Chapter Two

37 8 33
                                    

لو وضع أحدكم نفسه مكاني.. كيف سيكون ردّ فعلك على تحولك لامرأة نتيجةً لحادث سير فقط!! وفوق هذا.. كنت شابًا يمتاز بضخامة جسده ووسامته رغم صغر سنه فكيف سأتعايش مع هذه اللعنة؟ وكيف حدث ذلك اصلًا!! الأمر اشبه باجراء جراحة تجميلية لتغيير الجنس، وهذا ما أمقته تمامًا.

ملامحي انقلبت بالكامل وكأنني رأيت شبحًا ما جعل علامات الاستفهام تتقافز على رأس الشاب الأبله الذي يجلس بجانبي فبادر بإمساك يدي بيديه الدافئتين على عكس خاصتي.

-أعلم ما مررتِ به جيدًا مادي، انا بجانبك هنا لا تقلقي لكن أخبريني.. أتعرفين من أكون؟

اللعنة على من تكون ألا ترى في أي مصيبة وقعتُ انا! لِمَ أصبح الجميع اغبياء ويرغبون باستفزازي؟

تلمستُ جسدي بيدي الأخرى لأتأكد من حقيقة ما صرتُ عليه وكان واقعًا للأسف.. والاسوء من ذلك لا يمكنني إخبار أحد بالأمر، من يعلم ما قد يفعلون بي حينها؟

إخترت التصرف بشكل طبيعي كي لا يُكتشف أمري ، المسكين لم تعد عيناه لحالتها الطبيعية فقد استمرت بالاتساع من تصرفاتي، آسف يا عينيه فصدمتكِ ليست أشدّ من خاصتي

-لا أذكر الكثير لكن اريد ان اعرف.. أخبرني بما قاله لك الطبيب عند الباب؟ كيف حال إصابتي؟

ارتسم الحزن على ملامحه من سؤالي، هل يعرف الحقيقة!؟

-ماديسون، لم يستطع الطبيب إخبارك أنت او والديكِ بالأمر لذا اختارني انا لهذه المهمة كوني ابن عمكِ المقرب ، أليكسندر، يمكنكِ مناداتي أليكس .. اصغي إليّ جيدًا ولا ترتعبي مما سأقوله، وعد؟

أومأت بعيني أن نعم رغم غضبي من مقدمته السخيفة.. فاستأنف قائلًا

-لقد نجوتِ من حادث اصطدام شاحنة بسيارتك ودراجة، والثلاثة كنتم تقودون بسرعة بالغة حيث من المفترض أن يموت جميعكم.. لكنكِ الوحيدة التي نجوتِ من بينهم وكانت مواجهتكِ للموت صادمة لكل الأطباء في هذهِ المشفى.

مهلًا، أيقصدني حين قال بأن سائق الدراجة قد مات في الحادث؟! ما الذي يعنيه هذا؟ هل أنا ميت أم حي بحق الجحيم!! لم اتمكن من قول شيء قبل أن يكمل كلامه

-لكن الخبر السيء ليس هنا (نظر إلى قدميّ بحسرة وأكمل كلامه) كان عليكِ دفع الثمن غاليًا لبقائك حية.

-أي ثمن؟

أردف بهدوء مراقبًا ملامحي بحذر

-بالاضافة لفقدان ذاكرتك نتيجة صدمة الحادث، بلغت إصابتك النخاع الشوكي وأدّى ذلك لشلل أطرافكِ السفلى..

هل بقيت كارثة لم تحل بي بعد؟ أودّ الصراخ بشدة، من كان مكاني سيتمنى الموت بدلًا من هذه المأساة التي وقعت بها، ماذا ينبغي لشخص في موقفي أن يفعل؟

أشعر بضياعٍ لا متناهٍ امتثل بهيئة عبراتٍ انسكبت دموعًا على حظي العاثر، الغصة في حنجرتي تكاد تخنقني ولم يجدِ معها محاولاتي لأخذ نفسٍ عميق

لا معنى لحياتي الجديدة هذه، يبدو واقعي مشلولًا كقدميّ اللتان لا استطيع تحريكهما والهرب نحو الموت الذي كان محتمًا عليّ، نازعت روحي هذا الجسد الذي لم ولن يكون دار عودتها فانقبضت انفاسي أكثر وابيّضت عينيّ بشكل مرعب كالجثث، وصرير غريب كاد ينخر قناتي السمعية، شعرت بخلايا رأسي تنفجر واحدة تلو الأخرى لشدّة الصداع الذي انتابني ولم يكن ذلك كافيًا بل سيطر الألم على انحاء جسدي بالكامل حتى اطرافي التي من غير المفترض أن اشعر بها، أتعلمون ماهو الجزء الاسوء؟ أنّي ومع كل ذلك لم استطع الصراخ او تحريك جزء مني،
وفجأة تمّ سحبي حيث وجدت نفسي مكان الحادث.

امتلأت انفاسي برائحة الدم والدخان المتطاير من المركبات التي تصادمت، وقع نظري على جسدي المشوّه الذي يطوف على بركة من دمائه في منتصف الطريق، أشحت بنظري عنه حيث لم استطع مواصلة التحديق به لتقع عيني على رجلٍ شاب يرتجل من الشاحنة التي اصطدمتُ بها، توجهت نظراته الساخرة بالانتصار ناحية السيارة التي كانت بداخلها ماديسون..

صحوتُ من هذا الكابوس المزعج الذي قلّص عمري خمسون عامًا لبشاعته، ومع أنني عشت ذلك كله خلال ثوانٍ فقط إلا أن والدة ماديسون التي كانت بجانبي أخبرتني بأنني صحوت من غيبوبة دامت ليومين بعد نوبة الصرع التي انتابتني فأسرعَت لتنادي الطبيب لكني طلبت منها بإصرار أن يتركوني وشأني حتى اطلب مجيئهم بنفسي.

بقيتُ بعدها أحدق في السقف ممعنًا التفكير بكل ماحدث معي، ماديسون تعرضّت للقتل دون أن يشهد أحد على ذلك سواي ولهذا أنا ميت الآن..
لِمَ عليها أن تعيش بدلًا مني؟ وتضعني في هذا السجن المعاق الذي يجعل من الصعب عليّ حتى التفكير بالانتقام.

Swevenحيث تعيش القصص. اكتشف الآن