قبل شهر أو أكثر بقليل ..

676 31 15
                                    


تجلس على حافة حوض الاستحمام وفي يدها الاختبار، يخفق قلبها بضراوة، لا تكاد تميّز ان كان السبب كل ما حصل لهم وكل الحزن الذي عاشوه مؤخرا أم انتظار  النتيجة ..
تتدحرج دمعة من عينيها، تتنهد بمرارة وتتحدّث بصوت يرتعش
" إيجابي .. "
من تخبر ؟ مع من تتحدث، مع الصمت، مع الوحدة ..
هل توقعت هذا ؟ هل اعتقدت يوما ان تقوم بالاختبار وهي في بيت كريم ..
اطلقت غصبا عنها آهة ساخرة، تتردد ان كانت تخبره برسالة أو تتصل به ..
ينفلق في الصدر حزن قارع، وجع يختزل الذكريات، التوقعات، المفاجآت ..
كل المفاجآت التي فكرت فيها، منذ اول يوم اصبحا فيه زوجا وزوجة، منذ تلك الليلة التي سرقاها من الزمن، من عالم السعادة، خطرت على بالها  يوميا افكار وافكار، تخيلت مرة انه سيكون بجانبها ينتظر، وتخيلت مرة ان تشتري له مصاصة، او ربما كانت ستخبأ صورة الايكو في مكان ما وتجعله يبحث عنها !
كم تختلف هي عن هذه الجالسة على طرف الحوض ! وكم تختلف السعادة ..
تنفلق آه من صدرها، آه مخنوقة وعملاقة ..
كم كان عمر سعادتها قصيرا ..
عمر سعادتها كان شهرا او اكثر بقليل ..

قبل شهر او اكثر بقليل ..

أمضيا اربعة ايام باسطنبول، تجولا في النهار وفي الليل يسافران لعالم المشاعر، لمنتهى السعادة ..
عندما عادا الى القصر انعكست سعادتهما على سكّان القصر، ومع نجاح الفتاتين بتفوق، عرف قصر ايجمان البهجة والسعادة ..
وزعت فضيلة الصدقات وذبحت الاضاحي وخافت من العين والحسد ..
وكم كانت محقة في خوفها !

ياغيز كان كل يوم يعشق هازان، وهازان في كل يوم كان تقع في حبه من جديد، من قال أن الرجال لا يُظهرون مشاعرهم ؟ حتما لم يعرف ياغيز ايجمان ..
الهدايا، المفاجآت وكل كلام الحب والغزل الذي يهمسه في اذنها يجعلها تذوب عشقا فيه ..
كل حركة، كل نظرة، كل كلمة تحوّلها الى فراشة  ترفرف في سماء السعادة  ..

تحررا من السنوات التي لم يجتمعا فيها، ليُخلقا من جديد، ليُخلقا  لبعض ..
عادت هازان تلك الصبية المرحة، المحبة للحياة، كمراهقة تعيش حبها لاول مرة، تراسله وتنتظر ان يجيبها، وتعاتبه ان تأخر فقط لتنتظر منه ان يراضيها ..
تترقب عودته أمام النافذة كي تركض وترتمي بين ذراعيه ..

ذات يوم قالت لها ايجه
" هل تفهمينني الان ؟ "
لماذا تراها اختها انانية، تستمتع بجعلها تتعذب، تعتقد أنّها لا تفهمها، وضعت يديها على كتفي اختها وقالت لها
" بالطبع افهمك، لا يجب أن أكون عاشقة لافهمك ايجه، ولكن حاولي فهمي أنت أيضا ! لا تزالان صغيران ! "
قاطعتها ايجه معارضة، كعادتها
" هل يجب أن نتفرق سنوات ؟ هل علينا ان نتزوج باشخاص اخرين لندرك ان من نحب ؟ "
نظرت اليها هازان بتعمّق، تحاول فهم العلاقة بين موضوعهما وجرح هازان، الاشارة الى ذلك الجرح الذي لا يلتئم وان تجاهلته، لكن اختها لا تزال تصر على جرحها، على تذكيرها ان السّعادة لا تليق بها
" الا تفكرين هازان لو لم يتركك ياغيز لكنتما سعيدان طوال هذه السنوات ؟ "
الا تفكر ! وهل يوجد شيء يكدر عليها سعادة ايامها الا هذا السؤال، لو لم يتركها ياغيز ! أو ليته لم يتركها ! أو أكثر سؤال يخيفها  ويجعل قلبها ينبض بضراوة
هل يعقل ان يتركها مجددا !
انتزعت نفسها من هواجسها، من خوفها الأوحد وقالت لاختها بحزم لا نقاش فيه
" هذا قراري ! لا علاقة بينك وبين ياسين ! ليس قبل أن تنهيا دراستكما ! "

الأرملة السوداء (قيد التعديل ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن