الحلقة السابعة عشر

250 23 2
                                    

#قلوب_غلف
#الحلقة_السابعة_عشرة
#دُنيا_الشملول

ترمش في وهن شاعرة بثقل عينيها، عظامها تئن وجعًا، دارت عيناها الغرفة التي تعرفت إليها من رائحتها وألوانها وأجهزتها، هناك يد دافئة تمسك بخاصتها لكن عنقها لا يتحرك، تحركت أناملها تضغط اليد التي تمسكها، فتحرك في لهفة وهو يسألها ممسدًا وجهها:
- هل أنتِ بخير؟ تسنيم لقد أفقتِ، حمدًا لله.
بوهن ومحاولات مستميتة في خروج صوتها قالت:
- أبعد يديك عني.
انشطر قلبه وتألمت روحه، ثارت عينيه من جديد وهو يترك بينها وبينه مسافة، ثم انتبه لنفسه وتحرك سريعًا ينادي الطبيب الذي أتى فاحصًا إياها تحت تململها وغضبها العارم من وجود الطبيب لديها وهي بوجهها أمامه، تحدث الطبيب بروتينية:
- جميع مؤشراتها الحيوية جيدة، ولكن آنسة نوران فضلًا لا تُثاري بهذه الطريقة فهناك تمزق أربطة وقد تؤذين نفسك.
قالت شيئًا لكنه لم يسمعه، فاقترب بأذنه منها وهو يسألها عن مطلبها، تحدثت بوهن وقد هبطت عبراتها ساخنة حارقة:
- أرجوك اخرج من هنا.
عقد حاجبيه تعجبًا، ثم رفع نظراته لنسيم الذي يقف على بعد منهما، سأله نسيم:
- ماذا قالت؟
- تريدني أن أخرج
انتبه نسيم لوجهها وخصلاتها المغطاة بغطاء المشفى، ضغط عينيه معًا وهو يصاحب الطبيب إلى الباب قائلًا في تردد:
- هل من طبيبة هنا يمكنها متابعة حالتها؟
تعجب الطبيب قليلًا لكنه آثر الصمت، وأكد على وجود طبيبة فطالبه نسيم بأن تأتيها وهو يعتذر من الطبيب الذي لم يبدي أي ردة فعل سوى الموافقة بصمت. ولج لها وأغلق الباب عليهما ليجدها تنظر للسقف بثبات وعبراتها تعبر عن مدى الألم الذي تحياه الآن. عنف نفسه على طريقته في تقديم نفسه، لكن هناك أمر لا يدري كيف سيخبرها به، أو ما وقعه عليها، لن يحتمل رؤيتها بكل هذا الألم.

مر وقت صامت تمامًا، كلاهما يبكي وبينهما مسافة لا تتعدى ثلاثة أمتار، يتمنى لو يقتطعهم جاذبًا إياها بين أحضانه فينتشل عنها كل وجع، لكن الصبر يؤتى بثماره، لذا سيصبر.

بعض الوقت الآخر من الصمت والبكاء قبل أن يُطرق الباب وتدخل سيدة خمسينية، ظهر عليها العمر أخيرًا بعد أن تخلت عن قناع الموضة ومستحضرات التجميل، ولكن ذبول وجهها وعينيها كانا لسبب آخر تمامًا، تواجهت مع نسيم الذي كان كما الجماد، لن يخسرها مجددًا ولن يتركها، هذا كل ما يعرفه وإن اضطر أمره للموت هنا دون أن يُعرف عنه شيء.

خرج صوتها مهزوزًا ضعيفًا:
- اترك أمر إخبارها بالحقيقة عليّ رجاءً.
- عن أي الحقيقتين ستخبرينها؟
ابتلعت غصتها شاعرة بتقلصات معدتها الفتاكة، خرج صوتها بالكاد يُسمع:
- عنك.
أومأ وهو يلقى بنظرة أخيرة تجاهها قبل خروجه، لا يدري بماذا عليه أن يشعر الآن! أيسعد لأنها وأخيرًا ستعلم بالحقيقة؟ أم يحزن لما آل إليه الأمر كله؟! بقي هكذا يتخبط في حيرة وخوف وقلق يجعلانه يكاد يسقط مغشيًا عليه، ساعة فالأخرى، ثم صوت الباب وخروجها بمظهر تتقطع له نياط القلوب، أهدته ابتسامة لم تصل لشفتيها من الوهن، ثم غادرت تجر آلامها وخيباتها خلفها، بقي ينظر في أثرها لبعض الوقت قبل أن يتخذ قراره بالدخول لرؤيتها..

قلوب غُلفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن