كريم

1.9K 58 23
                                    



اجتمع الجميع هذا الصباح في قاعة الجلوس لاستقبال كريم، أرسل الجد عاصم سائقهم الى اسطنبول لاستقباله، تأفف ياغيز وهو ينظر الى ساعته وقد تأخر اكثر من نصف ساعة عن عمله لكن جدّه أوضح له بحزم انه يمثّل كل العائلة التي اصبح هو رئيسها ولذلك، سيتناسى علاقته الطائشة وسيحسن استقبال الضيف !

نقر بأصابعه على مسند الأريكة وهو يراقب هازان التي وقفت هي وايجه ترصدان من النافذة قدوم الضيف ..
حاول أن يظهر صوته طبيعا، ولا يُبيّن غيرته وانزعاجه وهو يقول لها
" عندما عدتُ أنا لم تكوني موجودة بالبيت لاستقبالي ! "
التفتت اليه مكشرة وقالت
" ربما لانك لم تخبر أحدا بموعد عودتك ! "
رفع حاجبيه ونهض مقررا ان لا ينتظر اكثر عندما صاحت ايجه وهي تترك النافذة وتركض خارجا
" لقد وصل ! "
كادت هازان تلحق بها عندما أحسّت بشخص يجذبها نحوه لافّا يده على خصرها بتملك ليرسل رسالة واضحة للقادم، رغم معرفتها بنيّته، لكنها أرادت ان تُسعد بهذه الحركة التي تكون بسيطة بين زوجين عاديّين وتتمتّع بها ..
بعد ان تخلص كريم من أحضان ايجه التفت ليرى هازان وياغيز، صدمة علت وجهه وكاد يتصرف بتهور الا انه لمح الجد واقفا ورائهما، مد يده ليسلم على ياغيز وهو يقول
" ياغيز ! "
ابتسم ياغيز باستمتاع ليسلم عليه ويضغط على يده أكثر ويجيبه
" كريم ! "
التفت بعد ذلك إلى هازان وقال بلوم
" هازان ! "
تنهدت بقوة وتحررت من يد ياغيز لتعانق أخاها الذي تمتم في أذنها
" ماذا يفعل بجانبك ؟ "
لم تجبه فقد يكون توقع الاجابة ..
جلس  الجميع وكادت هازان تذهب لتجلس بجانبه لكن ياغيز جذبها مرة ثانية لتجلس بجانبه، لماذا لا تغضب منه، لماذا لا تنزعج من حركاته، تعلم جيّدا ان كريم قد يبدي ردّة فعل عكسية،  لكن جسدها تخلّى عنها وابدى رد فعل عكسية،  جسدها مستمتع بما يحصل، قربه من ياغيز هو الماء الذي يحيي الارض بعد موتها، جسدها ميت وياغيز ماؤه، وجسدها لم يعد يمتثل لأوامرها ..

لم تنكر ان جلوسها بهذه الطريقة، كزوجة فعلية لهذا الرجل يجعل قلبها يرفرف ..
اعتذر كريم من الجد وفضيلة عن عدم حظوره جنازة سنان واكتفائه باتصال، في ذلك الوقت عدم مجيءه كان افضل، فلقاؤه بالعم لن يكون جيدا !

استطاعا اخيرا البقاء منفردين، جلسا في الحديقة الشتوية ليسألها فورا وبدون مقدمات
" هل تزوجت ياغيز ! بعد ما فعله بك ! بعد ان تركك ! "
ابتسمت ابتسامة صغيرة دون أن تجيبه 
" مرتين أردت الهروب من السجن هازان ! مرتين ! عندما مات والدي ! وعندما تركك ذلك الحقير لأخرج وأحطم وجهه ! "
وضعت يدها على يده وهي ترجوه
" ارجوك كريم يكفي ! انا نسيت الماضي ! "
لا يزال لا يفهم، لا يزال لا يقتنع
" لكن لماذا ؟ لماذا ؟ "
نظرت اليه وقالت بتعب
" برأيك لماذا ؟ "
نظر اليها غير مصدقا وقال
" تحبينه ! تحبين ذلك المغرور الأناني ! "
ابتسمت برقة وقالت له
" لقد تغيّر ! "
" اجل لاحظت ذلك ! "
ضحكت ولم تعقب، فياغيز يتصرف كطفل هذا الصباح ..
قال وهو يشير برأسه
" انه ينتظر ان تودعه زوجته وتتمنى له يوما سعيدا ! "
التفتت ورأت ياغيز يراقبهما قبل ان يركب سيّارته، توجهت نحوه فسألها ان تقبل كريم فكرة زواجهما ..
" بصعوبة ! "
هز رأسه وقبل وجنتها فاتسعت مقلتيها، ضحك عندما رأى رد فعلها وغمزها وهو يقول
" لا تنسي نحن زوجين عاشقين ! "
انطلق بسيّارته وهو يلقي تحية بيده لكريم بينما عادت هي محمرة الوجه تتلمس بأناملها مكان قبلته ..
تابعها كأنه يتابع مراهقة في المدرسة الثانوية ورفع يديه مستسلما
" لا افهم كيف ! ولكنك فعلا تحبين ذلك اللّئيم ! "

الأرملة السوداء (قيد التعديل ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن