الحلقة السابعة

301 26 4
                                    

#قلوب_غلف
#الحلقة_السابعة
#دُنيا_الشملول

مرت الأيام بروتينها الطبيعي والمعتاد.. ليأتي صباح اليوم الأخير من أيام الدراسة الأسبوعية بالجامعة، تقابلت أسيل وميار في استراحة بسيطة بين المحاضرات، تحدثت ميار ببعض التردد:
- لقد.. لقد انتهيت من قراءة العمل.
توسعت عينا أسيل دهشة وهي تسألها بذهول:
- حقًا! بهذه السرعة؟
- كان لدي وقت فراغ طويل، بما أننا في بداية الدراسة.
- في الواقع هذا رائع جدًا، والآن أعلميني بما يجول بخلدك عنها.
حكَّت جانب وجهها تبحث عن طريقة مناسبة للبدء، فتحدثت أسيل تمهد لها:
- ما رأيك بالفكرة العامة؟
- حسنًا.. هي جيدة، لا أدري ولكن الأمر بدا صعبًا بعض الشيء.
- اللغة قوية وتتعمد إيقافكِ بين الحين والآخر، أليس كذلك؟
- هذا بالفعل ما حدث.
ابتسمت أسيل وهي تقول بثقة:
- هذه بداية الطريق، دعيني أخبركِ أمرًا صغيرًا، في البداية.. ما كنتِ تدركين ماذا يحدث بالضبط، تنقِلُكِ الأحداث من مكان لآخر ثم يصدمكِ كونك بالمكان ذاته، تعقيدات اللغة أجبرتك على الزفير لعدة مرات متتالية، هناك بعض الرتابة في البداية.. ومع كل ذلك فقد أتممتِها.
- تتحدثين وكأنها أسوء عمل قدِمتِ على قراءته، وقد قمتي بترشيحه لي لتختبري مدى صبري!

ضحكت أسيل وهي تنفي برأسها، ثم وضحت الأمر ببساطة:
- بحديثك شيء واحد صحيح، ألا وهو الاختبار، لقد كنت أختبر عزيمتك، أما عن سوء العمل ففي الواقع هو أفضل الأعمال التي قرأتها إلكترونيًا رغم مساوئه.

- كيف لعمل أن يكون الأفضل مع امتلائه بالمساوئ؟!

- حينما يركِن الكاتب لإيصال فكرة بعينها، وحينما يضع لذاته هدفًا مما يكتب، وحينما تكون فكرة العمل ذاتها مختلفة في عرضها عن المعتاد، وبينما تتعلقين بشخصية ما بالعمل رويدًا رويدًا وفجأة تنتابك نوبة بكاء عارمة حينما تفقدينه بين الأحداث وكأنه أحد أقاربك، أن يكون العمل مصدر فخر لكاتبه لأنه أعمل ضميره في كتابته، حينما يكون عمله ذا رسالة واضحة دون تزييل الأمر ببعض الترهات.. هنا فقط يمكنني التغاضي عن أي خطأ وقع فيه الكاتب.

- الأمر يبدو محيرًا بعض الشيء. هلا أوضحتِ مقصدك؟
- هناك بعض الكتابات الآسرة للعقل بأحداثها وشخصياتها، ولكن حينما تغلقين العمل وتجلسين لبعض الوقت مع ذاتك تتساءلين عن رسالة العمل أو الإفادة منه، لا تجدي إجابة؛ هذا نوع من الكتابات لا يُضفي لكِ شيئًا. في الحين الذي تقرئين فيه عملًا به كم من الأخطاء اللغوية أو تعقيداتها، ولكن هناك بعض الأشياء التي لا تُمحى من أثره.. كبعض كلمات قوية تُضاف لمعجمك اللغوي، أو أسلوب فلسفي منمق، أو فكرة في حد ذاتها ذات عبرة وعظة فهذا النوع من الكتابات يترك أثرًا في نفسك.. وهنا تأتِ أهمية القراءة الهادفة.

ابتعدت بعقلها وتفكيرها عن موقع جلوسها، الكثير من الكتب الرومانسية التي قرأتها على مدار فترة طويلة لا تمت لحديث أسيل عن الأهداف بصلة، ولكن هناك أيضًا ما خرجت منه بأهداف واضحة، هناك إفادة في أمر ما من حياتها قد اتخذتها من بين سطور رواية، هناك سبيل فتحه أمامها أحد الكتب، لكنها لم تجلس ولا لمرة مع ذاتها تفكر في أمر ما تقرأ، هي فقط تشغل وقتها بالقراءة، وفضولها هو ما يسحبها لمتابعة بعض الأعمال، يبدو أن للقراءة قوانينَ أكبر من مداركها.

قلوب غُلفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن