الحلقة الثانية عشرة

235 21 3
                                    

#قلوب_غلف
#الحلقة_الثانية_عشرة
#دُنيا_الشملول

خرجت من محاضرتها متجهة إلى حيث تنتظرها ميار في حديقة ما بالجامعة، ألقت السلام وجلست إليها، وبعد الترحاب بينهما تحدثت ميار تسألها:
- ما طبيعة شخصية حسام؟
- لم أفهم مقصد سؤالك تحديدًا، ولكن سأخبرك بما يمكنني التحدث عنه، هو أخي قبل كل شيء، ولن أُعيب فيه، ولكنه حقًا مستفز لأبعد الحدود.
ضحكنا معًا لتتابع أسيل بحب:
- لكنه رجل بحق، سند متين، وظهر لا يميل.
- أنا فقط تائهة بعض الشيء، لا أدري سببًا لإصرار أمي وأمه على تجميعنا، أنا أحاول بقدر كبير ألا أفكر حتى فيما يريدانه منا، أعامله بسوء كبير، ورغم علمي بسوء ما أقترفه تجاهه إلا أني لا أترك مناسبة إلا وتربصت له.
صمتت أسيل لدقيقة من الزمن، تحاول أن تقول ما يتناسب مع الموقف دون حساسية، فتحدثت بكلمات مرتبة:
- اسمعيني جيدًا يا ميار، وصدقيني ما أقوله لك ليس سوى لمصلحتكِ أنتِ، وما أنصحكِ به ليس سوى ما أرضاه لذاتي، لذلك سأقولها لكِ صريحة.. لا تسمحي لشخص أن يطرق باب قلبك قبل باب بيتك، فما من محب إلا ويعقد رباطًا أبديًا مع محبوبه ليبقيا معًا، وما من رباط أبدى سوى الزواج، احذري من الحب قبل أوانه، فوالله إنه لعذاب قلب.

تنهدت بقوة ثم تحدثت فجأة وهي تتحرك:
- سأجلب لنا قهوة البندق وأعود، وستخبرينني عن رأيك بالرواية التي قرأتِها بما أنكِ قرأتِها ليلة الأمس.
وبالفعل تحركت تاركة ميار التي ضربت العبارة مقتل لديها "لا تسمحي لشخص أن يطرق باب قلبك قبل باب بيتك"، هل سيأتي اليوم الذي يفكر فيه مصطفى بأن يطرق باب بيتها؟! إنه حتى لا يعيرها اهتمامًا، لا يراها أو يشعر بها، وحسام.. حسام ليس شيئًا كي تفكر به!

أتت أسيل واضعة القهوة إلى الطاولة ونظرت تجاه ميار بتركيز، فتحدثت الأخيرة ببساطة:
- لقد كانت الفكرة رائعة جدًا، ولم أستطع ترك الرواية قبل إنهائها ما إن بدأت الأحداث تتصاعد، كانت لغته سهلة وشملت على تشبيهات كثيرة راقت لي، كان وكأنه يتحدث عن النفس البشرية، استطاع أن يصف التيه بحق ويجسده.
- هذا رائع للغاية، ألم تقابلك سقطات؟
صمتت لثوان قبل أن تجيبها في بعض تردد:
- لا أدري لماذا شعرت أنها أقل قوة من تلك السابقة! رغم أنها لا تحمل أخطاءً بقدرها على ما أظن!
- بمعنى؟
قالتها أسيل بابتسامة، لتومئ لتوضح ميار:
- شعرت وكأنني اعتدت على قوة اللغة، فلما أتتني بسيطة مع هذا العمل....
صمتت دون أن تجد حديثًا مناسبًا، تحدثت أسيل تلملم حيرتها بقولها:
- من الجيد أن تلاحظي قوة اللغة من عمل لآخر، المرأ يبدأ صغيرًا ويكبر، واللغة تُقرأ بسيطة فأقوى.. وحينما قرأت القوي منها أولًا رسخ في عقلك اندماج مع اللغة، ومع مرور الوقت ستجدين نفسك تتحدثين حتى بها في الحياة العامة، بل وربما يضايقك كثيرًا أن يمر عليك عمل يحوي أخطاءً لغوية.
عادت إلى ظهر مقعدها وقالت ببساطة:
- في المرة السابقة أعلمتك عن أي الأشياء يمكنك القراءة والاعتماد، وهذه المرة أعلمتك بجماليات اللغة.. لذلك فسأخبرك بما يجعل لغتكِ تقوى، واختياراتك في القراءة أيضًا.

قلوب غُلفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن