مُشاغبة طفولة ..

1.8K 73 40
                                    


مرّ أكثر من شهر منذ ان اتفقا على ان يصبحا أصدقاء، تلاشى التوتر واضمحلت النظرات الغاضبة، واصبح التعامل بينهما سهلا ! غريبا، مغايرا، جميلا ..
تأتي احيانا المكتب للعمل على الlogo مع فريق التصميم الذي عيّنه، تقترح بعض الأفكار وتخربش رسومات ..
لكنها تعود مسرعة للقاء سما، لتسمعها تتحدث عن يومها، مع من لعبت، ماذا تعلمت، كل لحظة تقضيها معها تشعر انها نعمة من الله، انظمت لمجموعة الاماهات على واتس اب، تقرأ كل الرسائل حتى التافهة منها والتي لا علاقة لها بأولادهم !
كانت تقرأ رسالة وصلت لها عندما اقترب منها، قرّب رأسه وهو يرى دعوة لحفلة ما ! سألها ببحة تجعلها تشعر بغرابة في كل مرة ما هذا ..
انتفضت قليلا بسبب قربه الشديد ، تكاد تشعر بحرارة أنفاسه على عنقها، ثم ارته الهاتف وقالت وهي ترفع حاجبها لتغيظه
" سما مدعوّة لحفل عيد ميلاد زيد ! "
فتحت عينيها وهي تضغط على اخر كلمة ثم انفجرت ضاحكة عندما رأت تجهم ملامحه ..

فكرت في حياتها مؤخرا، لقد كانت سعيدة، مكتفية بما لديها، عائلة تحبها، طفلة تعشقها و .. صديق، تكفيها هذه الصداقة، لا تريد اكثر من ذلك ! لا تريد ان تنسى سنان او ان يتلاشى من ذاكرتها، كان هو زوجها، ياغيز هو صديق جيد ! فقط صديق ..

ايجه وسيلين متوترتان، اقتربت الامتحانات، اجبرتهما الليلة فضيلة ان تسهرا مع العائلة لترتاحا قليلا !
اجتمعت العائلة في قاعة الجلوس، يشاهد الجد التلفاز مع فضيلة بينما جلست الصغيرة في حضن والدها تلعب بهاتفه، ايجه وسيلين لا تزالان تتحدثان عن المواد والدروس، قالت فضيلة
" يكفي ! ارتاحا قليلا ! التوتر لن يفيدكما ! "
سألت سيلين ياغيز عن المشروع الجديد واخبرته انها تفكر في دراسة التصميم، استمع اليها وشجعها، ثم سأل ايجه مالذي تريد فعله
" التمريض ! "
تحدث الثلاثة عن الجامعات وعن الدراسة الجامعيّة، تذكرت هازان كيف لم تستطع ان تقرر حتى مالذي تريد فعله لتتحول فجأة إلى ربة بيت، أحست بدموع تتجمع في عيْنيها، تركتهم وخرجت الحديقة تحاول طرد تلك اللحظات الحزينة ..
لحقها وقد لاحظ تغيّر ملامحها وسألها عن حالها ..
قبل شهر كانت ستقول له لا شيء، قبل سنة كانت ستقول له لا يهمك !
اليوم تريد ان تخبره حتى دون ان يسأل ..
قالت بحزن واختصار
" تذكرت نفسي ! حماسي للجامعة ! "
طأطأ رأسه ولم يقل شيئا ! ماذا يقول وهو من كتب بأفعاله مصير هازان في تلك الفترة ..
ربما لم يفكر ان تنقلب حياتها رأسا على عقب، لم تمر بباله لحظة واحدة ان جدّه قد يزوجها بسنان ! تسائل هل كان سيفعل ما فعله ان عام ان مصيرها سيكون زوجة لسنان !
ها عاقبها عندما تركها ؟ أم عوقب عندما تزوّجت أخاه ..
اغمض عينيه بقوّة محاولا طرد هذه الافكار من عقله ..
سألها ان ارادت دراسة التصميم لبراعتها في الرسم
هزت رأسها نافية وقالت
" معالجة نطق ومعلّمة توحد، اردت ان ادرس التعليم ثم اختص في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ! لم يكن منتشرا كثيرا منذ سنوات ! فكرت ان ادرس خارجا ! "
صمتت قليلا ونظرت بعيدا وهي تقول
" كنتُ سأخبرك بعد الزواج ! "
الم اعتصر صدره، شوق لتلك اللحظة التي لم تُعاش، لنقاشات وأحلام، لطموح الشباب ..
نظر اليها بحزن وقهر وقال بصوت خافت
" أعتذر هازان ! بسببي .. ! "
نظرت اليه فرأت الصدق في عينيه، الحزن والعجز، عجز على ارجاع الزمن واصلاح أخطاء الماضي
ضربت كتفه بخفة تحاول جعل التوتر يتلاشى وقالت له بابتسامة متكلفة
" لماذا تعتذر ؟ أنتَ وقعت في الحب ! ماذا كنت ستفعل ؟ تحب امرأة وتتزوج بأخرى ؟ "
مسح عينيه وهو يقول مخاطبا نفسه
" ماهذا الحب ! لم يجلب لنا الا التعاسة ! "

الأرملة السوداء (قيد التعديل ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن