5 - Friends

283 37 9
                                    


دخلنا الجامعة وقبل أن يتجه كل منا إلى محاضرته أوقفني جيسونغ قائلًا « حسنا سأعرض عرض وعليك ألا تضيع الفرصة لأنك تعلم أنها لن تأتي مجددًا، ما رأيك بالتسكع قليلا بعد الجامعة؟ »

نظرتُ له بدهشة، هل هذا جيسونغ الذي أعرفه؟
كاره التسكع، عدو أي شيء دون فراشه؟
أومأتُ بسرعة وأنا مندهش وقلتُ « هل أنت بخير يا صاح؟ جيسونغ يريد التسكع؟ ! ! ! »
ضحك هو وأجاب « أنا بخير، لكني لاحظت أننا لم نتسكع سويًا منذ ما يقارب سنة لذا لنتسكع اليوم وأريد أخبارك من الآن أن الأمر لن يتكرر قبل العام القادم. »

ضحكت على ما قال وودعته واتجه كل منا إلى محاضرته، لقد كان لدي الكثير من المحاضرات اليوم مما جعلني انتظر نهاية الجامعة بفارغ الصبر منتظرًا موعد الانتهاء لأتسكع مع جيسونغ.
ليس كأنني من محبي التسكع أو كأنني بمزاج جيد اليوم لأتسكع، ولكن التسكع معه كانت فرصة لا تعاد، فهو لا يترك منزله كثيرًا.

انتهت محاضراتي أخيرًا، بعد الكثير من المعلومات التي تطاير نصفها بالفعل، والكثير من الشرود وبعض آلام الظهر بسبب مقاعد المدرج غير المريحة.

اتجهت إلى الساحة الكبيرة بالجامعة وهاتفت جيسونغ سائلًا عن مكانة، فقال إنه آت إلى الساحة، فقررت مراسلة أختي وأمي أخبرهم بتأخري اليوم حتى لا تقلقا وطلبت منهم إعلام أبي، فأنا لم أرد أن أعطله عن عمله.

دقائق قليلة وقد سمعت صوت جيسونغ يقول « هيا بنا؟ »
لأبتسم وأقول « هيا، ولكن لاين؟ »
وقف جيسونغ يفكر لثوان ثم قال وهو يبتسم ببلاهة « لم أخطط بعد إلى أين سنذهب ولكن هيا بنا لنسير إلى أينما ستأخذنا أقدامنا. »
شاركته الابتسام ومجددًا أود أن أقول كم أحب عفويته، فهذه العفوية ما تجعل الأمور أكثر مرحًا وأكثر راحة.

أخذنا نتجول بلا هدف وقد كنا نتحدث أحيانًا ونقوم بسماع الأغاني أحيانًا أخرى، فنحن لدينا نفس الذوق الموسيقى.
تحدث جيسونغ ليقول « من المضحك إنني من اقترحت التنزه هذه المرة وليست سونجرين. »

أنهى هو لأقول « لقد أخبرتها أنني سأتنزه معك وعرضت عليها مشاركتنا ولكنها قالت إن لديها الكثير من العمل ولن تستطيع تركه. »
صمت لوهلة ثم أكملت « أنها تجهد نفسها بالعمل كثيرا مؤخرًا وتجعلني أقلق عليها رغم كوني الأصغر، لقد أصبحت أكثر جدية وأخاف أن تفقد مرحها انشغالا بالعمل والحياة الروتينية التي يتطلبها. »

وضع جيسونغ يده علي كتفي وقال مبتسمًا ليطمئنني « لا تخف فكلانا يعلم أن سونجرين حتى وإن انغمست بالعمل وأصبحت أكثر جدية لوهلة ستظل سونجرين طالبة الثانوية المرحة التي قامت بقص شعرها طول شعرك وصبغته بالأزرق الصارخ فقد لأنها أرادت ذلك. »

ضحكت متذكرًا كيف كانت تبدو بالشعر القصير الأزرق، فقد كان مظهرها مضرًا للعين بحق.

تذكرت تلك الفترة وكم كانت تحت ضغط بدراستها، فقد كانت بسنتها الأخيرة من الثانوية وقد كانت تعتكف علي مذاكرتها طوال اليوم يُعتبر ،راغبة في تحصيل أعلى درجات ممكنة من أجل فرص جامعية أفضل.

في تلك الفترة كانت سونجرين قد انغمست بمذاكرتها تاركة مرحها خلفها جاعلة من قلقي أن يزداد، فلم تكن طبيعتها يوما أن تكون جدية، وربما تلك كانت أول مرة أراها بها بتلك الحالة، وقد كانت تفوت وجباتها أيضًا في بعض الأحيان، وتنام قليلًا فقط مما أعطى فرصة للوسائد السوداء أن تأخذ مكانا أسفل عينيها.

قد كانت فترة صعبة بالنسبة لها، ولكن فور أن أنهت أخر امتحاناتها عادت لطبيعتها، فقد عادت إلى المنزل بعد انتهاء موعد امتحانها بساعات قليلة ولكنها لم تعد مثلما خرجت بل عادت بذلك الشعر الذي جعل النظر إليها مضر لعيني.

انتشلت ذاتي من وسط الذكريات التي جعلتني أشرد مجددًا وتوقفت أمام متجر مثلجات بينما جيسونغ لم يلحظه وأكمل سيره إلى أن أوقفته قائلا «جيسونغ، ما رأيك بتناول المثلجات؟ »
أومأ قائلًا « لا بأس » لنتقدم إلى المتجر سويا، كل منا طلب نكهته المفضلة ثم غادرنا ونحن نمسك مثلجاتنا وقررنا أن نكمل تجول ونحن نتناولها.

لقد غلب علي تسكعنا جو من الهدوء منذ بدايته، فقد تبادلنا كلمات قليلة بهدوء واستمعنا إلى الأغاني بهدوء، استمتعنا بالهواء البارد الذي يدل على بداية فصل الشتاء بهدوء، وها نحن ذا نتناول مثلجاتنا بهدوء، وكم كان هذا الهدوء مفضل لكلانا.

قاطع أفكاري صوت جيسونغ يسأل بفضول « بماذا تفكر؟ »
صدقته وقلت « أفكر بكم أن تنزهنا سويا يغلب عليه جو من السلام و الهدوء مما يجعلني أشعر وكأني بحال أفضل. »
أومأ يوافقني الرأي وأكملنا صمتنا حتى رأي هو حديقة لا يتواجد بها سوى القليل فأقترح أن نجلس بها ووافقت.

جلسنا لأقطع أنا الصمت قائلا « أتذكر عندما تقابلنا لأول مرة؟ لقد كنا متعاكسين في الكثير من الأشياء كما لو كنت أنا من القمر وأنت من النجوم. »
ضحك هو وقال متعجبًا « ما بال هذا التشبيه؟ »
بادلته الضحك وقلت « لقد كنتُ حينها أشع كالقمر وكنت أنت كالنجوم تشع باستحياء بجانب ضوء القمر القوي الذي يغطي علي ضوءها الخافت. »
أنهيت كلامي ليقول هو ممثلا الدهشة « هل تسخر مني لكون ضوئي خافت؟ »

كنت أعلم أنه يمزح لكني كنتُ أتكلم بجديه حينها فأكملت « لم يكن كونك ذو ضوء خافت هو الذي يجعلك عكسي، بل كونك تشع بذاتك بينما أن فقط أشع بضوء مزيف اعكسه. »

أدرك جيسونغ جديتي ليصمت قليلًا ليرتب أفكاره ثم يقول « على الأقل كلانا كان فضائيا. »
أكمل حديثه بعدها « أتذكر كيف كنا نبدو بزي المدرسة وحواراتنا سويًا التي كنت لا أستطيع أن أوصف بها شعوري ولكن تفهمني على أي حال فأنت تعلم كل شيء عني. »
قلت أنا هذه المرة « نحن أصدقاء لما يزيد عن سبعٍ من فصول الصيف ومثلهم من الشتاء، واتمني أن يصلوا إلى الأضعاف يا صديقي، التمني ألا نتوقف عن العد سوى لعدم قدرتنا علي إحصاء كل هذه السنين ليس لأن سنواتنا معًا قد انتهت وصارت ذكرايات. »

ابتسم جيسونغ مطمئنا إياي قائلا « لأكثر من السبع يا صديقي، لا تقلق فأنا لن أرحل، فأنت صديق روحي. »


حاولت أن أغير مجرى حوارنا لأقول « إذا ماذا سنفعل الآن؟ »
لينهض جيسونغ من موقعه وهو يقول « لن نفعل شيء، سنعود لمنازلنا لأن طاقتي الاجتماعية قد نفذت، لقد انتهى رصيدي من التعامل مع البشر اليوم، أغرب عن وجهي الآن. »

بدأ هو المزاح فبادلته قائلًا « أنت تقول لي الآن أغرب عن وجهي ولكنك تحب وجودي في الصباح عندما أصحبك بسيارتي. »
ليرد هو مجاريًا إياي في مزاحي « انظروا إلى الفتي الذي كان يجلس بجانبي بحافلة المدرسة وهو يضحك كالأبله و يقول الآن سيارتي. »
ضحكتُ على ما قال، فقد تبدل الحال ولم نعد صبيان كالسابق، لقد أصبحنا فتيان بالغين الآن كل منا له حياته ومسؤولياته.
قاطع أفكاري صوته يقول « أقسم أنني سوف أرحل الآن أن كنت ستدخل بدوامة أفكارك هذه مجددًا. »

رفعت أكتافي بغير اكتراث وقلتُ « أنت سترحل بأي حال، لذا إلي إلقاء أراك غدًا، سأمر عليك صباحا لأصحبك إلي الجامعة فقد مر الكثير على آخر مرة اصطحبتك بها. »

ودعته ورحل هو مستقليًا إحدى سيارات الأجرة لأقرر أن أستقلُ سيارة أجرة أنا أيضا وارأف بقدمي التي أتجول بها منذ الصباح.


Hellevatorحيث تعيش القصص. اكتشف الآن