2- M.I.A

468 45 29
                                    



انتهيت من أغلب محاضراتي لليوم و قد جاء وقت استراحة الغداء لأتوجه إلي مطعم الجامعة لتناول غذائي .
بعد أن اشتريت ما أريد من الطعام سمعتُ اسمي ينادي من قبل زملائي ، فتوجهت إليهم مبتسمًا ،و جلست وسطهم متناولا طعامي في صمت ، مستمعًا إلي أحاديثهم بآذان صاغية .

لا اعلم لماذا لكني تذكرت بداية مراهقتي ، حيث كنت هذا الطالب كثير الكلام الذي يشارك في كل الأنشطة و له العديد من العلاقات الوطيدة بكل مكان . لقد كان لدي الكثير من الأصدقاء و خسرتهم جميعا يُعتبر ، و لن ألومهم و أقول انهم كانوا جميعا مزيفين ، بل كنت أنا من لا يُتاق .

لقد كنت كثير الكلام ولا أعطي فرصة لغيري أن يتحدث فملوا هم من الصمت ، و كنت أميل دائما إلي أن أكون قائد كل مجموعة و المتحكم و متخذ القرارات ،و لكني غفلت عن أحقية كل صديق لي ليتخذ قراراته بنفسه .
و كنت ايضا لا انطق كلمتاي شكرا و آسف ، فقد كان داخلي اعتقاد بأن لا شكر ولا اسف بين الأصدقاء ، ولكني أدركت أهمية هذه الكلمات الصغيرة ، فقولها سيوضح مدى امتنانك أو أسفك لصديقك ، و هو له الحرية بعد ذلك أن يقرر هل من العادي قول هذه الكلمات ، أم لا وجود لها بعلاقتكما القوية .

و الكثير من العادات السيئة الأخرى كانت في و كانت سبب خسارتي لأصدقائي ، و لكني علي الأقل أدركت خطئي الآن و قد تغيرت شخصيتي الآن للأفضل فأتقنت الاستماع و أحببته ، و أصبحت أفكر بكلامي قبل أن أتحدث ، فربما كلماتي ستجرح أحدهم . أصبحت اشكر كل ذي فضل علي ، ولا اخجل من الاعتذار عن أخطائي .

أريد أن اعتذر لأصدقائي القدامى عن سوء شخصيتي القديمة .
لقد تغيرت و الشكر لهم ، فها أنا ذا عكس كل ما كنت عليه سابقا ، و أنا علي حالتي هذه من بداية ثانويتي .

و لكن منذ تغيري هذا و أنا محاصر ، أن حماقتي في الصغر تعود لي بشكل ذكريات معقدة و غير محببة إلي لتضايقني و تفسد علي يومي . أنا محاصر بذاتي القديمة .

سمعت صوت صديقي الوحيد المتبقي - و الذي لم الحظ حتي انضمامه إلينا من شدة انغماسي بأفكاري - يوجه كلامه إلي قائلا « سونجمين ، ما بالك يا صديقي ؟ » أدركت حينها أني شردت كثيرا فابتسمت بإحراج معتذرا عن شرودي ، فعاد يقول « ها أنت ذا تشرد مجددا ، أراك تشرد كثيرا مؤخرا ، هل أنت بخير ؟ »
أومأت بهدوء و ابتسمت قائلا له بامتنان حقيقي و قد بدي علي « أنا بخير ، شكرا علي سؤالك جيسونغ .»

« أمتأكد ؟ » صدر منه ذلك السؤال ل أومئ مجددا مؤكدًا كلامي .

ابتسم لي و عادي الجميع لأحاديثهم من جديد و انخرطت أنا معهم بعض الشيء حتي لاحظت أن وقت أخر محاضراتي قد حان ، لذلك اعتذرت منهم و كنت علي وشك الذهاب و لكن أوقفني جيسونغ طالبًا أن انتظره ليأتي معي ، فهو أيضاً لديه محاضرة .

اعتاد جيسونغ أن يكون صديق لي منذ المتوسطة ، لكنه الآن أصبح صديقي الأقرب ، و ربما الوحيد ، فباقي علاقتي سطحية تقتصر علي زملاء دراستي فقط .
و رغم قربي الشديد من جيسونغ إلا أننا لا نتسكع كثيرا فنحن الإثنين كسالى نعتكف بمنازلنا مفضلين الهدوء و الراحة، فلا نخرج من منازلنا إلا اذا جذبتنا سونجرين بالغصب ،بالأخص جيسونغ .
لقد كان جيسونغ من محبين الهدوء و العزلة منذ زمن ، أتذكر أننا في المدرسة المتوسطة كلما عرضنا عليه التسكع معنا تحجج ، و لكن أنا من تغيرت ، فلم أكن من محبين المكوث بالمنزل قط و لكن الآن وجدته ملازي .

بينما سونجرين ، فهي علي حالها منذ الصغر ، لقد قضيت عمري كله معها و رغم كونها أختي لكن توقع خطواتها القادمة ما زال صعب بالنسبة لي.

رغم أنني اكره ما كنت عليه سابقا و لكني افتقده بعض الأحيان ، فقد كانت حياتي مليئة بالمتعة و التنزه و المرح ، و لكن الآن ؟
فقط روتين بحت .

ربما لو كنت أنا لآن بنفس انفتاحي القديم لكنت استمتعت أنا و جيسونغ أكثر ، ربما لكنت اجذبه معي غصبا لإحدى الحدائق ، فنتمتع بالهواء النقي الذي ينتشر خارج المنزل كما يرضيني ولكننا نجلس بهدوء كما يرضيه .

و لكني أعود لإلغاء هذه التخيلات بجذبي لجيسونغ من ملابسه بالغصب لنتنزه متذكرًا أن سونجرين تفعل ذلك بدل مني بالفعل و أنني لا احتاج أن أعود لانفتاحي بوجودها بيننا .

قاطع أفكاري صوت جيسونغ و هو يقول « هل أنت حقا بخير ؟ » أومأت متعجبا من جديته و هو يسأل فعاد يقول « أنت تشرد كثيرا مؤخرًا ،و لم أعد أري ابتسامتك كثيرا كما السابق ، أين ذهبت ابتسامتك يا صاح ؟ أريد أن أراها مجددًا .»

لم أستطع الرد ، فلا اعلم أين ذهبت !
نعم أنا تغيرت و لكنى أصبحتُ شخص أفضل .
لقد اختفت شخصيتي الاجتماعية و لكن هل هذا يعني انه يجب علي ابتسامتي ايضا أن تختفي ؟

أخذت أفكر بهذا ، أقارن نفسي بنفسي ، كل نسخة مني لها عيوبها و محاسنها ، فأنا الآن علاقتي مع غيري صارت أفضل حتي و لو كانت قليلة , و لكن ماذا عن علاقتي بنفسي ؟

و سابقا كانت علاقتي مع الغير علاقات مؤذية و لكن كنت أحب نفسي حينها و كنت امرح و استمتع بوقتي .

أنا حقا مشتت .
لاحظ جيسونغ سكوتي ، فأحترم تشتتي و أعطاني مساحة من الصمت .
سرت أنا و هو في طريقنا حتي افترقنا ليذهب كل منه إلي محاضرته ، فهو لا يدرس نفس تخصصي ، فأنا تخصصي عمارة بينما هو تخصص في الديكور .

مرت المحاضرة بسلام لكنها لم تخلو من شرودي و تفكيري بكلمات جيسونغ و لكن لا بأس بهذا علي ما اظن.

حان موعد عودتي للبيت ، فأتجهت إلي موقف الحافلات مستمتعا بالنغمات المتدفقة إلي أذني من سماعتاي .

أخذت أفكر جيدا ، أنا افتقدها .

افتقد نفسي القديمة التي فقدتها في معاركي مع ذاتي ، فحتي و اذا كانت أسوأ مما انا عليه آلان ، لكنها كانت أسعد .

________

الفصل ممل شوية بس من اول الفصل الجاي هتبتدي الأحداث تظهر

دمتم بخير 💖

Hellevatorحيث تعيش القصص. اكتشف الآن