الاقتباس:<<< يُولَدُ الأَطْفَالُ يَبْكُونْ...وَ مَازَالَ كَالأَطْفاَلْ فِي صِفَاتِهْ...رَجُلٌ هُوَ مَجْنُونْ...فِي بُكَائِهْ عَلَى فُرَاقْ فَتَاتِهْ...رَجُلٌ هُوَ وَ أُنْثَى هِيَ...يُتْقِنَانِ الجُنُونْ...هِي أُنُوثَتُهَا طَاغِيَة وَ هُوَ رُجُولَتُهُ قَاتِلَةْ...فَأَهْلاً
بِالهَلاَكْ المَحْتُومْ >>>
..........................................بين يديه هاوية بعينين مغمضتين و نفس شبه مقطوع، خفيفة يكاد لا يشعر بها سوى من برودتها.
و كأن أحدهم طعنه بخنجر من وراء ظهره، نسي كل شيئ و هو يحاول الإمساك بها قبل أن ترتطم بالأرض.
...ابي...كانت آخر كلمة خرجت من شفاهها قبل أن تغيب عنه. تشبث بها أكثر ينظر إلى جدها و الآخرين، ثم يعود ببصره إلى ذلك الرجل الذي وقف على رأسه اكثر من مرة و هو غائب عن العالم.
نار هوجاء في صدره من هول ما شهده اليوم، و من ما بين يديه، انتشل نفسه من صدمة والدها ليرفع رأسه و يصرخ بكل ما آتاه من قوة.
" طبيب!!!...اريد طبيب الآن!!! ".كسر صوته جمود هازار الذي كان عالق من صدمته و ضباب صحوته، ليتقدم بسرعة نحو ذلك الرجل الذي يحتضن ابنته على الأرض. سيقانه تؤلمه و رقبته متشنجة لكن كل همه هو الوصول إليها.
و ما كاد أن يفعل حتى نهض الرجل بها يتوجه نحو إحدى الغرف تاركا ورائه غباره و شبح شعرها المتطاير.
مد يده ليمسكها لكنها اختفت، لتتخدر ذراعه في تلك الوضعية يصاحب لها ألم كاد يسقطه أرضه. لكن يدين التفت حول جذعه تسنده بينما هو ممسك لذراعه التي ستقتلع من الألم.
"ه...هزار ابني! " .
التفت هزار على صوت والده الخالي من النفس ليجد نفسه بين يديه، فلم يهتم لضعف قدميه في حمله و لا لألم ذراعه، لينتزع نفسه عنه. نافض ذراعه الأخرى كي يضع بينهما مسافة." هز..." حاول نصوح الإمساك بابنه المهتز لكنه لم يسمح له و مد يده ينفضها مجددا ليبعده عنه.
" لا تقترب! " صاح به رغم المخالب التي غرزت في حلقه تمنعه من التحدث أو حتى التفكير بالأمر.
" لا تقترب مني يا أبي!...فقط لا تفعل! ".
انكسر وجه نصوح و الدموع اخذت من وجنته شلال " هزار؟ ".
ولى بظهره عن والده يتجه نحو الغرفة التي سحبت ابنته إليها، لتلتوى قدمه أثناء ذلك. و بدل من أن يمسح وجهه بالأرض أمسكت به يدين مجددا. التفت مستعد الصراخ على والده لكنه كان وجها لوجه مع ازاد.
" عمي...اسمح لي ارجوك " ترجاه ازاد بصوت مبحوح، ليضغط باصابعه على اكتافه.
أومئ له ببطء يرفعه من الأرض، فيشير إلى غرفتها.
" لنأخذك إلى غرفتك يا عمي. يجب أن يراك طبيب لقد استيقظت من...من...غي...".
تلعثم ازاد في آخر كلمة غير مصدق لما يحدث معه، و لا شيئ له معنى في هذه اللحظة، بينما كل شيئ و كل حقيقة تلقى في وجهه بدون توقف أو رحمة.
هز هزار رأسه نافيا يجر نفسه إلى غرفتها، ليوقفه ازاد مغلوب عليه " حسنا. حسنا سندخل ".قلبه سيخرج من مكانه و هو يحاول ايقاضها، يضع أصابعه تحت أنفها كل ثانيتين يتأكد من أنها تتنفس.
لا يعرف كم مرة صرخ لحضور طبيب، لكن التهاب حلقه يقول كثيرا.
حاول نزع شعرها من وجهها لكن جزء منه كان ملتصقا بجبهتها بسبب الدماء التي جفت.
بحث حوله ليجد نصف كأس ماء موضوع على المنضدة بجانبها، قام و بدون تفكير بنزع سترته و اغداق كمه في الكأس ثم وضعه على جبهتها.
انتظر لثواني حتى يتتبلل الجرح ثم قام بنزع شعرها خصلة خصلة منه. ليترائى له ذلك الجرح الشبه هلالي الذي شق من جبهتها و خط شعرها. ليس كبير و لكن يبدو أنه عميق و يحتاج إلى تقطيب.
" اللعنة عليه!! " صرخ مجددا متسبب في سقوط الكأس دون انتباه منه.
مسح على وجهه بيد مرتعشة مقرر اغاضة نظره عنها. ثم امسك بكم سترته يمسح بقايا الدم مجددا.
يحاول عدم لمس الجرح بقدر المستطاع، لكن النظر إليها و إلى بشرتها البيضاء ملطخة بالدم تزرع به شعور يهز اساريره، تبدو مثل الأموات. بقع صغيرة منتشرة على جفونها و أنفها.
فكر في نفسه، بلونها الشاحب و جمودها مع اللون الأحمر...ميتة...هز رأسه بعنف يحاول إخراج الفكرة من رأسه.
" أنت بخير!!...هل تسمعينني؟...انت بخير!!.
ستستيقظين الآن...الآن!! ".
صرخ عليها و لكنه كان يبدو و كأنه يحاول إقناع نفسه اكثر. شد على قبضته بقوة يضرب المنضدة و يصرخ
" فرات!!! أين الطبيب اللعين؟!! "
و في تلك اللحظة سمع صوت أعلى من صوت أنفاسه المهتاجة و قلبه الشبيه بالطبل.
" أنا هنا سيد ميران!...لقد جئت! ".
التفت ورائه يجد نفس الطبيب الذي أشرف عليها مسبقا، ليمسكه من مئزره يسحبه نحو وجهه الذي اشتعل بنار اوقدت من قعر بركان.
" اسمعني أيها الاحمق!! " تنفس ميران في وجه الطبيب المنكمش، مشير إلى ريان بإصبعه.
" حياة المرأة التي على السرير أهم من اي شيئ آخر!..هل تسمعني؟ " سحب الرجل نحوه مجددا راغب في الحصول على إجابة منه. ليقوم الرجل بهز رأسه كاللعبة " ما تعلمته في حياتك بالجامعة ستنفذه، كي تكون هي بخير...و إلا! ".
رفع الطبيب يديه المرتعشتين لأعلى " ا...اعرف...
و لله أعرف!!!...لا تقلق ستكون بخير...اقسم
بحياتي!! ".
افلته ميران للحظة لكنه أعاد سحبه إليه مجددا يثبت عينيه المرتجفتين به و يهمس كالمتوعد بقبض روحه " قسمك لا يعني لي شيئ!! اسحب روحك بنفسي من محجريك إن حدث لها شيئ! ".
بلع الطبيب الذي كاد يغمى عليه ريقه بصعوبة، يومئ له ثم يعيد ترتيب مئزره الذي انكمش تحت أصابع الرجل المتوحش. فيتقدم نحو ريان.
أنت تقرأ
أسيرها
Romanceحجر لا يلين...جبل لا يتحرك...دم لا يختلط...و لا شروق من الغرب. إلا باثنين: معجزته و قيامتها. هي كانت معجزته و خلاصه...و هو كان قيامتها و هلاكها. رجل عاش حياته كلها يتنفس الغضب و الكره...لصبح جزءا لا يتجزأ من الظلام...أدار ظهره عن الرحمة. فتاة تعذبت...