اجتمع أفراد العائلة هذا الصباح في قاعة الجلوس، بانتظار كريم الذي كلّف الجدّ عاصم سائقه الخاص بالذهاب إلى إسطنبول لاستقباله.جلس ياغيز على طرف الأريكة، يُقلّب ساعته بنفاد صبر، تأخّر عن عمله، وكل دقيقة تمر تزيد من توتره.
مال بجسده نحو جدّه وهمس بصوت خافت:
"الوقت يداهمني، لدي التزامات في المعمل..."رفع الجدّ عينيه إليه، وقال بصرامة هادئة:
"التزاماتك هنا أولى اليوم، يا ياغيز. لا تنسَ أنك تمثّل العائلة، وكل من يدخل هذا البيت، يدخل تحت مسؤوليتك."نقر بأصابعه على مسند الأريكة، يُخفي ضيقه خلف ملامح ثابتة، وعيناه تراقبان هازان التي وقفت مع إيجه قرب النافذة تترقّبان قدوم الضيف.
حاول أن يجعل صوته عادياً، أن يخبّئ الغيرة في طبقات نبرته، وهو يقول دون أن ينظر إليها:
"حين عدتُ أنا، لم تكوني في البيت لاستقبالي."التفتت إليه، عابسة قليلاً، وقالت بجفاف:
"ربما لأنك لم تُخبر أحداً بموعد عودتك."رفع حاجبيه بسخرية، ونهض من مكانه كمن قرر ألا ينتظر لحظة إضافية، لكن إيجه سبقته بالركض نحو الخارج وهي تهتف بحماسة:
"لقد وصل!"كادت هازان تلحق بها، غير أنّ يداً جذبتها بلطفٍ، ثم ذراعاً أحاط خصرها بتملّك واضح.
توقف الزمن لثانية، قلبها خفق بشدّة، تعلم لماذا فعلها... يعلم هو أيضاً، لكنها لم تُمانع.أرادت فقط أن تعيش تلك اللحظة.
لحظة تشبه الأزواج العاديين.
أن تشعر أنها... تخصّه.ما إن تخلّص كريم من أحضان إيجه حتى التفت، وعيناه تتعلّقان بالشخصين الواقفين قرب الباب.
ثانية واحدة كانت كافية لتُسقط على وجهه صدمة عارمة، كاد يتصرّف بانفعال لولا أنه لمح الجد عاصم يقف خلفهما بثبات ووقار.تراجع خطوة إلى الخلف، أخفى توتره بابتسامة متكلّفة ومدّ يده نحو ياغيز قائلاً بنبرة ثقيلة:
"ياغيز!"ابتسم ياغيز بدوره، استمتع بارتباكه، ضغط على يده بقوة أكبر وهو يردّ بنفس النبرة:
"كريم!"ثم التفت كريم نحو هازان، يحمل في صوته عتاباً خفياً وهو ينطق:
"هازان!"تنهدت بعمق، وتحررت من يد ياغيز ببطء، ثم اقتربت لتعانق أخاها، ضمّها بقوة وهمس في أذنها بنبرة شبه غاضبة:
"ما الذي يفعله بجانبك؟"لم تجب
لم تجبه فقد يكون توقع الاجابة ..
جلس الجميع في مكانهم، وكادت هازان أن تتجه لتجلس بجوار شقيقها، لكن يد ياغيز امتدت بخفة، جذبها لتجلس إلى جانبه، كما لو أن الأمر بديهي لا يحتاج لتبرير أو إذن.

أنت تقرأ
أخطاء الماضي
Fanfictionدخلت غرفة الجلوس .. وجدته واقفا جنب المدفئة يوتيها ظهره .. وفي يده صورة عائلتها .. تأملته .. لم يتغير .. ربما اكتسب وزنا .. وعضلاتا .. بلا شعور مدت يدها وعدلت من شعرها .. عندما اشتبك خاتمها بمشبك شعرها .. شعرت بالخجل واعادت يدها مكانها .. دون ان تن...