جميعنا نمقت ذلك الشعور بالضياع حين يخفي عنا شخصنا المقرب ما يمر به من صراعات، سواء كانت مسألة ثقة او حماية لمن نحب.. تظل فظاعة تغيره على حين غرة تشيد جدرانًا من الريبة ممزقةً كل الروابط التي جاهد الاثنان لبنائها طوال عمر علاقتهما التي ستغدو بائسة بعد كل ذلك..
ها انا في مواجهة إحدى حروب مادي مع أقرب الناس لها بسبب الأسرار التي اخفيتها، ظننت اليكس غبيًا او متجاهلًا لكني كنت مخطئًا بالكامل.. لِمَ لم افكر بالاستعداد لمثل هذه اللحظة؟ قبضت يدي وحدقت في عينيه محاولًا الثبات والتمسك بسرّي
- وكأنك ستفهم لو أخبرتك!
-فسّري لي إذن!
-ماذا إن لم أفعل؟
- أتظنين نفسكِ في موقف يسمح بمواجهتهم على هذا الكرسي وزعمك بفقدان الذاكرة؟
-انا لا أواجه احدًا إنما اريد الاستقرار فحسب، كما لا ادّعي فقدان الذاكرة!
-يمكنكِ خداع الجميع سواي.
- لا احاول خداع ايٍّ منكم، كل ما افعله هو محاولة حل مشكلتي بنفسي اين الجرم في ذلك؟
علا صوته بغضب: ما أنا بتاركٍ إياك خلفي ايتها الغبية!! قضينا حياتنا بأكملها كشخص واحد وتظنين أن بإمكاني التخلي عنكِ الآن.. مجنونة حمقاء وخرقاء أيضًا.
أصغيت إليه في صمتٍ حتى أنهى شتائمه فأجبته: لقد فقدتَ عقلك حتمًا.. عدتُ من الموت وانا لا أذكر اسمك حتى فكيف تتوقع مني أن اقدّر اهمية علاقة لا اعرف عنها شيئًا؟
-أوقفي هذه التمثيلية التي سئمت م...
لم يكمل كلامه فقد بلغ صبري حده من الإلحاح وصرخت به: هل أنت أعمى؟ لو كنت تعرف ماديسون حقًا لعلمت أني لم أكن هي منذ البداية!!
إرتسمت أمارات الدهشة على كامل ملامحه فنطق متلبكًا: ما.. الذي تقولينه؟
- أبله، ماتت مادي في الحادث وما جسدها سوى مضيف لروحي التي أبَت الرحيل..
أجاب بعبوس وعدم استيعاب : هل انتِ توأمها؟
إن كان ما هناك اسرع من الضوء فهو دقّات قلبي في تلك الاثناء، ما أنا بقائله بالضبط؟ أشعر وكأني أبلغه بموت أحدهم في سياق طُرفة.. ولا ألومه فمن سيصدق هذا الهراء؟ بذات نفسي لا أصدق ما أعايشه!
-يا إلهي.. أخبرتك منذ البداية بأنك لن تفهم.
جلس جاثمًا على ركبتيه أمامي، أمسكت يده المرتعشة يدي وقد مزق الخوف نبرته
- لا أعلم ما الذي مررتِ به حتى قلتِ ماقلته لكني سأكون معكِ حتى في هذه المزحة، حسنًا؟
لو كنتُ مادي لنظرت إليه بأسى الآن، لكن نظرتي الباردة وغّلت القلق في رأسه أكثر
- عدّها ماتشاء لكني أسقطت اعباءً كبيرةً عن كاهلي، أولها وجدت شخصًا لأثق به وآخرها بأني لن اضطر للتمثيل بعد الآن.. بالمناسبة أُدعى آيدن وِينر -سحبتُ يدي منه اثناء الكلام- وانا في السابعة عشر من عمري، عليكَ مواصلة مناداتي بمادي حتى لا نكشف سرّنا فلا يعلم عنه أحد حتى والدي ماركس.. وأخيرًا هدفي هو الانتقام من قاتلنا والسعي نحو هدف ماديسون الذي ماتت بسببه مستخدمًا خبرتي في البرمجيات، لذا عليك بإخباري اولًا عن سبب مقابلاتك مع فرانك؟
-أي فرانك؟
أجاب بلا تعبيرٍ كمن فقد تركيزه على الرغم من أنه لم يكن كذلك.. أوشكت على توبيخه لكنه تدارك الأمر..
- لا علاقة تجمعنا.. قابلته لمرة واحدة طالبًا منه أن يحسن معاملتك في محنتك هذه لا أكثر.
-ماذا عن كارلا؟ لقد تلقت رسالة منه قبل ايام.
عكف حاجبيه باستغراب
-لم اعلم انهما على تواصل! لكن ما مشكلتكِ معه؟
-مشكلتي؟ أنا اتحدث عن قاتلي!!
نظر إلي بصدمة فأكملت كلامي قبل أن تخرج عيناه المتسعتين من محجريها، فوصفت له ما حدث ساعة الحادث
وكان رده: بالحديث عن الأمر، لقد انتحر سائق الشاحنة كي لا يضطر للاعتراف بمن دفعه لفعلها وبلا شكٍ فإن من خلف ذلك ليس بشخصٍ عادي، منصبه أعلى من فرانك حتى.-أتظن أن بإمكاننا التعامل معهم؟ أعني بعد ماحصل لمادي..
توقفتُ عن الكلام فور رؤيتي لملامحه المظلمة وهو يستقيم من مكانه مقتربًا مني، وضع يده على كتفي وتحدث بأكثر نبرة جدية سمعتها منه
- لا يهمني، كل ما أرغب به هو الثأر ممن أوصلكِ إلى هذه الحال وتحقيق ..
قاطع كلامه اقتحام الحرس الاربعة ذوي البدلات السوداء موجهين اسلحتهم الرشاشة نحونا وعلى رأسهم السيد جورج لانكفورد، والد ماديسون.
أنت تقرأ
Sweven
Mystery / Thrillerإن كانت حياتي حلمًا مظلمًا، فما حياة الآخرين سوى قعر الجحيم .. * كل ما يذكر في هذه الرواية من معلومات هي واقعية وعلمية، عدا فكرة انتقال الارواح