Chapter Eight

34 7 30
                                    

ذلك الصباح المعتاد الذي نمقته جميعًا
يدخل والدي إلى غرفتي مثيرًا الضجيج بإضاءة الغرفة ومطالبتي بالنهوض مرارًا وتكرارًا مقابل وعودي الكاذبة بين أمهلني وحاضر لإسكاته، يليه أخي الذي لا يروق له سوى ملابسي لارتدائها والقضاء على زجاجات العطر خاصتي، كنت اتجرع كل شيء بصمت متمسكًا بلحظات نومي الأخيرة دافنًا رأسي تحت الوسادة..
لكن جملة واحدة فقط "آيدن سأستعير دراجتك اليوم أيضًا" تجعلني أنتفض من فراشي كالكلب لأجدني معهم على طاولة الطعام بعدها، بشعري الذي هبّت عليه العاصفة و زي المدرسة الرسمي الذي لم أفلح في ارتدائه بعينين ناعستين كادت تغفو على الطاولة فيوقظها تذمر أبي على سهري لساعات متأخرة يقابله دفاع والدتي عني وقد وضعت صحن افطاري أمامي، وتنمر أخي الكبير على ذوقي المبتذل في اشيائي التي سرقها هو بالفعل.

قاطع ذلك كله صوت الحادث في الخارج ليهرع الجميع مسرعين على أقدام فضولهم، إلا أنا..
لم استطع الخروج معهم، فقد أخذ نزيف جراحي مايكفي ليبقيني في مكاني هذا..
للأبد..

لم يكن ذلك الكابوس أشد رعبًا من واقعي، بل هل كان مرعبًا أساسًا؟
فقط جعل النهوض من سريري أصعب من أيامي الفائتة التي كنت أشعر فيها بحاجة لطاقة كبيرة كي أواجه بها العالم.. اللعنة على هذهِ الديسانيا.

وقع نظري على شظايا الليل المتناثرة على الارض، كدت أنسى فعلتي.. إذن هذا ما يفسر خفة رأسي اليوم، أشعر بالحرية!

ماهي إلا دقائق قبل مجيء كارلا لتنمق قصة شعري بعد أخذي حمامًا صباحيًا بأمرٍ منها، وضعَت مملس الشعر على الطاولة فور انتهائها وقامت بتدوير مقعدي ناحية المرآة، قبّلت خدي بحماس وضحِكَت قائلة: يعزّ علي الإعتراف ولكنكِ مثيرة بتسريحة البيكسي هذه.

نظرتُ للمرآة بلا مبالاة ثم لكارلا

-أين اليكس؟ من الغريب ألا يقتحم غرفتي حتى هذا الوقت.

- بل الغريب أن تسألي عنه أنتِ، يبدو أنك متشوقة لغضبه على فقدان شعركِ الطويل..

انخفضت نبرتها تدريجيًا لسماع صوت اشعار رسالة على هاتفها الذي أمامي وظهور اسم فرانك عليها، أغلقَته بسرعة ونظرت إلي بابتسامة إلتمست توترها خلالها.. أي علاقة تربط هذين الاثنين واللعنة؟!

بعد مغادرة الجميع عدت مسرعة لزاويتي الخاصة، تأكدت من شكوكي حول سرقة فرانك لملفات مادي وذلك حين تمكنت من اختراق الجهاز المستلم ومحل تواجده ايضًا، عصفورين بحجر واحد.. أحسنت يا عقل مادي!

الان صرت اعرف موقع عدوي بالإضافة الى تأمين النظام ببرنامج حماية قمت بتطويره مؤخرًا مستخدمًا اصعب شفرات المرور حتى شعرت كما لو أنني في قلعة محصنة.

اقحمت نفسي بالعمل لثلاث ساعات حتى مجيء اليكس اخيرًا، ليس كما لو أنني كنت انتظره ولكنني اعتدت تطفله والتصاقه بي، حظيت ببعض الراحة في غيابه سوى ان عقلي لم يتوقف عن التساؤل اين اختفى كل هذا الوقت.. وبحسب كلام كارلا فقد كنت مستعدًا لتوبيخه لي على فعلتي لكن كل ما حصل هو تفاجؤه للحظات ثم الابتسام والاقتراب ليجلس الى جانبي

- أعلم ان الامر لا يهمك ولكن آسف على غيابي، كنت في معسكر التدريب.

عكفتُ حاجبي لوهلة ونظرت إليه

- الذي يقع في منطقة لافورد؟!

- بلى، كيف علمتِ؟

بحق الجحيم هل كان معه!! انه ذات الموقع الذي ظهر فيه فرانك صباحًا..
الجميع من حولي..
كيف لي أن اعلم ما إذا كانوا يعرفون حقيقة قتله مادي أم لا؟

•••••••

"عيادة المراجعة النفسية"

الاضاءة الهادئة والاجواء الصامتة تسود المكان مع نسمات الهواء الباردة عبر النافذة الزجاجية التي وضعت على طرفها بعض النباتات، لم أشعر بأي اضطراب او قلق او شيء سوى برودة الذراع المعدنية للكرسي.

نظرت إلى ماركس الذي كانت يديه ترتعشان وهو يأخذ حبوب الدواء، لم يكن دواءً بالأحرى بل مخدر الأمفيتامين .. يتعاطاه بإدمانٍ معتدل منذ عشر سنوات لغرض نشوة النشاط والانتباه في سبيل تطوير دراسة اختصاصه وتخطي مشاكله الشخصية اثناء ممارسة مهنته.

جلس امامي وبدأ طرح الاسئلة عن حالتي النفسية التي لم تعد تهمني، ما أمر به شيء اكبر من مجرد مرض نفسي تافه..
بقيت صامتًا فقط حتى غيرتُ مجرى الحديث وتساءلت انا بنفسي

- ألا تفهم بعد؟ انا لم آتِ هنا لتلقي العلاج! أخبرني ما الذي تعرفه عني؟

أجاب بعد أن يئِس من مجاراتي لحديثه

- كنتِ تعملين معي على بحثٍ علمي يخص الحالة النفسية لمصابي الامراض المزمنة واستطعتِ منحي ثقتك مع مرور الوقت واظنه سبب اتصالكِ بي قبل الحادث بدقائق مخبرة إياي بأنكِ كشفتِ أفظع اسرارهم وحددتِ مكان لقاءنا لتخبريني بالتفاصيل دون أن يسعفكِ الوقت لذا فقد نالوا منكِ حقًا..

- إذن.. أتعرف من يكونون؟

- منظمة سرية لهم جذور في هذه المشفى، ويُقتل كل من يقترب منهم خطوة كما حدث معكِ ذلك اليوم.. الطبيب الذي أجرى عمليتكِ بعد الحادث كان مكلفًا بقتلك او التضحية بحياته وقد مات بعد عودتك بيومين فقط.

نظرت إليه قليلًا ممعنًا التفكير في كلامه وانا أحك اظافري ببعضها قلقًا..

- انت لا تعلم اسرارهم او من هم حتى.. ما فائدتك!!

- ما أخبرك به هو أن الحادث لم يكن عرضيًا بل كان مدبرًا، اما غيره فلا احد يعرف شيئًا سوى ذاكرتك المفقودة.. وإن رغبتِ بنصيحتي فأرجو ألّا تواجهي عدوًا يفوق قدراتك، رأيتِ ما بإمكانهم فعله..

نظر إلى قدميّ ثم تنهد مواصلًا
- ولا شكّ بأن لديكِ دلائل تثبت جرائمهم فحاولي التخلص منها.

- لن أقرر شيئًا قبل عودة ذاكرتي.

ختمتُ النقاش وغادرت العيادة لأجد اليكس أمامي، هل كان ينتظرني طوال ذلك الوقت! أهذه مبالغة في الحرص والاهتمام أم مراقبة؟!

Swevenحيث تعيش القصص. اكتشف الآن