4- Mirror

299 35 11
                                    




اليوم أيضا لم أشعر برغبة في القيادة، أو حتى استقلال الحافلة.

استيقظت مبكرا عن معادي وقررت أن اذهب لجامعتي سيرا، فأنا لدي متسع من الوقت وربما السير صباحًا بينما نسمات الهواء النقية تنعش روحي ستخرجني من حالة الركود غير المبررة تلك.

السير صباحًا قبل جامعتي هذه عادة اكتسبتها منذ بضع سنوات، حتى قبل الجامعة وقد كنت أسير وحدي قبل موعد مدرستي، فقط السير والشوارع الشبه بالفارغة ونسمات الهواء اللطيفة حتى في أكثر أيام الصيف حرا تلطف من مزاجي الذي لم أعد افهمه.

أشعر بأن هناك شيء ناقص دائما، ولكن لا يوجد شيء ناقص بالحقيقة!
ظللت أتجول وأنا أتساءل ما هو الناقص، حتى وقفت قليلا استمتع بنسمة باردة هبت لتداعب خصلات شعري الملامسة لجبهتي.

وقفت قليلًا مستمعًا باللحظة حتى أتت هرة صغيرة تحوم حولي، أردت إطعامها لكن لم يكن معي طعام فجثيتُ أداعبها.

كانت أليفة فأخرجت هاتفي التقط لها بضع الصور ووجدت أنه يجب أنا أعود لإكمال طريقي حتى لا أتأخر.

ولوهلة أدركتُ شيء، ربما شعوري بنقص يومي ليس بسبب أن هناك مهمة نسيت إنجازها، ولكن لأن هناك شيء لم اكتشفه بعد سيكون هو متمم يومي.

ربما هواية أو موهبة، ربما شخص جديد أتعرف عليه، ربما صديق قريب، ربما عادة جديدة وربما وربما.

لو فكرت بالأمر، ربما فعلًا هناك هواية أو موهبة سأكتشفها بي، ولكن أظن أن حين أكتشفها سيكون الوقت تأخر، فمن سيبدأ باستكشاف موهبته أو هوايته وهو قد قارب على عامه العشرين!

لطالما كنتُ شخص عديم الموهبة، وذلك كان يجعلني أحسد أصحاب الهوايات والمواهب قليلًا، فهم يعملون ما يحبون ويسعون إليه.

لكن أنا، لا أسعى لشيء، حتى عندما تخصصت في الهندسة لم يكن لأني أحبها، بل لأنها كانت الاختيار الأنسب حينما قارنت الاختيارات المتاحة أمامي.

أحيانا كثيرة أتسأل عن هويتي، من أنا؟ أين أنا من تحقيقي لأحلامي؟ وما هي أحلامي أحلامي بالأساس؟

أشعر بأني لست أنا الذي اعتدته مؤخرا.

أخرجني من أفكاري صوت أعرفه جيدًا يقول « هل تتجول وحدك في الصباح مجددا؟ »
ألتفتُ إلى الذي انضم إليَّ ويسير بجانبي لأبتسم قائلًا « إن الأمر ممتع يا جيسونغ، عليك تجربته يا صديقي. »
قهقهت بخفة في نهاية حديثي ليبادلني ويبتسم بهدوء ثم يقول « إذا هل تسمح لي بأن أشاركك اليوم؟ فلقد اقتربنا من الجامعة على أي حال. »
أومأت وقلت بابتسامة « مرحب بك دائمًا. »

ابتسم لي وتكلمنا طريقنا سويًا وقد تبادلنا بعض الأحداث، فبدأنا بالاطمئنان علي أحوال بعضنا ثم عم الصمت لثوان ليقطعه هو قائلا « كيف حال سونجرين؟ لقد مرت فترة منذ أن أجبرتني على الخروج من منزلي، حتى أن حديثها معي قد قل كثيرا. »
ابتسمت وأجبته قائلًا « هي بخير ولكن هناك قضية جديدة تعمل عليها مؤخرا تجهدها، فلا طاقة لها للتنزه أو للحديث. »

أومأ ثم قال « أرسل لها سلامي وقل لها إن جيسونغ سعيد بمنزله وحده دون حديثها الطويل وانتحابها المتواصل كوني مفسد اللحظات السعيدة. »

ضحكت على ما قال، فكلانا يعلم كيف تغدو سونجرين مزعجة عندما يتعلق الأمر بمخططاتها التي يرفضها كلانا كون أن لا طاقة لنا لنترك منازلنا.

صمتنا قليلًا ليقول جيسونغ مجددًا « هل تعلم، ربما كون أن كلانا كسالى ومحبين للعزلة بعض الشيء هو ما يجعل صداقتنا مريبة ولكنها مريحة لنا. »

لقد أحببتُ كلماته العفوية التي تخرج منه دون تفكير كالعادة لأقول مبتسمًا « كوننا أصدقاء مقربين لا يعني أننا يجب أن نقضي أيامنا كلها سويا ونحن نتسكع بنوادي أو حدائق، أظن أن احترامنا لعزلة بعضنا البعض هو ما يجعلنا مقربين. »

أومأ جيسونغ متفقًا مع حديثي وصمت لثوانٍ ثم قهقهة فجأة وسأل « سونجمين، إن لم تكن سونجرين برفقتنا وإن لم نكن هذا الثنائي الصامت المريب، أي نوع من الأصدقاء تظن أننا كنا سنكون عليه؟ »

صمت لوهلة أفكر بإجابة ثم قهقهتُ قائلًا « سأميل إلى أن أكون الصديق المخرب أو المشاغب المزعج ذو المقالب، وأيضا ربما سأكون الطالب المهمل الذي لا يذاكر طوال السنة ولكنه يغش في الامتحانات لينجح ، وحياته الدراسية علي المحك، وأنت لديك الاختيار أن تكون مثلي أو أن تكون العكس تمامًا مما يجعل الناس يتعجبون من تجمع هذا الثنائي. »

قهقهتُ بخفة بنهاية كلامي لأنظر لجيسونغ لأجد ملامحه تدل علي الذهول ليقول « يا فتى أنت فقط تنتظر فرصتك لتكون فتي سيء، من يصدق أن سونجمين الطالب المثالي يميل لأن يكون شخصًا فاسد. » قهقه بتعجب في نهاية كلامه، لأدرك أن كلامه صحيح.

هذا مريب، أنا إميل لأن أكون كل ما أنا عكسه، وربما ما كانت نفسي القديمة أيضا عكسه، لقد كنت مرح ومنفتح ومتعدد العلاقات لكني لم أكن أبدًا بالطالب المشاغب أو الفاسد.

لماذا إميل لأن أكون عكسي فجأة؟
من أنا؟
أنا لست أنا مؤخرا.





Hellevatorحيث تعيش القصص. اكتشف الآن