الحلقة التاسعة

234 23 0
                                    

#قلوب_غلف
#الحلقة_التاسعة
#دُنيا_الشملول

جلس بقية الشباب بأحد جوانب النادي، وكانت فكرة آريان أن يجلسا أرضًا، وطالب أحد العمال بخفض الإضاءة، تحدث آدم إليهم وهو يداعب حشائش الأرض بأنامله:
- ما رأيكم نتشارك خبراتنا الحياتية معًا
- فكرة جيدة من شخص لا يحبذ سوى المزاح طوال الوقت.
قالها نوار بجانب عينه فتحدث آدم سخطًا عليه:
- يا إلهِ أشعر وكأنني وُلدِت فوق رأسك.
- ما كنت لأجعلك تهنأ بخفة ظلك.
- هل سينشب شجار هنا الآن؟ احترما ضيفنا على الأقل.
قالها مصطفى وهو يناظر آريان الذي ابتسم في ود لهم، وتحدث بدوره:
- أنا أحب تلك المشاحنات المازحة بين الأصدقاء، لكن أخشاها في الآن ذاته؛ خوفًا من أن يبوح أحد الطرفين بسرٍ للآخر تحت مسمى المزاح، هنا يمكنني إبلاغكم أنه لأهون على المرأ أن يُطعن بسكين بارد من أن يُباح بِسرِّه على سبيل المزاح.
صمت تام عم المكان لدقيقة، ثم تحدث آدم مؤكدًا قوله:
- أنت مُحِق، هيا لنتحدث بشكل عميق أكثر، أو يمكنني القول بأن دعونا نعطي بعضنا نصائح قد تفيد المستقبل.
وافقه الجميع ليتحدث إلى نوار قائلًا:
- هات ما عندك يا نوار.
- حسنًا.. هناك بعض الأشياء التي تمر على قلب المرء، لا يفهم لها معنى، ولا يدرك لها سبيلًا، هي مجرد  أشياء تجعله يُعمل عقله لوقت طويل حتى يجد أنه بدأ يبني أسوارًا بينه وبين تلك الأشياء التي يتعلق بها قلبه، وأظن أن هذه هي الحالة الوحيدة التي يتفق فيها العقل والقلب.
صمت وصمتت الأجواء من حوله، الجميع ينتظر أن يتابع، لكنه فقط صامت، تحدث آريان حينما شعر أن هناك ما يعتمل روحه ولا يبوح به:
- أعلِمنا بمثال عن تلك الأشياء.
أومأ وهو يناظر الفضاء مع تنهيدة قوية خرجت عن قلبه المتعب من كل شيء، عن روحه التي تحتمل فوق احتمالها، عن صدره الذي تعِب من الأحمال وثِقلها:
- كأن تكون صديقًا لأحدهم، لكنك لست صديقًا له.. أتعلم ذاك الشعور حينما تكون علاقتك بشخص هي مجرد مسمى فقط؟ هذا تحديدًا ما أقصده.. حينما يصلك شعور بأنك في علاقة لا تعطيك ولا تعطيها شيئًا تبدأ في بناء أسوارك.. ليست لحمايتك، بل لأنك ما عدت قابلًا لأن تتخطى هذه العلاقة أبعد مما كانت عليه قبل ذلك.

عم الصمت من جديد، ولكن العقول تعمل في ضجيج داخل عقل كل منهم، مصطفى يفكر في كون نوار يتحدث عن علاقته بهم، هو بالفعل يقصد ذلك لقد قالها صريحة دون تزيين، ولكن من لا يهتم فقط هو الذي لن يفهم هذه الحقيقة، بينما يفكر آدم في كون نوار يمر بحالة حب، لكنه أخفاها في معنى الصداقة، ولكنه عتب عليه ألف مرة داخل عقله أن أخفى عليهم شيئًا كهذا، بينما سبح آريان في علاقته بحسام، هما إخوة وهذا المعنى أعمق من الوصف، وفي كل يوم يُثبت حسام هذا، يكون صديقًا وقت الحاجة، وأخًا عند اللزوم، إنه مثال حي للسند.

قطع هذا الصمت وصول حسام وانضمامه لهم، سأل بترقب عن سبب صمتهم، فتحدث آدم شارحًا الأمر له، أعجبته الفكرة فسأل مجددًا عن المتحدث التالي، أجاب آدم مشيرًا إلى آريان، فأومأ الأخير وهو يتنهد بقوة كأنه يجهز لما سيقوله، ثم قال وعقله قد غادره لمكان آخر، وقلبه حزين لعدم رؤيته لها اليوم:
- سأنصحكم نصيحة صغيرة أود أن أقولها لنفسي في المقام الأول.. إذا وقع أحدكم في الحب المناسب يومًا فلا داع لأن يؤجل اعترافه بطريقة لائقة، ربما إن أضعت فرصة لا تأتيك مجددًا؛ فالحياة غير ثابتة، والأيام لن تنتظرك، والمحبوب لا يدري عن هوى دارك شيئًا، اقتحم عالمه وانتشله بقلبك كي تنعم بنعيم الحب دون ندم.

قلوب غُلفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن