي نظارة بعد أن مرت بها.
- آوامر الساحر الأعظم....
أجابها وهو يقلع ما تبقى من حشائش ضارة....
- هل طلب ذلك منك؟
سألت لورين وهي تمرر يدها فوق بعض الأزهار التي تحولت إلى اللون البني خلال ثوان:
- آجل....
قال إيفانوث وهو يتنهد...:
- لنكن مع العهد الجديد ..اليس هذا ما قلته؟...
سألها فجأة:
- فجر لن تنفعنا....الم تكن هذه نصيحتك؟؟ ولكن ها قد رحلت فجر وبعد أن كنت نائبا لها أصبحت الآن  بستاني!!!
- انت تعلم بأنك غير مضطر لعمل كل هذا بنفسك أليس كذلك؟
قالت لورين وهي تضع يدها على خصرها النحيل بملل، فنظر إليها حبيبها بريبة:
- ماذا تعنين؟
-حسناً ، اعتقد ان آوامر الملك كانت لك لكي توجه البستاني .... لا ان تفعلها بنفسك...
- لكن..
قال إيفانوث ثم قاطع نفسه لينظر إلى يديه ويتذكر وجود فريق مكتمل من الكسالى اللذين يكسبون النقود فقط من أجل الجلوس والاسترخاء بسبب اهمال فجر للحديقة...
الآن كان واقفاً في منتصف الحديقة ، مغطً بالطين ومن حوله الاعشاب الميتة بينما من يجب أن يقوم بكل ذلك، يحتسي شراب الزنجبيل بالعسل ويجلس على كرسي هزاز!!!!!!
- إيفانوث؟
قالت لورين لتخرجه من أفكاره...
- إيفانوث إلى أين تذهب؟
سألته بعد أن شاهدته يتحرك نحو مسكن العاملين...
- لكي أجعل البستاني يدفع الثمن!
قال لها ثم عصف راحلاً بسرعة تاركها ورائه.
منذ مرور سنة تقريباً لم تكن لورين لتنظر إلى إيفانوث...ولكن بعد أن انقذها وتركت إعجابها المجنون بميكائيل،  تمكنت من رؤيته بشكل أوضح. بالرغم من جنونه وبطئ تسلسل أفكاره الا انه احبها  على الرغم من مواكبتها لفجر ، حتى أنه ذهب إلى الانضمام إلى جانب الملكة الراحلة من أجل حمايتها من نفسها ومن الأخطار التي قد تقع بها بسبب عدم حذرها.....
ابتسمت لورين وعادت مجدداً إلى القلعة، كان الأمر يسير على ما يرام، لولا مجيء تلك الفتاة التي سرقت ميكائيل من بين يدي الفتيات والسيدات....يا ترى من هي، وكيف فعلت ذلك؟ كان هذا كل ما يجول في رأس لورين، أفكار وفضول لكي تشفي تعطشها لمعرفة السبب.
.
.
.
.
*عند ميناء مملكة مصاصي الدماء *
كان مارسيل وميراج وتشاستين وفرقة الحرس الملكي قد استقلوا عبارة لإكمال رحلتهم شرقاً ، ليس لأن الطريق البري طويل فحسب، بل إن الملك خاف على زوجته وابنهما من الفخاخ والمؤامرات.
- اوه، تباً...
كان كل ما قالته تشاستين حين شاهدت العبارة الملكية شاخصة في البحر بعظمتها وهيكلها الضخم وتذكرت حين ركبت البحر اول مرة بقارب خشبي برفقة مارسيل واكتشفت بأنها تعاني من دوار بحرٍ حاد...
- سأعتني بكِ يا تشاستينا....
همس صوت في أذنها بعد أن تسللت يده حول خصرها بلطف..:
-تماما كالأيام الخوالي..
كانت ابتسامة السخرية تطفو على وجهه وهو ينظر إلى اليابسة تبتعد عنهم شيئا فشيئا.
- أنا لست مثل السابق.
إجابته وهي تحاول أن تتجاهل شعور الدغدغة المزعج الذي هاجم معدتها:
- كما اني هنا للأعتناء بميراج، لذا أن سمحت لي، سأراك لاحقاً.
أبعدت يده بعد أن استأذنت وطارت بعيدا إلى داخل العبارة ونحو غرفة الملكة، لكن ليس قبل أن تزور الحمام اولا لتفرغ وجبة الغداء وتريح نفسها.
ما ازعجها كثيراً، انها تركت جميع خصالها البشرية حين تحولت إلى ما هي عليه، الا دوار البحر، أصبح أسوء من ذي قبل، فبعد أن كانت تتقيء الطعام، أصبحت الآن تطرد ما تشربه من الدماء. وما خلفته، لم يكن منظرا يسر الناظرين اطلاقاً!
قامت تشاستين بغسل وجهها والاستلقاء قليلا في غرفتها ثم توجهت نحو غرفة ميراج التي كانت على ما يبدو مغلقه...
حاولت أن تطرق وتطرق دون جدوى ثم أدارت مقبض الباب ولكنه لم يفتح، نادت عليها دون أن تحصل على الاجابة، وهنا أصابها القلق والدوار مجدداً، لقد أقسمت لنفسها بأن ميراج قالت إنها ستكون داخل حجرتها طوال فترة السفر وأنها لن تغادره لأي سبب قط...
ماذا جرى؟ عل يمكن أن يكون المتمردين قد نصبوا لهم فخاً هنا وقاموا بأخذ الملكة؟....
في تلك اللحظه سمعت تشاستين صوت مارسيل وهو يتحدث بالقرب من سطح العبارة ولمحت بصعوبة كلمة "جلالتك".
يبدو بأن مارسيل كان قد استولى على مهمته وأصبح مفيدا لأول مره، وبما أنه يقضي الوقت مع الملكة فربما ستحضى تشاستين بالقليل من الراحة حتى تستقر معدتها المريضة.
- لقد فكرت بعرضك.
جاء صوت ميراج خفيفاً بعد أن استدارت تشاستين لتعود إلى غرفتها لكنها توقفت حالما سمعتها.
عرض؟ اي عرض يا ترى قد يجمع بين مارسيل وميراج؟؟
- لقد بدوت صادقاً.
استمرت ميراج:
- ولا تحمل نية سوء تجاهي. انا ممتنة حقا ً، لكني اعتقد بأني سأحتفظ به لبعض الوقت، لقد بدأت معاناتي منذ أن وطأت المملكة لأول مرة، لا ضير في أن اتحمل المزيد قليلاً...
- هذا مؤسفٌ حقاً.
أجابها مارسيل بسخرية واضحة ثم قال:
- كنت أنوي العودة إلى المنزل مبكراً.
- اعتقد بأننا سنبقى بعيدين لبعض الوقت...
سكت الاثنان ولم يكن هناك سوى صوت الأمواج يطرق الاذنين، حتى قرر مارسيل أن يكسر حاجز الصمت وقال:
- اذاً، بماذا تنصحين لتمضية الوقت خلال هذه الفترة؟
فكرت ميراج قليلاً ثم اجابت:
- يمكنك أن تجرب شيئاً جديداً، فمثلاً، إبتسم! انت لا تفعل ذلك كثيراً.
قطب مارسيل حاجبيه، أنه يبتسم، حسناً حين يرغب بذلك، ربما ليس كثيرا لكنه يفعل. لو كانت تشاستين إلى جانبه لأكدت ذلك.
ولكن تشاستين هزت رأسها مؤكدة كلام ميراج وهي تقف من بعيد وتشاهد الاثنين يتوادعا ويعودا إلى مهجعيهما.
كانت الفتاة تشعر بالسعادة حقا من أجل هذا التطور الملحوظ بين ميراج ومارسيل ولكنها لم تتمكن من تجاهل ما قالته الملكة عن عرض الآخر، يا ترى ماذا كان لديه ليقدمه إلى ميراج ويعود بهم إلى المنزل بهذه السرعة، ومتى تحدث الاثنان بهذا الآمر؟
- تشاستين.
قالت ميراج وهي تلحظ وجودها بالقرب من باب غرفتها.
- أتيت لأطمئن عليكِ وارى إن كنتِ بحاجة لشيء ما.
- كلا عزيزتي، سأرتاح قليلا،  فأنا متعبة للغاية. لقد كاد النهار أن يقتلني.
ابتسمت تشاستين وربتت على ذراعها بلطف.
- حسنا إذاً، سأراكِ هذه الليلة.
- اراكِ لاحقا.
أجابت ميراج ثم دخلت إلى غرفتها لتبحث عن الراحة وقسط من النوم لعلها تتخلص من شعور الألم الذي يسيطر على قلبها.
عادت تشاستين إلى غرفتها بعد ذلك وما أن فتحت الباب حتى تفاجأت بوجود شخص ما مستلقٍ على سريرها، كادت أن تنقض عليه لولا تلك السترة السوداء المخملية ذات الذيل الطويل.
- أتسائل في بعض الأحيان يا تشاستينا..
قال مارسيل وهو يستدير ليواجه حبيبته الواقفه عند الباب.
- هل انتِ قطة؟ أعني، لديك خطوات رشيقة لا يمكن حتى لمصاص دماء أن يكتشفها الا بعد أن يصب كل تركيزه على ذلك، كما انكِ مستعدة للهجوم في اي وقت.

مشعوذة الجنرال ( مارسيل )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن