Chapter Seven

37 7 35
                                    


تقضي عمرك تهرول بلا هدف باحثًا عن منفاك خلف ما تدّعي بأنه حلمك، لتجد أنك هدرت العمر وصولًا إلى مصيرك المحتوم..

وما أنت سوى قاتل لوقتك بالشيء الوحيد الذي ينال إهتمام كامل حواسك، وبالنسبة لي كان حاسوبي مؤكدًا.
فتحته بفضولٍ عما سأطوره اليوم لأجد إشعار برنامج الحماية مبلغًا عن سحب جميع الملفات في النظام.. وكأن الحاسوب قد تمت إعادة تهيئته! دون السؤال عن السبب او هوية الفاعل، غصتُ في أعماق العمليات البرمجية بحثًا عن أي بصيص أملٍ يعيدها إلي.. لأنني وبطريقة ما إعتبرتها الرابط الوحيد بيني وبين مادي، أمضيت ساعات مِن العمل دون الإحساس بأيٍ مما حولي او كائنًا مَن كان لفرط الإنتباه والتركيز وقد أتى ذلك بثماره بعد عشرون ساعةٍ تمامًا لأهتف بصراخٍ وضحكة إنتصار لم يكن متوقعًا لتليها صرخة رعب فور رؤيتي شبح أليكس جالسًا أمامي دون أن أشعر بوجوده..

-ينتابني الفضول الآن عمّ جعلك سعيدة لهذا الحد؟

تساءلَ دون أن يفلح في كبت ابتسامته فعدت بنظري سريعًا نحو شاشتي لأكمل ما انا على وشك إنهائه.

-توقفي عن تجاهلي وأخبريني عما يجري معك فبالنهاية لن تجدي من هو أقرب إليكِ مني لتثقي به!

طرحت سؤالي عليه مباشرة: ماذا حدث البارحة مع فرانك بعد مغادرتي الغرفة؟

- تركته خلفي وحسب.. هل من خطب ما؟

اختصرت كل الشتائم التي في رأسي بنظرة واحدة جعلته يبتلع ريقه ويصمت مدركًا غباوة حركته..
•••••••

في إحدى زوايا المشفى بانتظار اليكس، تكاد تشلّ رأسي تلك الاسئلة المتراكمة فيما إذا كان فرانك واليكس متعاونان بالنظر الى ماحدث مع الحاسوب، وعن سبب سرقة فرانك لهذه الملفات المشفّرة تحديدًا وهل سأتمكن من فتحها!

-هذهِ أنتِ..

ذلك الصوت.. رفعت رأسي سريعًا محدقًا بالذي أمامي! لأرافقه دون ترددٍ إلى عيادته.

-كيف تسير معكِ الفحوصات الدورية؟

- جميعنا نعلم أنها إجراء روتيني لا خير فيه.

- إن لم يكن للعلاج الجسدي تأثير، لِمَ تسعين لقتل روحك هكذا؟

- وكأن لدي ما تبقى لإنقاذه!

-ماديسون، أعلم أنك لا تذكريني لكني اعرفك واهدافك اكثر من اي شخص آخر.

نظرت إليه مطولًا متأملًا شطرَ حقيقة وسط كل هذا الوهم

-وكيف تثبت لي ذلك؟

-ستعرفين إن سمحت لي بعلاج حالتك النفسية البائسة هذه.

نظرت إلى اللوح الموضوع على طاولته والذي نقش عليه "الطبيب ماركس وِينر - قسم الطب النفسي والعصبي" ، حسنًا بالطبع اعرف وظيفة والدي لكني تظاهرت بالجهل، لم اخطئ هذه المرة.

- لِمَ بين الجميع.. عليّ الثقة بك؟

- معرفتي سبب دفعهم لمحاولة قتلك، واتفاقهم مع الجرّاح المسؤول عن عمليتك بعد الحادث حيث أكمل خطتهم لإنهاء حياتك والتستر على أمر الرصاصة وموت ولدي آيدن.. ألا تظنين هذا كافيًا؟

غرزت قلبي نبرته المحترقة اثناء ذكره لاسمي ونظرته الحنونة كانت أصدق شيء التمسته فيه، لكن لا مزيد من الأمل في قلبي اتجاههم فقد مررت بما يكفي لأكرههم حد الموت.. وبغض النظر عن ذلك ما كل هذه المؤامرات التي تدور حول فتاة كمادي؟ استجوابه عن الأمر يحتاج وقتًا طويلًا كما احتاج المزيد من المعرفة لمناقشته في هذه المواضيع فاختصرت جوابي

- قبلتُ الاتفاق.. سنبدأ جلساتنا لاحقًا لأن عليّ الذهاب الآن، اليكس بانتظاري.

- ماذا عنه؟

سألَ قاصدًا الاخير

- لا مميز بشأنه سوى كونه ملتصقًا بي..

- اطمئني مادي، كل من أليكس وفرانك هما الأقرب لكِ.

استوقفني كلامه ذاك للحظة
بكلمة جعلني افقد ثقتي به حتى!!
ألا يعرف حقيقة فرانك؟ وهل أليكس منهم أيضًا؟ أم انه متفق مع الجميع ضد مادي!
ارتعد جسدي خوفًا حيث لم يستقر ببدني شيء سوى عقلي الذي دفعني للخروج مسرعًا من عيادته دون التفات رغم محاولته اللحاق بي ومصادفتي اليكس في طريقي، غادرت متجاهلًا الجميع حتى بلوغي ساحة المشفى ملتقطًا انفاسي بعمق.. كل ما رغبت به هو الهرب لولا قدمي المعاقتين، الخطر المطلق يحيط بي حتى أني بدأت افتقد حياتي البائسة بصفتي آيدن بدلًا من هذا السخف..

لوددت الانتحار في موقفي هذا لكن شيئًا توجب على مادي أن تعيش لأجله، وبطريقة ما أود الدفاع عنه بجانبها، لدي من الفضول مايكفي ليبقيني حيًا حتى أكشف دوافعهم الخفية، وتبعًا لهذا علي إظهار ثقتي بالجميع وأولهم ذلك القادم نحوي، اليكس.

انحنى لاحتضان جسدي بيديه قلقًا مما قد مررت به، بادلته كمبادرة أولى لمسرحية الثقة التي بدأتها وقد بانَ تفاجؤه من ذلك بابتعاده السريع عني

-أين كنتِ؟ هل أصابكِ مكروه؟ أعني.. ليس من عادتك اللجوء إلي فماذا..

قاطعتُه بابتسامة خفيفة

-آسفة لإخافتك على غيابي المفاجئ، قابلتُ طبيبًا نفسيًا واتفقنا على بدء جلسات العلاج.. لا بأس بهذا صحيح؟

- أي طبيب؟ كيف وثقتِ به!

وضعت جلّ تركيز نظري في عينيه وأنا امسك يديه مداعبًا أصابعه

- صادفته اثناء ذهابك لإحضار النتائج، إنه السيد ماركس والد آيدن وقد عرض المساعدة علي.. وافقت لعلّ ذلك يساعد ذاكرتي قليلًا فقد أخبرني فرانك مسبقًا أن سبب الفقدان صدمة نفسية وليست جسدية.

- ماذا لو كان يستدرجكِ للانتقام لموت ولده؟

-فكرت بهذا ايضًا لكنه أخبرني أمورًا تدل على علاقته السابقة بي.

حدق بي قليلًا ثم تنهد مستسلمًا

-انا معكِ في جميع قراراتك، سأحميك بكل خطوة تقومين بها لكن لن تنطلي عليّ ابتساماتك المزيفة هذه لذا كوني على طبيعتك وحسب.

••••

ماذا لو تتساقط مشاكلي عن رأسي المثقل بالصداع كما يتساقط شعري الاسود الطويل الذي أقصّه في هذه اللحظة، هل أمنيتي هذه خارقة اكثر من انتقالي لجسد مادي؟ لِمَ لا تتحقق إذن؟

Swevenحيث تعيش القصص. اكتشف الآن